عائد من الجزائر
عدت أخيرا من رحلة قادتني الى البلد الشقيق الجزائر أين شاركت في الملتقى الدولي الذي يعقد سنويا في مدينة غليزان بالغرب الجزائري بتظيم من وزارة الشؤون الدينية و الاوقاف و ولاية غليزان و قد تمحور هذا الملتقى حول التربية الروحية و دورها في تحقيق السلم و أشرف على افتتاحه الدكتور محمد عيسى وزير الشؤون الدينية و الاوقاف بخطاب يعد بحق خريطة طريق ضمنه توجهات عمل وزارته في الحقل الديني في اطار الحفاظ على المرجعية الوطنية التي هي عقيدة أهل السنة و مذهب الامام مالك و طريقة الجنيد السالك و تصديها لكل النعرات المذهبية و الطائفية الدخيلة على الجزائر و شعبها و لا ينفك الدكتور محمد عيسى يذكر بهذه الثوابت و الخصائص في كل الملتقيات التي يشرف عليها على امتداد التراب الجزائري و يبلورها في لقاءاته المتتابعة مع وسائل الاعلام مقروءة و مسموعة و مرئية و حتى الافتراضية منها حيث دعا في أكثر من مناسبة الاطراف الدينية الى اقتحامها تصد لما تبثه من فرقة و فتنة و تنازع و اختلاف يستهدف فئة الشباب بالخصوص.
و الملتقيات الفكرية في الجزائر لا يكاد ينقطع انعقادها تدعو اليها الوزارة و المجلس الاسلامي و تنظمها الجمعيات و الزوايا التي لها حضور كبير في الجزائر بما تخرجه من حفاظ للقران و أطر دينية رفيعة تجمع بين التفقه في الدين و الاستقامة و يشهد للزوايا و هي بالعشرات ان لم نقل بالمئات أنه لم يتخرج منها ارهابي و لا متطرف و هي من تصدت للجرائم الارهابية في التسعينات من القرن الماضي(العشرية السوداء) و خرجت منها بفضل المصالحة و الوئام الوطني الذي انخرط فيه الجزائريون بكل فئاتهم : شعبا و جيشا و هيات.
و قد شرفني الاخوة القائمون على الملتقى (الاستاذ بوزيان بلكة مدير الشؤون الدينية بغليزان) اذ طلبوا مني للمرة الثالثة على التوالي القاء كلمة باسم الضيوف الذين جاؤوا من فلسطين و الكويت و العراق و لبنان و الاردن و مصر و السودان و المغرب و تونس و كانت مناسبة لتحية الجزائر و شعبها الكريم المضياف و تحية علمائها و شيوخ الزوايا و رثة الانبياء الذين ينشرون المحبة و الاخاء و السلام و ذكرت بما لبلدان الشمال الافريقي (ليبيا و تونس و الجزائر و المغرب و موريتانيا) من روابط علمية و روحية (ففي القيروان بنى عقبة مسجده ثم مضى صوب المغرب الى أن وصل المحيط الاطلسي ليقفل راجعا حيث يلاقي وجه ربه في المغرب الاوسط بارض الجزائر حيث يرقد جثمانه الطاهر في مدينة بسكرة) ذكرت بذلك و بغيره من خصوصيات اسلام أهل الشمال الافريقي التي تشتد اليها الحاجة في هذه المرحلة من تاريخ هذه الربوع الطيبة.
و كانت لي الى جانب المشاركة في ملتقى غليزان أنشطة أخرى تمثلت في دروس و محاضرات القيتها في مساجد غليزان و في ولاية البليدة التي أبى مدير الشؤون الدينية فيها الاستاذ كمال بالعسل الا أن يضع لي برنامجا ثريا حيث انتقلت الى عدة دوائر لالقي دروسا وسط حضور كبير تقبل ما استمع اليه بكل ارتياح و رغبة ملحة في الاستزادة منه في مستقبل الايام و قد اغتنمت فرصة وجودي بالجزائر لحضور افتتاح دورة علمية أقامها اتحاد الزوايا الجزائرية الذي يرأسه الدكتور عمر محمود شعلال و هو طبيب قلب منحدر من أسرة علمية كبيرة في الغرب الجزائري.