عبد المجيد البراري الشاعر المربّي الذي أحبّ مهنته
قبل مدة اعترضني قريبا من مقرّ مجلة جوهر الاسلام بنهج جمال عبد الناصر بتونس العاصمة الأستاذ الشيخ البقية الباقية من شيوخ جامع الزيتونة عبد المجيد البراري أمدّ الله في أنفاسه وكانت مناسبة تجاذبنا فيها بعض الذكريات التي عشناها معا صحبة الشيخ حسن الورغي – رحمه الله - وأجزل مثوبته و ما بذله في سبيل تحفيظ القرآن ونشر الاملاءات والكتاتيب في مختلف أنحاء الجمهورية في فترة صعبة من تاريخ تونس الحديث وقد توج – رحمه الله – عمله بتأسيس مدرسة تحمل اسم عمر بن الخطاب لتعليم القرآن بمنطقة سكرة من ولاية أريانة، وقد احتضنت هذه المدرسة العصرية القرآنية بمختلف مكوناتها (قاعة الصلاة وقاعات الدراسة والمطعم والمبيت) عشرات التلاميذ من تونس وبالخصوص من البلدان الافريقية حيث تخرجوا منها حفاظا لكتاب الله متحصلين على زاد لا بأس به من مختلف فروع العلوم الاسلامية (فقه وعقيدة وقراءات وعلوم العربية).
كان الأستاذ عبد المجيد البراري – حفظه الله - وهو من سكان أريانة أحد أساتذة مدرسة عمر بن الخطاب وكان يحظى لدى الشيخ حسن الورغي – رحمه الله - بالاحترام والتقدير الكبيرين نظرا لجديته وتجرّده وحبّه الشديد لمهنته التي هي التعليم الذي مارسه في داخل البلاد وخارجها وارتبط عن طريق هذه المهنة الشريفة بعلاقات متينة مع من علمهم في تونس وفي موريطانيا وفي البلدان التي زارها كالمغرب والمملكة العربية السعودية حيث سافر مرشدا للحجيج.
الشيخ عبد المجيد البراري حريص على توثيق زياراته ورحلاته وما يحضره من مناسبات دينية وثقافية في تونس والخارج بالكلمة والصورة وقد كان ألف كتابا في العقيدة الاسلامية والفقه المالكي وهاهو ذا يصدر له ديوان شعر يحمل عنوان "المرآة" صدر غلافه ببيتين من الشعر يقول فيهما :
- هذي الحياة مسرح ... وركحه يتسع
- كـــــــــــــــل يؤدي دوره ... والقدر يــــوزع
كتب لي الأستاذ عبد المجيد البراري في الاهداء ما يلي :
(إلى حضرة الأستاذ صلاح الدين المستاوي أهدي إليكم هذه الكلمات وقد عبّرت عنها بالمرآة راجيا من فضيلتكم قبولها والدعاء لي بحسن الخاتمة أخوكم عبد المجيد البراري).
أمّا إهداؤه العام الذي صدّر به ديوانه فيقول فيه ما يلي :
(الاهداء إلى كل إنسان وهب حياته لإيجاد توازن عملي بين القيم الروحية والأخلاقية والحضارة المادية)
بدأ الديوان بالرباعيّات :
- يا رسول الله يا خير الورى ... أنت نور الله للمقتبــس
- جئـــــت للخلق بشيرا قائــــــــــدا ... ونذيرا خير هاد سائس
وهذه الرباعيات طريفة متنوعة في مضمونها الذي هو من وحي الواقع المعيش الذي مرّت به الأمّة وهو واقع مرير مليء بالخيبات والنكسات !!
وفي الديوان قصائد متنوعة مثل يا قاصد الحرمين، هو الشفاء (القرآن)، تحية لمجلس الحديث بأريانة الذي أسسه المنعم الشيخ محمد الزغواني – رحمه الله -، وحتم الحديث بإشراف المنعم الشيخ الفاضل العبدلي – رحمه الله – نهجنا، هدية إلى بيت الحديث بأريانة وتحية عيون العتروس بموريتانيا إلى جانب قطع أخرى في ذكريات الشاعر عبد المجيد البراري أثناء عمله في موريتانيا بالإضافة إلى قطع أخرى من وحي زيارته لمالطا وباريس والمغرب، وفي ديوان البراري رثاء لوالده وللمرحوم عبد الوهاب سعادة وتحيات إلى الكشافة وعيد الورد بأريانة وإلى الحفيدة ودار المربي ومعهد ابن حزم ومحمد علي كلاي وإلى سيدي ابراهيم الرياحي والأستاذ محمد مزالي وإلى التلاميذ والطلبة بمدرسة عمر بن الخطاب بسكرة ونقرأ في خاتمة الديوان مقامتين : المقامة العربية والمقامة الحلوانية.
ومع الديوان أهداني الأستاذ عبد المجيد البراري قطعة شعرية تحمل عنوان عسى القرآن يجمعنا حاء في مطلعها قوله :
- جذور الخضرا ذابلة ... تعالوا الآن نحييها
- بتحفيـــــــظ لــــــــــــقرآن ... وتذكير بماضيهـــــا
- لسان العرب منسي ... يكاد الهجر يخفيها
تلك أيها القارئ إطلالة على ديوان "المرآة" للأستاذ عبد المجيد البراري وهي تحية نوجهها إليه عن طريق جريدة الصريح داعين الله أن يمدّ في أنفاسه ويحسن خاتمته إنه سبحانه وتعالى سميع مجيب.