في رياض السنة: يوم العيد يوم فرحة وسرور

في رياض السنة: يوم العيد يوم فرحة وسرور


لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما فقال: إن الله قد أبدلكم يومين خيرا منهما يوم الفطر والأضحى.(رواه احمد في المسند وأبو داود والنسائي والحاكم في المستدرك) لم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مجالا من مجالات حياة المسلم: فردا أو جماعة، ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا في عاجل دنياه وفي آجل آخرته إلا وارشد إلى ما يرضي الله فيه وما يجنبه الوقوع فيما يغضبه. لقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى ما يحييهم الحياة الطيبة الكريمة، الحياة السعيدة التي أساسها التوازن وإعطاء كل ذي حق حقه دون أن يطغى حق على آخر في وسطية وتعادلية يسقط فيها الجدار الوهمي الفاصل بين العمل للدنيا والعمل للآخرة عملا بقوله جل ما قائل (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك). والإنسان هذا الكائن البشري مثلما أن له روحا فإن له جسدا ينبغي عليه في دين الإسلام أن يستجيب لمطالب كليهما (الروح والجسد) وليس خير الناس من ترك دنياه من اجل آخرته ولا الذي يترك آخرته من اجل دنياه بل خير الناس من يأخذ نصيبه منهما (إن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولربك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه). وهذا الحديث يبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلام في الهدي الذي جاء به لامته من عند الله يراعي حاجات الناس ويوفر لهم البدائل لان طبيعة النفس البشرية تأبى الفراغ فإما أن توفر لها ما تحتاج إليه أو أنها تملا الفراغ الحاصل لها بما تجده متاحا لها قريبا منها. فقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد الهجرة من مكة فوجد لأهل المدينة يومين يلعبون فيهما. فالرسول عليه الصلاة والسلام وهو يؤسس لمجتمع له خصوصياته وشخصيته المتميزة لم يرض للمسلمين أن يكونوا تبعا لغيرهم حتى فيما يعد ظاهرا من الأمور الهينة البسيطة وما هي في الواقع كذلك فاخبر المسلمين من مهاجرين وأنصار أن الله تبارك وتعالى أبدلهم يومين خيرا منهما: يوم الفطر والأضحى، أي يومي عيدي الفطر والأضحى، فالرسول صلى الله عليه وسلام لم يعترض على أن يلعب المسلمون ويمرحوا ولكن اعترض على أن يكونوا في مرحهم ولعبهم تبعا لغيرهم فمن حق المسلمين أن يلعبوا ويمرحوا ولكن انطلاقا من ذواتهم وخصوصياتهم الدينية والأخلاقية وبمراعاة هذه الخصوصيات والأخلاقيات ويكون مرحهم بناء غير هدام ويكون مثمرا ويكون أولا وآخرا محققا لمرضاة الله فهما فرحة ولعب لا يتسببان في غضب الله ونقمته. فالفرحة والسرور واللعب البريء التي لا تتسبب في أي محظور ديني وأخلاقي ولا يترتب عنها أدنى مضرة بدنية أو نفسية أو مالية لا يعترض عليها الإسلام ولا يحرمها بل بالعكس فالترويح على النفس مشروع ومباح في دين الإسلام دعا إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد نهى عليه الصلاة والسلام صاحبه أبا بكر الصديق ذات يوم عندما هم رضي الله عنه بمنع من وجدهم يرقصون ويغنون قائلا لهم (أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: دعهم فإنهم في يوم عيد...) المفهوم من ذلك أن يوم العيد هو يوم الفرحة والسرور وإبداء ذلك وإتيانه بكل الوسائل المتاحة والمشرعة مرغوب فيه، فالعيد يوم غير عادي، الفرحة فيه مشروعة وينبغي إتاحتها للأهل والأقارب لاسيما الأطفال والشبان. وقرن الإسلام الفرحة والحبور وإبداء السرور واتخاذ أسبابه ووسائله بانتهاء المسلمين من أداء عبادتين عظيمتين من عبادات الإسلام وأركانه الخمسة ألا وهما عبادة الصيام وعبادة الحج إلى بيت الله الحرام. فبعد أن يؤدي المسلم ما فرض الله عليه مما هو حق الله عليه (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) بعد الانتهاء من القيام بهذا الواجب الديني. الصيام والحج يحق للمسلم أن يعطي جسمه وروحه ما يحتاجان إليه من راحة وترويح وسرور وحبور هي أيضا مظهر من مظاهر الشكر لله على توفيقه وعونه (وما توفيقي إلا بالله). والعيد في الإسلام: عيد الفطر أو عيد الأضحى شعيرتان تبدآن بالطاعة إذ بعد أن يسعى المسلم إلى المسجد لأداء صلاة العيد يعود إلى بيته وأهله (ويستحب أن يكون طريق الرجوع من المسجد غير طريق الذهاب إليه ليلتقي بأكثر عدد ممكن من إخوانه فيهنئهم) ثم وهو في بيته يحيي العيد بما هو من مستلزماته من أكل وشرب وفرحة وسرور ما ورد في شأنه من السنن والتي هي بالنسبة لعيد الأضحى المبادرة إلى ذبح الأضحية إن كان من القادرين على أداء هذه السنة وإلا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كفاه هذه المهمة وأدى عنه هذه السنة فقد ضحى بكبشين أقرنين احدهما عن نفسه وأهله والآخر عن أمته. فلتطب أنفس من لا يستطيعون أن يؤدوا هذه السنة ويكتفوا بأكل شيء من اللحم إما يشترونه أو يقدم لهم من طرف القادرين من إخوانهم تجسيما لقيمتي التضامن والتآزر اللتين دعت إليهما تعاليم ديننا الحنيف وهدي نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.