من لقاءات الدعوة (مجلة الدعوة العدد 580 بتاريخ 6 محرم 1397هـ ) لقاء مع الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي
بمناسبة انعقاد مؤتمر الفقه الاسلامي توافد عدد غير قليل من علماء المسلمين في بقاع الأرض، ومن هذه الوفود شباب من تونس من بينهم الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي- رئيس تحرير مجلة جوهر الاسلام، وقد هالني ان عمره الزمني لا يتجاوز الخامسة والعشرين، ومع ذلك فان عمره العقلي يضعه بين الصفوة الممتازة من العلماء والمفكرين، وفي قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بالرياض كان لنا هذا اللقاء مع الأستاذ المستاوي • أهلا بك يا أخ مستاوي في وطنك الاسلامي المملكة العربية السعودية • أرجو ان تتكرم مشكورا بإعطائنا نبذة عن حياتك العلمية؟ *أنا مازلت في أول الطريق فعمري لم يتجاوز الخامسة والعشرين والحقيقة اني سأواصل الدراسة والتعليم حتى اموت، وأنا الآن في نهاية الدراسة في الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين، ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق وفي اعتقادي ان الشهادات والألقاب العلمية لا تزيد ولا تنقص من قيمة المسلم، فعلماؤنا الأوائل الذين لا نستطيع ان نفهم ما كتبوا ولا ندرك أعماق علومهم لم يكونوا يحرصون كل الحرص على نيل الشهادات والمؤهلات العلمية، لقد كان علمهم علما حقيقيا • كيف وصلتم الى مؤتمر الفقه؟ وما العوامل المؤثرة في تكوينكم الفكري؟ * ان امر وصولي الى مؤتمر الفقه الاسلامي يسير جدا وهو انني أقوم بالإشراف على مجلة جوهر الاسلام وهذه المجلة أسسها وقام عليها والدي رحمه الله منذ ثمان سنوات وفي السنة الماضية في رمضان 1395 هـ التحق بجوار ربه وقد كنت في السنوات الأخيرة معه في عمله الاسلامي سواء في مزاولة إصدار هذه المجلة أو في القيام معه في الرحلات داخل البلاد وخارجها والنشاط معه في حقل الدعوة الإسلامية، فكانما ألهمه الله سبحانه وتعالى ان يريني الطريق قبل ان يغادر هذا العالم حتى تستمر رسالته بعده، هذا مع انني كنت في بعض الظروف أشرف على المجلة قبل وفاته وأباشرها مباشرة تامة وبعد وفاته رحمة الله عليه وصلتني كتابات كثيرة من اعلام الفكر الاسلامي في جميع انحاء العالم الاسلامي الذين عرفوا الوالد عن قرب وزاملوه في العمل الاسلامي وعرفني بعضهم من خلال ما قرؤوا لي أو ما كاتبتهم به، وطلبوا مني بإلحاح ان يستمر صدور هذه المجلة، وان يستمر النشاط والحقيقة ان طلبهم حفزني على ان استمر رغم ان الفكرة عندي من الأول هو ان اواصل هذا العمل، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية أو علم نافع أو ولد صالح يدعو له) واني لأعتبر هذه المجلة وهي صوت من أصوات الاسلام في ذلك الجزء من العالم العربي الاسلامي صدقة جارية اريد بها ان تتصل بها حسنات والدي بعد وفاته وانقطاعه عن هذا العالم فأخذت وبعون الله وتوفيقه المسؤولية تحملتها وكان الله سبحانه وتعالى في عوني فصدرت المجلة سنة كاملة بعد وفاته وان شاء الله أعتزم مواصلة المسيرة رغم وجود عراقيل وصعاب مادية كثيرة الا ان ادراكي بخلوص النية وتمحض العمل لله سبحانه وتعالى يجعلني أؤمن ان المدد الإلهي لا بد وأن يتواصل وان جوهر الاسلام ستبقى صوتا من أصوات الاسلام ندافع بها عن حقائق الاسلام ونواصل بها أداء الرسالة • ما انطباعكم عن مؤتمر الفقه بصفة عامة ؟ وعن لجنة الاعلام التي كنت مقررا لها بصفة خاصة؟ * الحقيقة ان هذا المؤتمر هو رابع المؤتمرات الإسلامية التي أشارك فيها فقد حضرت مؤتمر الشباب الاسلامي العالمي الذي عقد بطرابلس سنة 1393 هـ و شاركت في الملتقى الفكري الاسلامي الأخير الذي انعقد في عنابة بالجزائر وشاركت في الملتقى الاسلامي الافريقي الأول بنواكشط وهأنا ذا أشارك في مؤتمر الفقه الاسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والحقيقة ان هذا المؤتمر هو مؤتمر اسلامي ندعو الله سبحانه وتعالى ان يحقق الهدف منه، فلو اننا عقدنا مؤتمرا لمحاكمة أو لدراسة توصيات المؤتمرات السابقة لوجدنا في هذا المؤتمر