في رياض السنة:العلماء ورثة الأنبياء

في رياض السنة:العلماء ورثة الأنبياء


عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.(أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة في صحيحه والبيهقي) الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار من حكم وأشعار التي تنوه بالعلم والعلماء وتبين الثواب الذي أعده الله تبارك وتعالى لمن يسعون للتحصل العلوم والمعارف عديدة لا يمكن الإتيان عليها أو حتى مجرد استعراضها. إنها منزلة عالية ولا أدل على ذلك من أن أول ما نزل من القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أول لقاء له مع الأمين جبريل عليه السلام هي قوله جل من قائل (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان منا لم يعلم)، لقد أقسم إليه تبارك وتعالى في كتابه العزيز بالقلم فقال جل من قائل (ن والقلم ومال يسطرون) وبالأقلام تحصل العلوم والمعارف وقد قيل (العلم صيد والكتابة قيد) وفي القرآن إشادة بالكتاب فقال جل من قائل (يا يحي خذ الكتاب بقوة). وهذا الحديث الذي يرويه أبو الدرداء رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة). لقد اعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب العلم والرحلة لتحصيله ضربا من ضروب العمل الصالح الذي يرضي الله وأن هذا الصنيع مما يسهل على سالكه دخول الجنة. والمتبادر إلى الأذهان أن مما يسهل الطريق إلى الجنة الإكثار من الصلاة والصيام والإنفاق والحج والعمرة وبذل المعروف من أقوال وأفعال وهاهو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل من طلب العلم سلوكا لطريق الجنة. ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع) والملائكة غذاؤهم العبادة يرسل بهم الله تبارك (وهم الذين لا يعصون الله ما أمرهم) ليغشوا المؤمنين الذين يجتمعون على طاعة الله والتي منها تلاوة كتاب الله وتدارسه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله إلا حفتهم الملائكة..) ثم إن الملائكة ترتفع بصحائف هؤلاء إلى السماء ويسألهم الله وهو العليم وإنما فقط ليقيم عليهم الحجة، إذ سبق عندما قال (إني جاعل في الأرض خليفة) أن قال الملائكة (أتجعل فيها من يسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) قال لهم الله (إني اعلم ما لا تعلمون). ففي كل مرة يرفع الملائكة صحائف الموفقين من أمة محمد عليه الصلاة والسلام ممن يجتمعون في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا ويسألهم الله تبارك وهو العليم أين كنتم؟ ولا يخفى ما في ذلك من المباهاة من المولى بالعمل الصالح الذي يقوم به الموفقون من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وهذا الحديث يؤكد هذا المعنى فالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يرضون لرضا الله ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع) ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء) والاستغفار هو طلب المغفرة وذلك أسمى ما يتوق له ويتمناه المؤمن فإذا غفرت ذنوبه ومحيت سيآته فقد فاز. ومن من عباد الله في غنى عن محو سيآته وهذا سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم يقول (إني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة) وفي ذلك ما لا يخفى من إرشاد للمسلم كي ينيب ويتوب من قريب كلما وقع في معصية عسى أن يغفر الله له، فالله تبارك وتعالى يحب من عبده أن يقف بين يديه مستغفرا من ذنبه طالبا من ربه الصفح والعفو. قائلا (لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وفي هذا الحديث يبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء الجميع يطلبون من المولى المغفرة والعفو للعالم. ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) فرغم أن العبادة هي حق الله على عباده إلا أن العالم عند الله أفضل من العابد ويشبه الرسول صلى الله عليه وسلم في البون الشاسع بفضل القمر على سائر الكواكب وما ذلك إلا لأن العالم يفيد بعلمه غيره من عباد الله سواء كان ذلك في قائم حياته أو حتى بعد وفاته في حين أن العابد خيره لا يتجاوز شخصه و(أحب العباد إلى الله أنفعهم). ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإن العلماء ورثة الأنبياء) وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه بحظ وافر). يختم رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيان المرتبة العالية والمنزلة الرفيعة التي أعطاها الله للعلماء فهم ورثة الأنبياء في نشر الهداية وتعريف الناس بالطريق المستقيم وتحذيرهم من الغواية والضلالة فالعلماء وبالخصوص علماء أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم الأنبياء والمرسلين هم الأمناء على وحي السماء وهو من يرشدون الحيارى والضالين وهم من يبلغون للناس دين الله الذي هو الإسلام الحنيف وهي المهمة التي كان يقوم بها من قبل الأنبياء فإذا جمع العالم إلى العلم العمل بإخلاص لوجه الله فهو لا شك في أعلى المراتب والمنازل وهؤلاء العلماء الأعلام العالمون بعلمهم هم من امرنا الله بطاعتهم قال تعالى (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.