معركة انتخاب المدير العام لليونسكو والأسباب الحقيقية لخيبات العرب المتتالية
يدخل العرب معركة انتخاب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التي انطلقت يوم الإثنين 9 أكتوبر وليس من المستبعد أن تمتد إلى يوم الجمعة 13، يدخلون بأكثر من مرشح (قطري ومصرية ولبنانية) وقد انسحب في آخر لحظة المرشح العراقي ومع ذلك فإنّ حظوظ العرب هذه المرة أيضا وباللأسف ضعيفة بعد خيبات توالت عليهم في الدورات السابقة وقد كانوا رشحوا لها أسماءا ذات وزن كبير مثل المصري فاروق حسني والسعودي غازي القصبي.
- ففضلا عن عدم الإتفاق على مرشّح عربي واحد من طرف المجموعة العربية وهو انعكاس لما يعيشه العالم العربي وحتى مجموعاته الإقليمية (مجلس التعاون الخليجي، اتحاد المغرب العربي) من انقسام فإن منافسة مرشحين لدول الكبرى (الصين وفرنسا دولة المقر) نظرا لتأثير هذين البلدين الكبير على الدول الصغيرة (في إفريقيا وآسيا) يجعل مهمة المرشحين العرب تكون صعبة مهما بذلت بلدان هؤلاء المرشحين من جهود للإقناع بمرشحيها، فإذا كان المرشح القطري يستند إلى الثقل المالي لبلاده والذي به إقتحمت به قطر عديد المجالات والميادين (السياسية والرياضية وغيرهما) وإذا كانت المرشحة المصرية تستند إلى ثقل مصر الحضاري والتاريخي وثقلها الاستراتيجي وانتمائها المزدوج (العربي والإفريقي بالخصوص والذي تراهن عليه) وإذا كانت المرشحة اللبنانية تستند على خبرتها وتجربتها الطويلة في صلب منظمة اليونسكو فإن عوامل أخرى ذات تأثير كبير تدخل في حسابات إنتخاب منظمة أممية كبرى مثل اليونسكو منها حسابات سياسية غير خفية تقف وراءها الولايات المتحدة الأمريكية التي تؤاخذ المنظمة على تسييس نشاطها في السنوات الأخيرة الأمر الذي دفع أمريكا إلى قطع مساهمتها في ميزانية اليونسكو كما أن اللوبي الصهيوني الإسرائيلي غير غائب على هذه المعركة فقد صدرت عن اليونسكو قرارات تدين الاحتلال والتهويد للمقدسات والتغيير للمعالم التاريخية كما أن فلسطين لها في هذه المنظمة عضوية كاملة.
والمرشحة الفرنسية لمنصب المدير العام وزيرة سابقة للثقافة في حكومة فرنسوا هولاند وهي إبنته "أندري أزولاي" (مستشار لدى الملك محمد السادس...) كل ذلك يجعل من مهمة المرشحين العرب تزداد صعوبة وحظوظهما في النجاح تضعف.
- والكتل التي يتكون منها الناخبون تتوزع على (إفريقيا 13 صوتا، آسيا 12 صوتا، أمريكا اللاتينية 10 أصوات، الغرب 9 أصوات بما فيها الولايات المتحدة والمجموعة رقم 2 أروبا الشرقية 7 أصوات).
ولا ينتظر أن يتم الحسم في الجولة الأولى يوم الإثنين 9 أكتوبر فمن يا ترى سيصمدان إلى الأخير كمرشحين الأول والثاني ؟
- ككل مرّة وياللأسف الشديد يفوت العرب على أنهم مثل هذه المواقع الرفيعة بانقساماتهم وعدم دقة حساباتهم ولعدم إعتبارهم بخيباتهم المتكررة!! فياليتهم جعلوا ما يحسبونها ما تزال رابطة تربط بينهم (العروبة) جانبا وعوضوها بماهو مصلحة حقيقية وعملوا جميعا بانضباط صارم على التقيّد بها وهذا ما كان ينبغي أن تتمحض عنه مؤتمرات القمة التي تجمع كل علم قادتهم وما يلتقي عليه بصفة دورية وزراء خارجيتهم ومندوبوهم الدائمون في جامعتهم التي أصبحت وياللأسف الشديد جثة هامدة.
- وما لم يستبدل ذلك في أقرب الآجال بصيغة أخرى للتكامل على مختلف الأصعدة بين الكيانات التي تتكون منها هذه الجامعة فإنّ الخيبات ستتولى وستتكرر والفرص الهامة ستضيع.
- وحرام على العرب أن تتسبب إنقساماتهم فيما لا موجب للإنقسام حوله وفيه في حرمانهم من مثل هذا المنصب الأممي الحضاري الرفيع الذي ينسجم الظفر به مع ما للعرب عبر تاريخهم الطويل من رصيد ثريّ لا يملكه الكثير من الشعوب الأخرى.
- حرام أن تصل دولة كبلغاريا التي خاضت معركة الترشح لهذا المنصب ونالته ولا يصل العرب إلى الظفر به كلّ مرّة!! ألا يحتاج ذلك إلى تنبّه ووعي إلى أي درك آلت إليه أمور العرب في هذا الزمان ؟!
- ملاحظة :
فعلا فكما كان متوقعا فازت بالإدارة العامة لليونسكو المرشحة الفرنسية وقد بقي معها إلى الدورة قبل الأخيرة المرشحان العربيان (القطري والمصرية)!!