في رحاب القرآن:الوحي سبيل الأنبياء عليهم السلام في تحصيل العلم

في رحاب القرآن:الوحي سبيل الأنبياء عليهم السلام في تحصيل العلم


بسم الله الرحمان الرحيم يقول الله تعالى “والنجم إذا هوى ما ضلّ صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى”. الآيات 1 إلى 4 من سورة النجم, صدق الله العظيم هذه الآيات الأربعة من سورة النجم ذات صلة وثيقة بالآية الأولى من سورة الإسراء وما أريد أن أقف عنده مع القارئ هو العلم الذي أوتيه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وكذلك الأنبياء والرسل الكرام عليهم السلام الذين اصطفاهم واختارهم ربهم ليهدي بهم الناس إلى الصراط المستقيم ويخرجهم بهم من الكفر والضلال إلى الإيمان بالله الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء، لم يلد ولم يولد ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا تأخذه سنة ولا نوم. إن الأنبياء هم صفوة خلق الله لا يرتقى إلى درجتهم ومرتبتهم عالم بعلمه ولا عابد بعبادته لقد اصطفاهم واختارهم ربهم الذي يقول في كتابه العزيز (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) ويقول (الله اعلم حيث يجعل رسالته). وعلم هؤلاء الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وهبيّ بوحي يوحيه الله إليهم سواء كان ذلك بالرؤيا المنامية ورؤيا الأنبياء حق ومنها رؤية سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك) وكان جواب الابن إسماعيل عليه السلام (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) ومن طرق الوحي الكلام (وكلم الله موسى تكليما) ويكون الوحي بواسطة الملك جبريل عليه السلام وهو الذي نزل به القرآن الكريم على قلب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. وهذا الوحي هو مصدر لحصول العلم الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، انه مصدر علم الأنبياء والمرسلين عليهم السلام بينما علوم غيرهم ممن هم دونهم من عباد الله هي علوم كسبية تحصل تحصيلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا لامته المنهج القويم الصحيح لتحصيل العلوم بالنسبة لغير الأنبياء (إنما العلم بالتعلم) وفي هذا التوجيه دعوة للأخذ بالأسباب وهو منهج الإسلام في كل مجالات وميادين الحياة. ولا بد من التأكيد في هذا المجال على ضرورة الإيمان بالله الذي هو على كل شيء قدير وأمره إذا أراد شيئا (إنما يقول له كن فيكون) فالله سبحانه وتعالى لا يعجزه أن يخص من يصطفيهم: رسلا وأنبياء بعلم وهبي يحصل لهم لا يتطرق فيه واليه شك ولا ريب وتلك هي علوم الأنبياء والمرسلين إنهم يبلغون عن رب العالمين للناس الذين يبعثون إليهم علما يقينا حقيقيا لا يمكن أن يجانب الصواب وهذه الحقيقة مارى وجادل فيها المعاندون وتيقن منها المؤمنون وسلموا بها تسليما. وعلوم الأنبياء والمرسلين عليهم السلام علوم لا يصل إلى تحصيلها سواهم، إنها وحي من عند الله يحصل به علم يقيني ليس من مصادره الحواس ولا والوسائل المتعارفة عند الناس قديما وحديثا ولأجل ذلك فإن النبي والرسول يمكن أن يكون أميا لا يحسن القراءة والكتابة ومع ذلك فانه لا ينطق عن الهوى ولعل الأمية من أقوى الحجج والبراهين في تصديق النبي والرسول فيما يبلغه عن ربه والواقع يشهد أن ما يأتي به لم تتضمنه كتب ولا صحف سابقة حتى يقال أنه منقول عنها وهذا ينطبق على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي لم يكن يتقن القراءة ولا الكتابة ومع ذلك فإن كل ما جاء به وما ثبت وروده عنه فهو صحيح يقيني لا يتطرق إليه الشك بل إن الوقائع والكشوفات تشهد كلها على تطابق ما جاء به واخبر عنه مع ما توصل إليه الإنسان بما اكتسبه من علوم ومعارف بقي أن نلاحظ أن النبي أو الرسول إذا لم يوح إليه وإذا كان الأمر يتعلق بشأن من شؤون الحياة فانه يمكن أن يجانب الصواب وهذا لا ينقص من شأنه وقد وقع شيء من ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (انتم اعلم بأمور دنياكم) والصحابة رضي الله عنهم إذا كان الأمر وحيا سلموا فإذا لم يكن وحيا أدلوا بآرائهم ولم يتأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأخذ بآرائهم، وقد أتى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة الوحي بالقرآن ومثله معه وصدق الله العظيم حين يقول (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.