فضيلة الشيخ رشيد كاهية رحمه الله (نموذج لمزج الإجتماعي في المجال الديني) 1923 - 1997

فضيلة الشيخ رشيد كاهية رحمه الله (نموذج لمزج الإجتماعي في المجال الديني) 1923 - 1997


فضيلة الشيخ المنعم رشيد كاهية رحمه الله غادر إلى دار البقاء يوم الأحد 10 أوت 1997 بعد عمر قضاه في التحصيل العلمي حيث التحق بجامع الزيتونة المعمور وتلقى على كبار شيوخه وعلمائه مختلف المعارف والعلوم الشرعية ليتخرج بزاد علمي كبير كان رصيده في ما باشره من خطط ومهام بدأت بالتدريس في المدارس والمعاهد في العاصمة وأحوازها وداخل الجمهورية وقد تخرجت على يديه أجيال هي اليوم منتشرة في مختلف مناحي النشاط الاجتماعي والثقافي والسياسي وظل الشيخ رشيد كاهية رحمه الله موصولا بهم يتعهدهم بالنصح والإرشاد والمتابعة لرقيهم والسؤال الدائم عن مدى مواصلتهم لما بثه فيهم منذ نعومة أظفارهم من توق إلى الرقي والتقدم وتحصيل العلوم والمعارف. وظل الشيخ رشيد كاهية رحمه الله ينتقل في السلم الوظيفي من مرتبة إلى مرتبة لينتهي إلى إدارة كبريات المدارس في تونس العاصمة وأحوازها حيث تفرغ لتوجيه وإرشاد زملائه المربين والقيام باقتدار على أعمالهم البيداغوجية بروح وثابة قابلة للتطوير والتجديد والتحسين من اجل أن يكون المردود أفضل والنتائج أحسن ومستوى أبنائه وبناته التلاميذ والتلميذات تقر به عينه واعين آبائهم وأمهاتهم الذين قدروا فيه تفانيه وإخلاصه وتعلقه الشديد بمهنته الشريفة التي هي مهنة الأنبياء والمرسلين الم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت معلما)؟. وقد أضاف الشيخ رشيد كاهية رحمه الله إلى جانب نشاطه المهني الوظيفي نشاطات أخرى ذات صبغة تعاونية تضامنية اجتماعية إذ نشط في تعاونية التعليم وحقق من خلالها مع زملائه مكاسب سواء كان ذلك في مجال السكن أو في مجال العلاج أو في مجال الرعاية الصحية والوقوف بجانب المصابين وفاقدي السند منهم. ولا غرابة أن يندفع الشيخ رشيد كاهية رحمه الله في مثل هذه الأعمال ذات الصبغة التعاونية التضامنية فقد وجدت في نفسه هوى ولديه استعدادا ذكاهما ما نشأ عليه سواء كان ذلك في أسرته الفاضلة الممتدة العروق والتي كان فيها الشيخ رشيد رحمه الله بالنسبة للأقارب وذوي رحمه القطب والسند وحلقة الوصل. أو كان ذلك في جامع الزيتونة الذي تلقى من شيوخه وعلمائه كل ما يرغب في البذل والعطاء والتضحية والإيثار طمعا في الأجر والثواب وعملا بهدى رسول الله عصى الله عليه وسلم الذي يقول : (لا يكون أحدكم مؤمنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) و(والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه). وسيرا على هذا النهج القويم وإيمانا بأهمية القيام بخدمة الغير ومدّ يد المساعدة إليهم خصوصا عندما يصبحون في حاجة إلى ذلك سواء كان ذلك عندما تتقدم سنهم أو عند إصابتهم بمرض فقد بادر الشيخ رشيد كاهية رحمه الله إلى تحمل مسؤولية رئاسة فرع تونس لجمعية المتقاعدين ومن هذا الموقع ومع إخوانه وبالتنسيق مع مختلف الأطراف المتدخلة وعلى رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية بصناديقها والسلطات الإدارية بولاية وإقليم تونس حقق الشيخ رشيد كاهية رحمه الله العديد من المكاسب لهذه الفئة العزيزة. ولم يتخلف الشيخ رشيد كاهية عن الانخراط في نشاطات منظمة التربية والأسرة والمجالس البلدية وهيآت الشعب وحتى الجمعيات الرياضية بجهة باردو وازداد حماسه للعمل الاجتماعي