دور زوايا فريانة وتوزر ونويل في تحفيظ القران الكريم وصمودها في المحافظة عليه
كتب محمد صلاح الدين المستاوي
ورقتي هذه المرة من ذكريات رمضان ستكون في الحديث عن مؤسسات أهلية قامت بدور كبير في خدمة القران الكريم طيلة عقود طويلة . انها الزوايا تلك المؤسسات التي عرفت انتشارا كبيرا في بلدان الشمال الافريقي في المدن و القرى و البوادي منذ عهد مبكر. انها عمل شعبي اسسه علماء وصلحاء ليكملوا ماتقوم به المساجد والجوامع مع إ ضافة ادوار أخرى تربوية روحية واجتماعية واقتصادية وحتى جهادية يجد فيها المقاومون والمجاهدون للغزاة والمستعمرين السند والمدد تلك ادوار قامت بها الزاوية لايتسع المجال لتفصيل القول فيها ويشهد التاريخ للزوايا انها كانت الملاذ لابناء الفئات الشعبيةوهي الاكثر ففيها تعلموا واقاموا ووفر لهم الغذاء والملبس وفيه حفظوا القران ومبادئ العربية وعلوم الدين وواصلوا بعد ذلك تعليمهم وتخرجوا بارفع الشهادات في مختلف الاختصاصات وتولوا مختلف الوظائف وحتى المسؤؤليات في الدولة فكان منهم القاضي والوالي والسفير والوزير.
وذاك ما كتبه التاريخ باحرف من نور للزوايا وشيوخها عليهم من االله الرضوان مااردت الحديث عنه هو الدور الذي قامت به ثلاث زوايا في نشر القران وتحفيظه بدون انقطاع طيلة الغقود الماضية ( بعد الاستقلال) وإلى يوم الناس كان ذلك في ظر ف همشت في الزوايا واغلقت اغلبها ابوابها وتوقفت عن القيام بهذالدور الهام هذه الزوايا الثلاثة ماهي إلا نماذج لسواها من اخواتها بقية الزوايا التي كانت منتشرة في بلادنا خصوصا في فترة ماقبل الاستقلال وتخصيص الحديث عن هذه الزوايا التي تمحظت لتعليم القران حيث ظل يقصدها الراغبون في حفظ القران من مختلف جهات البلاد فيجدون فيها السكن والاعاشة ( حسب الامكانات المتاحة) والتفرغ لحفظ الفران على ايد ي مؤدبين انتدبتهم تلك الزوايا لتحفيظ القران وتعليم مبادئ العلوم الشرعية في العقائد والعبادات ورسم القران وقواعد الترتيل ومبادئ العربية ليتخرجوا بعدة فترة قد تمتد إلى سنوات حفاظا للقران الكريم وليتولوا من بعد ذلك الخطط الدينية ( مؤدبين وائمة خمس في المساجد والجوامع).
ويشاركون في مايقام من مسابقات قرانية في داخل البلاد وخارجها فقد نال الكثير منهم جوائز في مسابقات دولية كبرى في مكة ودبي وكوالمبور والقاهرةوعمان والكويت وغيرها هذه الزوايا الثلاثةهي1 زاوية سيدي احمد التليلي بفريانة2 الزاوية القادرية بتوزر3 زاوية نويل في قبلي ظلت هذه الزوايا الثلاثة تقوم بتعليم القران وتحفيظه بدون انقطاع منذ تاسيسها على ايدي شيوخ بررة رغبة خالصة مهم في تحصيل الثواب والاجر والدخول ضمن من عناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم( خيركم من تعلم القران وعلمه) قامت زوايا فريانة وتوزر ونويل بهذه المهمة النبيلة العظيمة الشأن والقدر بدافع تلقائي ذاتي و تبرئة للذمة امام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال ( بلغوا عني ولو اية) وكان ما قامت به هذه الزوايا صدقة جارية مندرجة ضمن العمل الصالح الذي يلحق القائم به بعد رحيله عن هذه الدار كما جاء في الحديث الشريف ( إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وولد صالح وعلم ينتفع به).
والقران هو لاشك العلم الذي ينتفع به وكيف لا وهو اصل الدين وعموده الفقري فهو الحبل المتين وهو العروة الوثقى وهو السراج المنير وهو ماعناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله( تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي) ايمانا بذلك واخلاصا لله من الشيوخ القائمين على هذه الزوايا في عملهم المتمثل في تحفيظ القران وتخريج المهرة بالقران والذين هم بالعشرات تفرغوا بعد التخرج حفاظا للقران لتعليمه لغيرهم وامامة الناس به في صلواتهم في المساجد والجوامع. قدم شيوخ هذه الزوايا الثلاثة رحم الله من رحل منهم إلى دار البقاء و حفظ من لايزال على قيد الحياة مقدمين الغالي والنفيس في سبيل تواصل ادائهم لهذه الرسالة القرانية متخملين للكثير من المتاعب والمضايقات من المزايدين الذين يصطادون في الماء العكر.
صمدت هذه الزوايا الثلاثة في مواجهة كل ما تسلط عليها من ترهيب وتخويف وازعاج واربا ك ونرغيب قصد جعلها تتخلى عن مواصلة القيام بهذه الرسالة النبيلة فلم تخضع وظلت هذه الزوايا الثلاثة منارات قرانية تشع بالعلم والخير والبركة على ربوع تونس ينفق القائمون على اعاشة وسكن ورعاية تلاميذهم وعمارة زواياهم من اموالهم الخاصة وماهي بالوفيرة وبما يساعدهم به بعض المحسنين الابرار يدفعون ذلك سرا لايعلم منهم ذلك إلا الله الذي لايضيع اجر من احسن عملا زوايا ثلاثة زاوية فريانة وزاوية توزر وزاوية نويل خرجت ولاتزال عشرات الحفاظ للقران الكريم هم اليوم من تعمر بهم مساجد تونس وجوامعها ويتعلم على ايديهم مئات التونسيين والتونسيات القران الكريم ولاشك أن هناك زوايا أخرى صمدت و قامت بهذا الدور في مناطق أخرى من تونس هناك في الدخلة بالوطن القبلي وهناك في مساكن وفي راس الجبل وفي صفاقس وفي القيروان وغيرها تخصيص هذه الزوايا بالتنويه لانني توفرت لي فرص التعرف على عملها وزيارتها ومتابعة ظروفها ومعاناة القائمين عليها اجزل الله مثوبتهموهو يندرج في اطار التنويه والتعريف بجهودهم المباركة في خدمة كتاب الله العزيز بمن تضمنت الورقات ونشرصفحات من عملهم القراني الخالص لوجه الله والذين لن يوفيهم إلا ربهم الجزاء والثواب عليه.