جواز عملية التجميل التي ليس فيها تغيير لخلق الله
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين - (يسالونك قل..) للشيخ محمد الحبيب النفطي
السؤال: يقول السائل الكريم منير بن عزوز: فضيلة الشيخ ، يسعدني أن أطرح عليكم مشكلتي هذه لعلكم تدلني بعون من الله على ما لا يغضب الله سبحانه وتعالى. سيدي الشيخ لقد أصبح لدي مركب نقص وأصبحت متعرضا الى سخرية الناس وذلك بسبب طول وكبر أنفي وأصبحت أتحاشى مقابلة الناس وفكرت في إجراء عملية تجميل على أنفي ولا تهمني التكاليف المادية بقدر ما يهمني أن أصبح انسانا عاديا كأيها الناس مع الحرص على أن لا أتعرض الى غضب الله لا قدر الله وأرجو سيدي الشيخ من الله عز وجل أن يدلكم الى ما فيه الخير والسؤال الموجه اليكم هو الآتي: ما هو حكم الاسلام في إجراء عملية التجميل هذه؟ وبعبارة أوضح هل هو حلال أم حرام؟ والسلام
منير – القيروان
الجواب: اعلم أيها السائل الكريم أنه قد ورد في الحديث النبوي الشريف قوله عليه الصلاة والسلام (ان الله جميل يحب الجمال)، وورد في القرآن الكريم قوله تعالى (وصوركم فأحسن صوركم واليه المصير) الاية3 من سورة التغابن وفيما يبدو ليست عملية تجميل الأنف التي أشرت اليها في الحديث الذي لعن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة) وفيما رواه عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات المتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله) أخرج الحديثين صاحبا الصحيحين البخاري ومسلم ذلك ان فقه الحديث يدل والله اعلم على ان هؤلاء النسوة اللاتي استهدفن للعن الله تعالى انما خلقن سويات عاديات لا تشويه في خلقتهن وهن يردن ان يغيرن خلق الله من تفليج الاسنان وتزجيج للحواجب التي زينها الله تعالى بالشعر وتزويق للوجنات والايدي والانوف بالاصبغة الدائمة التي لا تزول الا بزوال صاحبها هذا وقد ذهب بعض العلماء منهم الامام ابن جرير الطبري الى انه لا يجوز للانسان ان يزيل السن الزائدة عن منابت الاسنان العادية او تقصير السن الطويلة البارزة عن أخواتها بل منع المرأة حتى من نتف شعر اللحية والشارب لو نبتا في وجهها أخذا بظاهر الحديثين المتقدمين كذلك وافقه القاضي عياض من علماء المالكية على منع قطع الاصبع الزائدة خلقة وأشباهها، ولكنه استثنى جواز قطع الاصبع الزائدة اذا كات مؤذية لصاحبها أو مؤلمة له فيجوز قطعها حينئذ لكن ذهب بعض العلماء الى جواز ازالة العضو الزائد خصوصا اذا كان مؤذيا او مؤلما ويمكن ان يستأنس بهذا الرأي كدليل على جواز إجراء عملية تجميل الانف المسؤول عن حكمها شرعا كيف وان هذا التشوه في الانف طولا وكبرا قد آذى صاحبه شديد الاذى حتى اصبح يشعر بمركب نقص عرضه للسخرية والاستهزاء وربما ينفر منه النساء اذا أراد خطوبة إحداهن أضف الى ذلك ان هذا التشوه قد جعل صاحبه يفر من لقاء النساء ومما يروى في التشوه بكبر الانف وطوله هو أن أحد قضاة الدولة العباسية كان كبير الانف طويله فكان يتندر به الادباء والشعراء اذا لاقوه فيقولون له (السلام عليكما) بضمير التثنية وهم بذلك يقصدون شخصه وانفه وهذا من أمر السخرية وأحزها في النفس وعليه فأنا مع الرأي الثاني للعلماء المجيزين لازالة الزوائد غير العادية في أغلب الناس لكن بشرط ان تكون عملية التجميل هذه ناجحة تجعل صاحبها عاديا كعامة الناس أي بأن لا تؤدي الى تشويه أشد مما كان أو مساو له والله اعلم
السؤال: يقول السائل الكريم الذي رمز لاسمه (م): هلك هالك وترك عقارا اكتسبه من مال حرام وترك هذا المتوفي ابنا وأمه سيرثان قطعا هذا المخلف فهل سيبقى هذا العقار الذي خلفه هذا المتوفي على حرمته مع العلم ان الحرام لا يتعلق بذمتين كما يقولون؟ فهذا الابن يقول اذا كان المخلف حلالا ارثه له ولأمه فإن أباه مدين بما يقارب نصف ثمن المنزل المذكور وعليه فان هذا الابن يريد ان يبيع العقار ويقضي من ثمنه الدين المذكور ويبني بالباقي مقهى فيكون مورد رزقه من هذه المقهى حلالا طيبا مباركا فيه لذا أرجو من حضرتك جناب الشيخ محمد الحبيب النفطي الرد الشافي في أقرب وقت لتزول حيرتي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والســـــــــــــلام
الجواب: اعلم اولا ايها السائل الكريم ان في قاعدة الحرام لا يتعلق بذمتين استثناء وهو ان الذمة غير المباشرة للحرام اذا كان صاحبها يعلم ان الذمة المباشرة للحرام من سرقة او غصب او غيرهما فان الحرام حينئذ يتعلق بالذمتين معا المباشرة وغير المباشرة لان ذلك يكون من باب التعاون على الاثم والعدوان قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) الاية2 من سورة المائدة وان كانت الذمة غير المباشرة للحرام لا يعلم صاحبها بمباشرته الذمة المرتكبة للحرام وذلك بان يأكل مع صاحبها او شرب او لبس او أهدى اليه صاحب الذمة المباشرة للحرام او تصدق عليه او ورث مالا او عقارا من صاحب الذمة المباشرة للحرام وهو يعلم أصل ذلك المال الذي أهدي اليه او ورثه فان الحرام حينئذ لا يتعلق بذمتين وانت ايها السائل الكريم لم تذكر لي المال الحرام الذي امتلك به هذا الانسان المتوفي من اين امتلكه؟ ثم ان هذا المتوفي صاحب العقار الممتلك من مال حرام قد توفي وعليه ديون استدانها في حياته ولم يترك مخلفا الا العقار الممتلك من مال حرام فحينئذ يكون تعلق بتركة هذا المتوفي حقان: الديون التي في ذمته وحق الورثة وقضاء الديون التي في ذمة هذا المتوفي مقدم على حق الورثة بشرط ان تكون الديون ثابتة بوثائق رسمية او بوصية المتوفي بخلاص تلك الديون من تركته وما بقي من ثم هذا العقار فلورثة هذا المتوفي اعني المرأة وابنها ان كانا مضطرين لاتخاذ مورد رزق يرتزقان منه وليس لهما مورد رزق آخر حلالا صرفا، أن يتخذا من باقي ثمن هذا العقار مقهى يرتزقان منه والضروريات تبيح المحظورات انظر ج2 من كتاب احياء علوم الدين للامام الغزالي رحمه الله من ص123 الى صفحة129 وانظر فتاوى ابن تيمية رحمه الله المجلد 29 ص309 والله الموفق