فضيلة الشيخ أحمد الشريف الامام الأول لجامع الزيتونة ونقيب السادة الاشراف بالبلاد التونسية يغادرنا إلى دار البقاء

فضيلة الشيخ أحمد الشريف الامام الأول لجامع الزيتونة ونقيب السادة الاشراف بالبلاد التونسية يغادرنا إلى دار البقاء


ودّعت الاوساط الدينية في الايام الأخيرة فضيلة الشيخ أحمد الشريف الإمام الأول لجامع الزيتونة المعمور ونقيب السادة الاشراف آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاد التونسية الى مثواه الأخير بمقبرة الزلاج. وقد ورث رحمه الله وأجزل مثوبته هذين الخطتين الرفيعتين عن أسلافه الكرام الذين كانوا ولا يزالون نجوما في سماء تونس وأمانا لها، حفظ لهم التونسيون بمختلف فئاتهم هذه المكانة الرفيعة والمنزلة العالية، فهم رضي الله عنهم وأرضاهم، ونفعنا بهم أغصان من الدوحة النبوية الطاهرة التي طهّرها الله وأذهب عنها الرجس وأوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته حيث قال المولى سبحانه وتعالى على لسانه فيما أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي المعجم الكبير قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: علي وفاطمة وولداهما» وروى الامام أحمد والترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لا يدخل قلب امرئ ايمان حتى يحبكم لله ولقرابتي» وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أذكركم الله في أهل بيتي” والأحاديث الصحيحة الاسانيد الثابتة الورود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل وبركات آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم سبب كل خير ومبعث كل بركة ولطف بالأمة وبالناس أجمعين أكثر من أن نحيط بها. وقد كان الحبّ والتعلق بآل بيت رسول الله صلى عليه وسلم مسلك السلف والخلف ينزلونهم أرفع المنازل والمقامات ولا يتقدّمون عليهم أدبا معهم ومع مصدر تشريفهم وتغطيتهم وتوقيرهم سيدنا وحبيبنا مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا دائما باقيا الى يوم الدين. وحفظ أهل تونس لآل بيت رسول الله صلى لله عليه وسلم هذه المكانة بل واعتبروها من الألطاف الإلاهية التي لا تزال حافة بهم وببلادهم. لقد خلف فضيلة الشيخ المنعم سيدي أحمد الشريف رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه في إمامة الجامع الأعظم جامع الزيتونة المعمور الشيخ سيدي عبد الكريم الشريف التي ورثها عن الشيخ سيدي مصطفى محسن وهكذا خلف عن سلف مبارك ممتد رحمهم الله وأسكنهم فراديس جنانه ونفعنا بهم. امتدت هذه السلسلة المباركة لعقود طويلة ونرجو من الله أن يتواصل سندها وأن يرجع هذا الحق الى أصحابه وهم الأولى به والاجدر، فأهل تونس على مرّ القرون لا يريدون أن يؤم مسجدهم الأعظم في الصلوات الخمس والجمعة والعيدين غير آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد سلّم لهؤلاء الاشراف بالأولوية ولاة الأمور على تداولهم وعلماء تونس الاعلام الذين اكتفوا في الجامع الأعظم جامع الزيتونة بالتدريس في مختلف الاختصاصات فكانت حلقاتهم ملتقى لطلبة العلم يأتونها من كل الآفاق القريبة والبعيدة، وكفى بهذه المهمة العلمية شرفا وفضلا حتى إذا ما رغب او طلب من أحدهم أن يتولى الامامة فإن ذلك يكون في جوامع ومساجد أخرى تاركين إمامة الجامع الأعظم للسادة الاشراف آل بيت رسول الله صلى الله وعليه وسلم الذين بادلوا من حفظوا لهم الفضل بحقّ وعطف وتقدير تواضع جمّ وقد كان ولا يزال في سلسلتهم الذهبية من جمعوا الى النسب الشريف العلم الغزير. فالشيخ سيدي أحمد الشريف رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه تدرّج في سلم التعليم بالجامع الاعظم الى أن تخرج منه بأرفع الشهائد فكان زينة منبر ومحراب الجامع الأعظم بالخصوص في المواسم الدينية التي تمتد من رجب الى شعبان الى رمضان، مجالس علم يسرد فيها صحيح البخاري وصحيح مسلم وكتاب الشفا وشمائل الترمذي ومولد البرزنجي وبردة وهمزية البوصيري ودلائل الجزولي، مجالس يشرف على فعالياتها على مدار العام (في رمضان وفي ربيع الأول) أئمة الجامع الأعظم آل الشريف الكرام وتحرص على حضورها كل فئات المجتمع التونسي لاسيما أهل الحاضرة وأحوازها القريبة والبعيدة ترتفع منها الى الله سبحانه وتعالى أخشع الدعوات والاستغاثات. محطات من السنة يحرص الجميع على شهودها وهي إحدى خصوصيات هذا الجناح الغربي من العالم الاسلامي وطّدتها ورسختها الهيئة العلمية المتصلة السند والممتدة من سماحة شيخ الاسلام سيدي محمد الطاهر ابن عاشور شيخ الجامع الأعظم الى سيدي علي ابن زياد تلميذ الامام مالك رضي الله عنه وصاحب الرواية للموطإ اصح كتاب بعد كتاب الله. خصوصية تتمثل في عقيدة سُنّية سَنية أشعرية ومذهب مالكي إمامه صاحب أصح سلسلة ذهبية سندية (مالك عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) وطريقة سلوكية جُنيدية تتلازم فيها الشريعة بالحقيقة. إن فضيلة الشيخ سيدي أحمد الشريف رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه الذي ترك رحيله في أنفس وقلوب كل من عرفوه وعرفوا خلقه الرضي ورصانته وعفته وعزة نفسه الأسى الشديد والحزن الكبير واللوعة الحارة هو أحد حلقات وعرى هذا العقد الذي يُرى على صدر تونس فيزيدها بهاء وجمالا وأنوارا في المظهر: جبّة وعمامة وبرنسا وشانا وهي في المخبر نورانية واشراقا مصدرهما عرق النبوة المحمدية وكيف لا وهي ذرية بعضها من بعض أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيرا. عزاؤنا ونحن نودّع سيدي أحمد الشريف رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه أنه ظل رغم المحن والابتلاءات على العهد لم يغيّر ولم يبدل معتزا بانتمائه الى العترة النبوية الطاهرة وإمامته للجامع الأعظم، وعزاؤنا في مصابنا تلك البقية الباقية من آل البيت الأطهار سيدي محمد الشريف وسيدي جعفر الشريف وكل آل الشريف الابرار حفظهم الله. “إنا لله وإنا اليه راجعون”.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.