فاندفع يشجع ويدعو إليه مستعملا كل ما أوتي من قدرة على الإقناع وتقديم للحجة والبرهان من القرآن الكريم وسيرة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام. واختير الشيخ رشيد كاهية رحمه الله لتولي الإمامة والخطابة بجامع حمودة باشا المرادي فانطلق من هذا الموقع الهام والبارز في قلب تونس العاصمة يوجه ويرشد وينصح ويعظ بتيسير وتبشير شدا إليه الانتباه ورغب في حضور خطبه فئات عديدة من أنباء تونس تعلقوا به وأحبوه فبادلهم رحمه الله حبا بحب. ولم يتخلف الشيخ رشيد كاهية رحمه الله عن شهود الندوات والاجتماعات الدينية يشارك فيها برأيه ويقدم من خلالها تجربته ويبدي فيها مقترحاته للنهوض بقطاع التوجيه الديني. وكان يحرص على إعطاء المواكب الدينية التي تقام في مركز الولاية انتظارا لاستطلاع هلال رمضان أو في جامع الزيتونة بمناسبة قراءة قصة المولد في يوم المولد ما تستحق من العناية في ما يلبسه من زي تقليدي تونسي أنيق يبدو فيه الشيخ رشيد كاهية تعلوه الابتسامة والفرحة والسرور التي يقابل بها كل من يلاقيهم في هذه المواكب البهيجة. وتقديرا للشيخ رشيد كاهية رحمه الله واعترافا بتفانيه وبذله وعطائه في المجال الديني اختير عضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى كما اختير عديد المرات ليكون ضمن أعضاء البعثة الدينية التي تتوجه كل عام في رمضان والمولد للقيام بالإحاطة الدينية لجاليتنا في المدن الفرنسية والأوروبية فقام بهذه المهمات على أحسن الوجوه وأتمها حيث أحبته الجالية وقدرت كفاءته وأعجبت بأسلوبه التربوي البيداغوجي المتفتح والمتسامح ولم يتأخر رحمه الله عن الاستجابة لأية مهمة كلف بها في هذا المجال. كما إن دولة الإمارات العربية المتحدة استضافته للقيام بالإرشاد في شهر رمضان المعظم وكان في رحلاته الخليجية يعرج على تلك البلدان الشقيقة ويتصل بعلمائها وهيأتها الدينية ثم ينهي رحلته بأداء العمرة ليعود إلى تونس وقد اشتاق إليها واشتاقت إليه وبالخصوص أهله وخلانه وأصدقاؤه ومرتادو جامع حمودة باشا ونظارة اللتلفزة الوطنية فقد كان الشيخ رشيد كاهية رحمه الله من الوجوه التلفزية التي تطل على النظارة في بيوتهم في أمسيات الجمعة من خلال برنامج المنبر الديني فقد كان الشيخ رشيد كاهية رحمه الله ثاني اثنين مع الشيخ مصطفى الغربي رحمه الله ، تعلق بهما النظارة وأحبوا أسلوبهما الميسر الذي يراعي مختلف المستويات ويمزج الدين بالواقع المعيش ويربطه بين الشعار والممارسة إيمانا منهما بأن الدين النصيحة والدين المعاملة ومكارم الأخلاق. ولم يتأخر الشيخ رشيد كاهية رحمه الله عن مفاعلة خطابه الديني ما كل ما يراد التركيز عليه وتحقيقه في المجتمع التونسي من تضامن وتآزر وجد وكد ونظافة وحفاظ على المكاسب العامة وتعاون على الخير ومؤازرة للجهود المبذولة من خلال المنبر الديني ومن خلال الخطب الجمعية ومن خلال الدروس والمحاضرات التي كان يلقيها سواء هنا في تونس أو خارجها فجهوده تذكر فتشكر وتحفظ له إن شاء الله في سجل حسناته يوم يلقى الله ربه للحساب فقد ثابر الشيخ رشيد كاهية رحمه الله إلى آخر أيام حياته لم يبخل ولم يتوان حتى والمرض يداهمه ويهجم على جسده فقد ظل يقاوم إلى آخر رمق مؤمنا بأن الحياة عقيدة وجهاد رحم الله الشيخ رشيد كاهية رحمة واسعة وأسكنه فراديس جنانه وجازاه عن دينه وأمته خير الجزاء وإنا لله وإنا إليه راجعون.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.