سيدي محرز رمز اتصال السند العلمي والروحي وعنوان تسامح اهل تونس
في سنة حسنة متصلة ذات رمزية واضحة تعبّر عن التعلق والحب الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي علامة صدق الايمان ( لا يكون أحدكم مؤمنا حتى أكون أحب اليه من ماله وولده ونفسه التي بين جنبيه) أحيا الشاذلية ذكرى أربعين المولد النبوي الشريف في رحاب الولي الصالح سيدي محرز بن خلف الملقب بسلطان المدينة (مدينة تونس) وذلك بحضور أركان المقام الشاذلي شيوخا وحزّابة وذكّارة وسدنة يتقدمهم الشيخ الطيب بن عثمان والشيخ الطيب دغفوس حفظهما الله وقد استقبل الجميع شيخ زاوية سيدي محرز سيدي التهامي المحرزي أعانه الله على حسن القيام والإشراف على هذا المعلم العريق الذي يرتاده الزوار من تونس وخارجها على مدار العام وتزدحم أرجاؤه بكل الفئات من الذكور والإناث أين يجد الجميع السكينة والطمأنينة ويتوجهون من جوار سيدي محرز بأخشع الضراعات والدعوات والاستغاثات الى الله سبحانه وتعالى والتي لا تتاخر الاستجابة لها من ربّ العالمين بتفريج الكروب وقضاء الحاجات وبلوغ الآمال والحفظ والستر واللطف وهي مجرّبات، ومن رُزق من باب لزمه • والولي الصالح سيدي محرز بن خلف معروف لدى التونسيين بأنه معلم الصبيان لكتاب الله العزيز القرآن الكريم فقد كان مؤدبا يعلم الصغار كلام الله العزيز عملا بقوله عليه الصلاة والسلام (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ومعلم الناس الخير مترسم لخطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول (إنما بعثت معلما) والقائل (من يرد به الله خيرا يفقهه في الدين) وتقول الروايات التاريخية أن سيدي محرز هو من طلب من الفقيه عبد الله بن أبي زيد القيرواني أن يؤلف للصبيان كتابا في الفقه يراعي مستوياتهم فحرر عبد الله بن أبي زيد الملقب بمالك الصغير كتاب الرسالة التي ذاعت وشاعت وكتب الله لها القبول والانتشار فتعددت شروحها ونظمت ليسهل حفظها وانكب عليها العلماء يعتمدون عليها ويتخذونها مقررا ومرجعا فتفقهت بها أجيال متعاقبة اتصل بها السند العلمي: عقيدة وعبادة ومعاملة • وبطلب من سيدي محرز واستجابة سيدي عبد الله بن أبي زيد اجتمع للمدرسة التونسية خصوصيات ومميزات حافظت عليها واعتزت بها أيما اعتزاز • ويحفظ التونسيون لسيدي محرز أنه من تصدى بايمان ويقين وثقة بالله لهجمة هدم عاصمتهم فقد وقف على إحدى هضاب تونس في مواجهة الجيش الهاجم وصرخ من اعماقه وقال: غدا بإذن الله تكون تونس ولا يكون باديس (قائد الجيش الهاجم) ويشاء الله أن يفكّ أحد الأسارى قيده ويتجه الى قائد الجيش بضربة كانت قاضية تشتت بها جيشه وحفظ الله تونس من الهدم والتخريب فقال الناس: يحرز لك محرز يا تونس وغدا ذلك مثلا يجري على الألسنة تسليما لسيدي محرز بالصلاح والولاية واعتبرت تلك كرامة لسيدي محرز، وإثبات كرامة للأولياء محل إجماع العلماء حتى قيل: وأثبتن للأولياء الكرامة ومن نفاها فأنبذن كلامه ويذهب الكثيرون الى ان سيدي محرز هو رمز وان تونس محفوظة بألطاف إلهية وانها في كل شدة وعبر تاريخها يقيض الله لها من ينقذها علي يديه مما توشك أن تقع فيه من فتنة والحمد لله على ذلك، وما المانع من ذلك والله على كل شيء قدير؟ • ويعتبر سيدي محرز رضي الله عنه رمزا من رموز التسامح فهو من رفع عن يهود تونس مظلمة رآها متسلطة عليهم حيث كانوا يقطنون خارج المدينة فاستشفع لهم لدى حكام زمانه ليسكنوا بجواره في حاره حيث ظلوا يعيشون في أمان واطمئنان لا يعتدي عليهم أحد وذلك تجسيما لسماحة الاسلام وقد احتفظ يهود تونس لسيدي محرز بهذه المنة فظل كبارهم بالخصوص يزورونه كما يزوره أهل تونس من المسلمين ولما لاحق النازيون اليهود كان هؤلاء يحتمون بسيدي محرز فلا ينالهم مكروه • وهذه السماحة من التونسيين متجذرة فهم من أحسنوا استقبال المهجرين من اليهود من الأندلس تماما مثلما ما فعلوا مع مسلمي الأندلس ومثل هذا الصنيع قام به مسلمون من أصول مغاربية كانوا يعيشون في فرنسا إذ أقدم أئمة وقائمون على المساجد والجمعيات الاسلامية بإسناد شهادات اسلام صورية لليهود الذين كان يلاحقهم النازيون فكان صنيع هؤلاء المسلمين تجسيما فعليا لسماحة وانسانية تعاليم الاسلام • أربعين المولد النبوي التي أحياها الشاذلية في زاوية سيدي محرز مضي في تجسيم خصوصية اسلام هذه الربوع المباركة، إسلام التعلق الشديد بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن ساروا على نهجه من الأولياء الصالحين والعلماء العاملين الذين لا تزال معالمهم وزواياهم ومقاماتهم عامرة بذكر الله: تلاوة للقرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار وصلاة على رسول الله وأمداحا وإنشادا وضراعات يجد بها الزائر ما هو في أشدّ الحاجة اليه من سكينة وطمانينة وراحة نفسية على مدار السنة وعند إحياء الذكريات والأعياد الدينية.