ليلة القدرهي ليلة بداية نزول القران ومتنقلة بعد ذلك في السنين حسب الشيخ ابن عاشور

ليلة القدرهي ليلة بداية نزول القران ومتنقلة بعد ذلك في السنين حسب الشيخ ابن عاشور


كتب محمد صلاح الدين المستاوي

في تفسير التحرير والتنوير لسماحة الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله درر انفر د بها تضمنتها اجزاء اجزاء هذاالتفسيرو التي تعد صفحاتها بالالاف والتي قضى مايزيد عن خمسين سنة من عمره المبارك يحقق ويدقق ولم يحبر ماحبر في هذا التفسير إلا بعد أن اطلع على اقوال من سبقوه من المفسرين من ابن عباس والطبري والرازي والزمخشري والبيضاوي وابن عطية والقرطبي وابن العربي والجصاص وابي السعود والالوسي وعبده ورشيد الرضا والقائمة طويلة ومكتبة ال عاشور زاخرة بها جاء الشيخ ابن عاشور رحمه الله متاخرا عن كل هؤلاء ولذلك فله فضل الاطلاع على ما اتى به الاوائل وتهيا له أن يتعقب بالتمحيص والتدقيق والتصويب والتوجيه ماجاؤوا به في تفاسيرهم .

وهو من هو في غزارة علمه وسعة اطلاعه ورجاحة عقله وبعد وعمق وشمولية نظره والذي يكفي برهنة عليه انه باعث ومحي علم مقاصد الشريعة الذي له فيه تاليف مستقل يحمل هذا العنوان (مقاصد الشريعة) والذي يعد امتدادا ومواصلة لكتاب ا لموافقات الإمام الشاطبي ثم ان الشيخ الإمام رحمه الله هومن دعاة الاصلاح في العصر الحديث وكتابه ( اليس الصبح بقريب) في اصلاح التعليم الزيتوني الذي هو نموذج للتعليم الديني في كل من القرويين والازهر خير دليل.. قد اكون ا طلت بهذه المقدمة التي ا ردت أن اتخذها مدخلا للا تيان ببعض ما استوقفني وا نا اطالع (التحرير والتنوير) و استمتع بالعيش مع الشيخ الطاهر رحمه الله في تدقيقاته وتحقيقاته والفرائد التي جاء بها ولم يسبق اليها . والجدير بالتنويه انه لاتكفي القراءة الواحدة للنص العاشوري لا د راك مايريد الشيخ أن يصل اليه ويبلغه مما تضمنته هذه الموسوعة القرانية.

ولا أبالغ أو أغالي إذا اطلقت على التحرير والتنوير ذلك الوصف. واستسمحك ايها القارئ في ايراد بعض ماجاء في تفسير سورة القدر( انا انزلناه في ليلة القدر..). - يقول ان افتتاح السورة بحرف (ان) و في ضمير العظمة واسناد الانزال ( إلى الله) تشريف عظيم للقران .وفي الاتيان بضمير القران دون الاسم الظاهر ايماء انه حاضر في اذهان المسلمين لشدة اقبالهم عليه فكون الضمير دون سبق معاد ايماء إلى شهرته بينهم. - و يجوز أن يراد به القران كله فيكون فعل" انزلناه" مستعملا في ابتداء الانزال لان الذي انزل في تلك الليلة خمس ا لايات الاولى من سورة العلق. -

وهذه الايات الأول من القران نزلت ليلا حسب حديث عائشة الوارد في الصحيحين وكان تعبد رسول الله صلى الله في غار حراء ليلا وخرج من الغار اثر الفجر بعد انقضاء تلقينه الايات الخمس اذ يكون نزولها عليه في اخر تلك الليلة وذلك افضل اوقات الليل كما قال تعالى'' والمستغفرين بالاسحار'. - وليلة القدر اسم جعله الله لليلة التي ابتدىء فيها نزول القران. - والقدر الذي عرفت به الليلة بالاضافة اليه هو بمعنى الشرف والفضل. - ثبت أن ابتداء نزول القران كان في شهر رمضان قال تعالى ( شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان). - أكثر الروايات أن الليلة التي انزل فيها القران على النبي صلى الله عليه وسلم كانت ليلة سبع عشرة من رمضان. - ( وما ادراك ما ليلة القدر) وكلمة (ما ادراك ما )كلمة تقال في تفخيم الشيء وتعظيمه واعيد اسم ليلة القدر قصد الاهتمام بتعيينها. - ( ليلة القدر خير من الف شهر)

وتفضيلها بالخير من الف شهر إنما هو بتفضيل مايحصل فيها من الاعمال الصالحة واستجابة الدعاء ووفرة ثواب الصدقات والبركة للامة فيها.. ففضلها بما اعده الله لها من التفضيل كتفضيل الثلث الاخير للقربات. - (تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر) وفي ذلك دلالة بينة أن الله جعل مثل هذه الفضيلة لكل ليلة من ليالي الأعوام تقع في مثل هذه الليلة من شهر نزول القران كرامة للقران ولمن انزل اليه القران وللدين الذي نزل فيه وللامة التي تتبعه. - الا ترى أن معظم السورة كان لذكر فضائل ليلة القدر فما هو إلا للتحريض على تطلب العمل الصالح فيها. فان كونها خير من الف شهر اوما إلى ذلك وبينته الاخبار الصحيحة. - والتعبير بالفعل المضارع في قوله ( تنزل الملائكة) مؤذن بان هذا التنزل متكرر في المستقبل بعد نزول هذه السورة. -

و ليلة القدر التي ابتدئ فيها نزول القران قد انقضت قبل أن يشعر بها احد عدا محمدا صلى الله عليه وسلم.. فلولا ارادة التعريف بفضل الليالي الموافقة لها في كل السنوات لاقتصر على بيان فضل تلك الليلة الاولى ولما كانت حاجة إلى تنزل الملائكة فيها ولا إلى تعيين منتهاها. - وفي ذلك تعليم للمسلمين أن يعظموا ايام فضلهم الديني وايام نعم الله عليهم. - وحكمة اخفاء تعيين ليلة القدر ارادة أن يكرر المسلمون حسناتهم في ليال كثيرة توخيا لمصادفة ليلة القدر كما اخفيت ساعة الاجابة يوم الجمعة وتعيين ما يماثل الليلة الاولى لنزول القران في ليالي رمضان في جميع السنين - ان ليلة القدر ليست معينة مطردة في كل السنين بل هي متنقلة في كل السنين بل هي متنقلة في الأعوام وانها في رمضان والى ذلك ذهب مالك والشافعي واحمد واكثر أهل العلم قال ابن رشيد وهو اصح الاقاويل واولاها بالصواب وعلى انها متنقلة في الأعوام فاكثر أهل العلم على انها لاتخرج عن شهر رمضان والجمهور على انها لاتخرج عن العشر الاواخر وقال جماعة لاتخرج عن العشر الاواسط والعشر الاواخر. -

ويمضي فضيلة الشيخ الإمام في بيان بقية ما في سورة القدر متوقفا عند كل كلمة من كلماتها المفاتيح( الملائكة . الروح. سلام. حتى مطلع الفجر) لايترك شاردة ولاواردة مما له صلة بالمعاني التي هو بصدد تفسيرها في هذه السورة وفي سواها و منظلقه الاول المعاني اللغوية التي هو إمام فيها اذ لاسبيل إلى الخوض في بحر التفسير دون التمكن من اللغة التي انزل بها القران وسماحة الشيخ الإمام رحمه الله هو ابوها وكيالها كما يقال.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.