في رحاب القرآن:من سنة الله أن يداول الأيام بين الناس

في رحاب القرآن:من سنة الله أن يداول الأيام بين الناس


يقول الله تبارك وتعالى: (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين). صدق الله العظيم-الآيات 136 و138 و139 و140 من سورة آل عمران هذه الآيات من سورة آل عمران تبين للمؤمنين سواء أولئك الذين تنزلت في زمانهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من يأتون بعدهم إلى إن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين كما تبين هذه الآيات ما بثه الله في الكون وفي الحياة من قوانين بعضها قوانين طبيعية اكتشفها الإنسان بما اكتسبه من علوم ومعارف وبعضها قوانين حضارية يهتدي إليها الإنسان إذا ما نظر بتدبر وتبصر واعتبار إلى ما يقع له وللناس في هذه الحياة وما وقع للأمم والشعوب منذ خلق الله الإنسان والى قيام الساعة، إنها قوانين التداول وعدم بقاء أي حال على حالها على الدوام والاستمرار. والقرآن الكريم مليء بالقصص التي فيها العبر والدروس التي يستلهم منها المؤمن ما يفيده في حياته ويجعله يتجنب المزالق والمهالك. فالمسلمون سواء من كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من جاؤوا بعدهم لن يخرجوا عن السياق العام، إن المسلمين امة لها مثيلاتها في الأمم وما عليهم بما تهيا لهم وبما هدوا إليه وبما جاءهم به من عند الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من هدي ما على المسلمين إلا إن يعتبروا ويتدبروا وما عليهم إلا أن ينظروا إلى الأمر الذي آل إليه المكذبون الذين أخذهم الله نكال الآخرة والأولى. * يقول جل من قائل (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) والسنن هنا بمعنى الأمم قال الزجاج: “أهل سنن فقد اهلك الله من كذب من الأمم السابقة، لقد اهلك الله من كذب من الأمم ممن كانوا قبل المسلمين أمثال عاد وثمود” قال القرطبي “فانا أمهلهم وأملي لهم واستدرجهم حتى يبلغ الكتاب اجله يعنى بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهلاك أعدائهم الكافرين” انظر الصفحة 216 من الجزء الرابع من الجامع. * يقول تعالى (هذا بيان للناس وهدي وموعظة للمتقين) هذا بيان أي القرآن الكريم الذي جاء به من عند الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فيه بيان لكل شيء وفيه الإرشاد إلى سواء السبيل والصراط المستقيم، وفي القرآن الكريم المواعظ والدروس والعبر للمتقين الذين يخشون ربهم والذين يستفيدون مما جرى لغيرهم ممن كذبوا واعرضوا عن الصراط المستقيم يقول تعالى ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين). هذه تسلية للمؤمنين فيها رفع لمعنوياتهم التي تزعزعت من جراء ما نالهم يوم احد من قتل وجراح، فالنصر وارد ولكن الهزيمة واردة أيضا خصوصا عندما يقع الإخلال وعدم التقيد بأوامر القيادة ممثلة في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر الرماة بأن لا يغادروا مواقعهم فلما خالف هؤلاء الأوامر كر عليهم جيش العدو وكان يقوده خالد بن الوليد فوقع بالمسلمين ما هو طبيعي ومنطقي ولكن رغم ذلك ورغم الإخلال الذي حصل فلا ينبغي للمؤمنين أن ينهاروا ولا يجوز لهم أن يهنوا وحتى أن يحزنوا الحزن الشديد الضار بالمعنويات والذي قد يحطمها بل ينبغي على المسلمين أن يظلوا معتقدين أنهم الأعلون إذا كانوا مؤمنين حقا وصدقا. * يقول جل من قائل بعد ذلك (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس) ما نال المسلمين من قرح وهو الجرح في غزوة احد فقد مس القوم الكافرين قرح مثله في غزوة بدر وتلك شأن الحرب تكون مرة للمؤمنين فينتصرون فينصر الله دينه ومرة للكافرين عندما يعصى المؤمنون وذلك للتمحيص والابتلاء. * قوله تعالى (وليعلم الله الذين آمنوا) وذلك ليميز الله بين المؤمنين والمنافقين وليعلم مقدار صبر المؤمنين وذلك ليجازيهم على صبرهم وثباتهم الجزاء الأوفى والأوفر. * قوله تعالى (ويتخذ منكم شهداء) فالله تبارك وتعالى هو الذي يصطفي ويجتبي من هو أهل لهذه المرتبة العالية مرتبة الشهادة. قال القرطبي: “أي يكرمكم بالشهادة أي ليقتل قوم”فيكونوا شهداء على الناس أعمالهم، والشهيد قيل "سمي بالشهيد لأنه مشهود له بالجنة وقيل سمى شهيدا لان أرواحهم أحضرت دار السلام لأنهم أحياء عند ربهم وأرواح غيرهم لا تصل إلى الجنة فالشهيد بمعنى الشاهد أي الحاضر الجنة. قال القرطبي وهذا هو الصحيح والشهادة فضلها عظيم وفي صحيح البستى عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من القرحة) وروى النسائي عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إن رجلا قال يا رسول الله (ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة). * قوله تعالى (والله لا يحب الظالمين) فالله تبارك وتعالى لا يحب المشركين وهم ظالمون (إن الشرك لظلم عظيم) إن الله لا يحب إلا المؤمنين وان حل بهم في بعض الأحيان ما يكرهون.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.