هموم دعوية (نشرت بجريدة اللواء الاسلامي القاهرة)
بقلم الاستاذ حازم عبده
في رحاب البيت العتيق بمكة المكرمة جمعني اللقاء الاسبوع الماضي بثلاثة من الاخوة الاصدقاء التونسيين المفكر الاسلامي الدكتور صلاح الدين المستاوي والشيخ جعفر الشريف امام بجامع الزيتونة والمهندس السيد عبد العزيز الطالبي كانت الدعوة وهمومها وما أصابها من وهن وتراجع في ظل حاجة ماسة للمسلمين بخاصة في البلدان الفقيرة وفي البلدان التي يعيش فيها المسلمون كأقليات في مختلف البلدان الاسلامية صاحبة النصيب الأكبر من حديثنا
*الدكتور المستاوي صاحب باع طويل في مجال الدعوة ونشر الاسلام الوسطي بخاصة في القارة الاوروبية والعديد من دول القارة الافريقية بادرني بسؤال ما هي المؤسسات الاسلامية القائمة التي لديها نشاط حقيقي في خدمة المسلمين؟ كان السؤال لافتا لي خاصة وأن الرجل أعلم مني في هذا الشأن لكن استوقفتني كلمة "حقيقي" في سؤاله هذه الكلمة التي نكات جراحا بداخلي رأيتها في العديد من زيارات لدول اسلامية غير عربية أو لأقليات مسلمة وهم يشكون من مظهرية الكثير من المؤسسات الاسلامية العربية التي تأتي لتنقل اليهم صراعاتها وأمراضها بدلا من مد يد العون اليهم بل ان بعضها كان يشترط للمساعدة اتباع مذهب معين أو فكر معين أو التزام بأجندات معينة أو رفض أية مساعدة من أية منظمة غيرها ولعل الوحيد الذي استطاع أن يتعامل مع مؤسسات الدول الاسلامية على تناقضاتها واختلافاتها في الأقليات الاسلامية هو المهندس محمد يوسف هاجر الأمين العام للمنظمة الاسلامية لأمريكا اللاتينية والكاريبي ومقرها الارجنتين فالرجل يمتلك علاقات قوية مع رايطة العالم الاسلامي السعودية والاوقاف الكويتية والتركية والمصرية والازهر ومع المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم التي تعتبر المظلة للمنظمة الاسلامية لأمريكا اللاتينية التي يقودها هاجر الارجنتيني من أصل سوري وهو يحظى بثقة كبيرة لدى مسؤولي المنظمات الاسلامية بدول أمريكا اللاتينية وقد رأيت ذلك بنفسي في أكثر من مناسبة
*قلت للدكتور المستاوي لا شك أن العمل الاسلامي تقوقع وتقزم بعد التضييق عليه ليس في الغرب فقط بل وداخل البلدان العربية والاسلامية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 لكن في تصوري أرى أن رابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة لديها تجربة جيدة في خدمة المسلمين والاوقاف الكويتية لها مجهودات لا ينكرها أحد وكذلك الجهود المهمة لمنظمة الدعوة الاسلامية التي يترأسها الرئيس السوداني الاسبق عبد الرحمان سوار الذهب وهي صاحبة باع طويل في إنشاء المستشفيات والمدارس لخدمة مسلمي افريقيا اضافة الى الدور الركيزة والأساس للأزهر الشريف في ضوء ما يُتاح له من امكانيات فدعاته يعمرون مساجد الأرض وجامعته تستقبل الآلاف من أبناء الأقليات المسلمة
*قال الدكتور المستاوي لن تصدق ان من أكثر المنظمات الاسلامية نشاطا في افريقيا وبعض دول اسيا هي جمعية الدعوة الاسلامية العالمية التي أسسها القذافي عام 1972 وذلك على الرغم من انهيار الدولة الليبية وغياب القذافي فقد اعتمدت الجمعية استراتيجية مهمة في توطين الخدمات للمسلمين في دول افريقيا وامتلاك استثمارات تدر عليها عوائد تسير من خلالها نشاطها فأنشأت المدارس في البلدان الافريقية وعلمت المسلمين ليتخرج منهم الطبيب والمهندس والمحاسب الى جانب الداعية على عكس الكثير من المؤسسات الاسلامية التي تكتفي اما بايفاد دعاة أو تقديم منح لتخريج دعاة فقط المسلمون في هذه البلاد الفقيرة بحاجة الى المهندس والطبيب أكثر من الداعية في كثير من الأحيان
*كان متوقعا أن تنزوي جمعية الدعوة الاسلامية بعد سقوط نظام القذافي الداعم الأساس لها إلا أن قاعدتها الصلبة جعلتها تستمر سواء في كلية الدعوة الاسلامية التي أنشأتها عام 1974 ولها فروع خارج ليبيا في سوريا لبنان بريطانيا تشاد السنيغال وبنين، وفي مكاتب الجمعية المنتشرة في كل من السودان والسنيغال وجمبيا وأوغندا وبنين والتشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وتنزانيا وماليزيا وسريلينكا وجزر المالديف وباكستان ومالطة والسورينام وكلها تدير مؤسسات دعوية واقتصادية وصحية لخدمة المسلمين
*ويبقى السؤال لماذا تقصر الجامعات الكبيرة بالعالم الاسلامي منحها لأبناء الأقليات المسلمة على دراسة علوم الفقه والشريعة؟ لماذا لا تقدم لهم منحا لدراسة الطب والهندسة والزراعة والمحاسبة وإدارة الأعمال، والأهم لماذا لا تقدم مؤسساتنا مساعدتها خالصة لوجه الله دون توجيه أو تدخل في الشؤون الداخلية لهذه الأقليات؟