خطبة عيد الفطر ألقاها فضيلة الشيخ الحبيب المستاوي -رحمه الله- بجامع مقرين العليا: الصبر بداية النصر وبدونه لا يدرك فجر ولا يحصل أجر
الله اكبر ما تصافحت الايدي والقلوب الله اكبر ما تحقق للصابرين نيل المرغوب الله اكبر ما ما تباشر المسلمون بيوم العيد وارتبطوا فيه مع دينهم بموثق جديد الله اكبر ما اعتبر المعتبرون وتبصروا وما اقلع التائبون عن ذنوبهم وازدجروا الله اكبر من كل كبير وعظيم سبحانه وتعالى انه الرب الكريم والموئل الرحيم. عدد نعمه التي لا تحصى ومواهبه التي لا تستقصى ونتقرب اليه سبحانه وتعالى بالصلاة على من اجتباه وارتضاه سيدنا محمد النبي الاواه صلى الله عليه وعلى اخوانه من النبيين ومن اتبع طريقه واقتفى خطاه
أما بعد ايها المسلمون ان لكم من امثال هذا اليوم ما تتمكنون فيها من محاسبة انفسكم وتجديد عهدكم واصلاح ذات بينكم لانكم تتوجهون في وقت واحد نحو قبلة واحدة لتعبدوا الها واحدا مرددين هتافا يحبه الله ويزعزع اركان اعداء الله هو شعار المسلمين عند ملاقاة كل امر عظيم الا وهو الله اكبر الله اكبر الله اكبر ان هذه الجملة اذا خرجت من قلوب تغلغل في سويدائها الإيمان لا بد ان تتزعزع من وقعها اركان الجبروت والطغيان. ولذلك ندب المسلمون لاستشعارها وترديدها عند رؤية كل غريب وعجيب ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم واطمئنانا مع اطمئنانهم حتى لا ينزلقوا في حضيض الصخب والوهن وبذلك يصبحون عرضة للمهانة والمحن وترديدها في يوم توديع رمضان ليتقنوا انه لا يبقى ولا يخلد الا الواحد المنان وان جميع الشدائد التي نمر بها ان هي الا ضرب من الامتحان فهنيئا للصابر الغلاب لان الله سبحانه وتعالى يقول (انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب) وكم في ديننا الحنيف من تشريعات واحكام جاءت لتركز صفة الصبر في قلوب المؤمنين لان الصبر بداية النصر وبدونه لا يدرك فجر ولا يحصل اجر ولهذا لم يكتف الاسلام بالتحريض عليه بالطرق القولية بل اراد تمكينه وتثبيته بالطرق العملية. وما الصوم الا ذلك الدرس البليغ في الصبر والعزيمة الذين بدونهما لا تكون للانسان قيمة فما اجدرنا ان نكون السباقين لكل كريمة لان كل شدة تنتهي وكل غمة تنجلي ولا خلود الا لله وحده فسبحان الله والحمد لله والله اكبر الله اكبر الله اكبر
وداعا يا رمضان وداع من اغترف بطلبك، ومن الزم قلبه وطبعه بحبك لقد ذكرتنا بمنن الله التي ليست لها نهاية ولا يمكن ان تعرف لها بداية ان في رمضان وصومه للمسلمين لآية: الا ليتنا نسمو لمستوى تشريعات ديننا الحنيف حتى نكون من اولى العرض النظيف والعقل الحصيف وبذلك ندرك في الحياتين ما نتمناه ونحفظ من كل ما يبيت لنا من شر نخشاه لانه لن يغل ابدا من يتولاه الله (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون)
ايها المسلمون ارجعوا رعاكم الله الى جادة الاسلام والتزموا سبيله فانه لا نجاح الا اذا اتبعنا احكامه وتنزيله ولم نهمل صغيرة ولا جليله لقد طال ابتعادنا فهل من رجوع؟ لقد قست قلوبنا فهل من خشوع؟ ان ما نحن فيه ليستحق ان تذرف من اجله الدموع لقد اصبحنا اذلة وما نحن باعزة اننا غثاء كغثاء السبيل فالى متى يطول على الامة هذا الليل؟ هزمنا اقل الامم قيمة وعددا وابى الله ان يبعث لنا من لدنه مددا حتى اصبحنا في كرب شديد وما ربك بظلام للعبيد
لقد هجرنا السنة والكتاب وابتعد الاحباب عن الاحباب وانتشرت في ارض الاسلام اسباب التباب ها هي بيوت الله مهجورة وهاهي المواخير والحانات معمورة والى متى تبقى دماء الفضيلة مهدورة؟ هلا رجعنا عما الفناه من عداء وشقاق ! هلا اقلعنا عما تعودناه من كذب ونفاق ! هلا حاسبنا انفسنا حسابا عسيرا ! اذ لا يجد الظالمون حميما ولا نصيرا ويرى المسرفون ان آمالهم كانت سرابا (يوم يعض الظالم على يديه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) الا فلنرجع لديننا ما كان عليه من فتوة فان ذلك وحده هو سبيل القوة ولتكن الاعياد فرصا للتراحم والتواصل ولنبعد عن ديننا ما ليس منه من اسباب الكسل والتواكل
واعلموا ان صلاح المجموع لا يتاتى الا اذا صلح الافراد وصلاح الاعمال لا يمكن الا اذا صلح الفؤاد فطهروا رعاكم الله سرائركم وانظروا الى الدين ببصركم وبصائركم فانه وايم الله ملئ بالانوار والاسرار وانه لخير كفيل بالغلبة والانتصار وبدونه لا يمكن ان نظفر باستقرار ولا بازدهار ولقد اقام الله سبحانه وتعالى علينا الحجة منذ ان قال بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان الرحيم (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ونهديهم الى صراط مستقيم) اخذ الله بيدي وايديكم للسير وفق سير القرآن واجارنا جميعا من كيد الشيطان ومكر الانسان وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم