قصة الشيخ الحبيب المستاوي مع صديقه اليهودي حتاتو
قصة الشيخ الحبيب المستاوي مع صديقه اليهودي حتاتو
كتب محمد صلاح الدين المستاوي
ذكرتني فعاليات الاحتفالات الدينية اليهودية التي اقيمت اخيرا بالغريبة في جزيرة جربة بالعلاقة الوطيدة التي كانت تربط بين الشيخ الوالد الحبيب المستاوي وصديق له يهودي يدعى حتاتو والتي امتدت الى عقود طويلة هناك في تطاوين عيث عاشا ردحا من الزمن وفي تونس العاصمة عندما انتقل اليها الشيخ للعمل بالكلية الزيتونية حيث ظل يتردد عليه صديقه حتاتو وكان يجلسان لفترات طويلة امام محل الحاج علي بوليفة رحمه الله بنهج الجزيرة على مرأى من المارة الذين ما كانوا يرون غضاضة في جلوس شيخ بجبته وعمامته الى يهودي متمسك بزيه المميز وما الغرابة في الا مر وهل في تعاليم الدين ما يمنع من ذلك ؟
فالرجلان عاشا مع بعضهما السنين الطويلة في كنف الاحترام المتبادل وتعاملا مع بعضهما مثلهما مثل كل ابناء تطاوين في اقصى الجنوب التونسي وكذلك كان الامر في المدن والقرى التي عاش فيها اليهود وقد استمر الامر كذلك الى اوائل الثمانينات من القرن الماضي وكان شيوخ الزيتونة يعطون القدوة والاسوة وهم بذلك على هدي سيد الانام عليه الصلاة والسلام الذي قام اجلالا لجنازة يهودي مرت امامه ولما استغرب ذلك بعض الصحابة قال لهم رسول الله اليست نفسا اليست نفسا ؟ ظلت كما قلت العلاقة بين الشيخ وصديقه حتاتو الى اخريات حياتهما وذات مرة دار بينهما حديث غريب عجيب فقد قالا لبعضهما: كل منا يؤمن بدين وكل منا يعتقد ان دينه هو الحق وقالا كل منهما للاخر: ماالعمل؟
يوم القيامة فلا بد ان يكون احد الدينين هوالحق وهو الصواب والله هو وحده العالم بالدين الحق ونحن نريد ان نكون مع بعضنا البعض فكرا مليا ثم قالا لبعضهما: هيا بنا ندعو الله ان يميتنا على خير الاديان وامن كل منهما على هذا الدعاء ذكرتني هذه الواقعة بسؤال القاه علي الدكتور قبريال قابلة وهو تونسي من يهود جربة يعيش في باريس وقد حضر في مسامرة رمضانية القيتها في احدى ليالي شهر رمضا ن في بوتزاريس ركزت فيها على قيمة التسامح في دين الاسلام و كانت الصحف والمجلات العربية في تلك الفترة تحمل اليهود مسؤولية الكيد للرئيس الامريكي كلنتن فيما وقع له مع المتعاونة مع البيت الابيض( وهي بنت جميلة) قال لي الدكتور قابلة (ولعله اراد ان يختبر مدى مصداقيتي فيما كنت اقوله عن التسامح وهل انا مقتنع فعلا بذلك) ويشهد الله انني اجبته بكل مصداقية: قال لي هل تعتقد ان اليهود هم من دبروا المكيدة لكلنتن ليقع فيما وقع فيه ؟ قلت له: دعك مما يقولون اليس رجلا، أهو معصوم ؟ و لست أدري هل اقتنع بما قلت له أم لا ، اما انا فقناعتي راسخة بقيمة التسامح فقد تشربتها منذ نعومة اضفاري من والدي الشيخ الحبيب رحمه الله الذي رايت فيه مثال التطابق بين الظاهر والباطن و رأيت فيه السماحة وابتغاء العذر للمبتلين وتلك قصة اخرى سيأتي بسطها في حلقة قادمة ان شاء الله.