الجدوى الكبيرة جدا وبالنسبة لهذا المؤتمر ألاحظ فيه خاصيتين: 1- تنوع المواضيع التي طرحها فالموضوعات عشرة والأيام تقارب العشر وهذه الموضوعات التي بحثها هي من الأهمية بمكان، كالغزو الفكري الذي نعانيه ونظام القضاء والاعلام والتربية والتشريع وغيرها كل هذه في الحقيقة يمكن ان يكون كل واحدة من هذه الموضوعات عنوانا لمؤتمر خاص 2- انه مكننا من اللقاء بأعلام الفكر الاسلامي والشريعة الذين كنا نقرأ لهم أو نسمع عنهم ولم نلتق بهم وجامعة الإمام مشكورة يسرت لنا هذه الفرصة فالتقينا بهم وتجاذبنا معهم الحديث في أحوال المسلمين وظروفهم وامكان عودتهم الى الاسلام ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل في مقرراتنا وفي توصياتنا الجدوى والفائدة وأما بالنسبة للجنة الإعلام أظن انها من أخطر لجان هذا المؤتمر، وكما تعلمون ان الاعلام هو السلطة الرابعة، فأجهزة الاعلام بقدرتها ان تحول الخير الى شر والعكس، قدرة عجيبة تحول السواد الى بياض والعكس، فإذا كانت اجهزة الاعلام بهذه الأهمية فكذلك أجهزة العالم الاسلامي من الضروري ان يقع الاعتناء بها، وتخصيص لجنة لها ومجلس من أجلها، ولقد اهتدينا ببحوث السادة الأساتذة الذين أناروا لنا الطريق ووضحوا لنا هذا المنهج في موضوع الإعلام، وان كان لنا في هذا الموضوع تجربة بسيطة و عينة مما نعانيه من مشاكل في الصحافة الإسلامية المختصة يوميا، الحقيقة لجنة الإعلام مهمة جدا، ودرست مشاكل ذات بال، ونسأل الله سبحانه وتعالى ان ينظر المسلمون في كل مكان الى هذه المقررات بعين الاعتبار، والإعلام كما قلنا عندنا متخلف جدا فهو أما اعلام اسلامي الجنسية (مسلم الجنسية) أو اعلام مختص ضعيف الامكانيات ضعيف القدرة على التأثير لا يستطيع ان يواجه التحديات ولا سيول الصحافة المبتذلة التي تدخل عقر دارنا يوميا • أترى ان مؤتمر الفقه الاسلامي قد اتخذ توصيات عملية قابلة للتنفيذ؟ أم انها مثالية أكثر من اللازم؟ *الحقيقة ان دعوة المؤتمر للانعقاد من طرف جامعة الإمام بصفة خاصة والمملكة العربية السعودية بصفة عامة، يجعلنا نتيقن ان كل صعب عليها يهون اذا أرادت وعزمت على ان تطبق ما سميتموه ايها الأخ بتوصيات مثالية، ورغم ذلك فانا معك لا بد ان نقرر شيئا يمكن ان ندخله حيز التنفيذ من الآن مثلا بالنسبة للجنة الإعلام هناك بعض الاقتراحات التي من رأيي يمكن ان تحققها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بدون ان تستعين بأي جهة أخرى، كأن يخصص في المعهد العالي للدعوة الإسلامية قسم للإعلام الاسلامي، وقالوا ان الامكانيات المادية متوفرة ولا مانع من ذلك وطالبنا كذلك بإنشاء اتحاد عالمي للصحفيين الاسلاميين وهذا بإمكان الجامعة ان ترعاه وان تسهر على قيامه وعليه ان يؤدي رسالته وان يجمع شتات الصحفيين الاسلاميين حتى ييسر مهمتهم فهذه بعض مقررات لجنة الاعلام وهي في الحقيقة يمكن ان تطبق • نريد ان نتعرف على الحركات الإسلامية في تونس فهل توضح لنا هذا الجانب؟ *هناك عمل اسلامي واسع يتمثل في مختلف أوجه النشاط داخل المعاهد والكليات فعندنا في كل كلية وفي كل معهد عال مساجد للطلبة الاسلاميين، وفيها يعقدون حلقات لتدارس الكتابة الإسلامية الجادة التي ظهرت في السنوات الأخيرة ويعقدون اللقاءات الإسلامية فيما بينهم ويتزاورون و ويتآخون، كما ان الفتيات يحرصن على التزي بالزي الاسلامي في وسط المجتمع، هذا جزء من النشاط وهناك نشاط نقوم به في مجال تحفيظ القرآن الكريم، ومجال الدروس العامة وتحفيظ القرآن الكريم لنا فيه نتائج ايجابية جدا، فهناك شاب لم يتجاوز سن الثالثة عشر وحفظ القرآن، وأحرز الشهادة الابتدائية ودخل الثانوية بدرجة ممتاز، وهناك امثال ذلك كثير، وتتبنى هذا المشروع جمعية المحافظة على القرآن في كل انحاء البلاد وهناك كذلك المواسم والمناسبات الدينية وخصوصا شهر رمضان حيث تحرص كل مدينة على جعل يوم مخصص للقرآن يتولى فيه الأساتذة القاء المحاضرات وتوزيع الجوائز على النجباء من الحافظين والعمل الاسلامي في تزايد مستمر على الرغم من كيد الكائدين والله غالب على أمره وناصر دينه