ترجمة معاني القرآن إلى الأمازيغية المكتوبة بالأحرف العربية
ترجمة معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات بعد أن كانت في بداية ظهور الترجمات لمعاني القرآن الكريم محل اخذ ورد واختلاف في الجواز وعدم الجواز يكاد يكون الإجماع حاصلا اليوم بين العلماء والهيآت العلمية الدينية على جوازها، والترجمات لمعاني القرآن الكريم ليست قرآنا لان القرآن هو ما ينطبق عليه التعريف الذي يقول (هو كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته الموجود بين دفتي المصحف) فذلك هو القرآن لا يجوز مسه إلا على طهارة (لا يمسه إلا المطهرون) والذي لا تجوز الصلاة إلا به. ترجمات القرآن منتشرة بين أيدي الناس وهي اليوم بمختلف اللغات وهي عديدة بالعشرات في اللغة الواحدة وفي الآونة الأخيرة يكاد لا يمر شهر دون أن تصدر ترجمة جديدة للقرآن فالطلب على هذه الترجمات في ازدياد حبا للاطلاع خصوصا وبعد أحداث مختلفة ارتبطت بالإسلام وبالمسلمين الأمر الذي قوى من الرغبة في التعرف على الإسلام من خلال القرآن ومن خلال سيرة رسول الله صل الله عليه وسلم. وإذا كانت حاجة غير المسلمين إلى ترجمات للقرآن الكريم ليست أساسية ومتأكدة فإن الحاجة ماسة بالنسبة للشعوب غير العربية التي تتكون منها الأمة الإسلامية فمئات الملايين من المسلمين غير العرب لا يستطيعون الاتصال بالقرآن باللغة التي تنزل بها أي اللغة العربية ومع ذلك فان قوة إيمان هؤلاء المسلمين غير العرب وتعلقهم بدينهم وكتابه العزيز (القرآن الكريم) جعل الآلاف منهم يعملون على حفظ القرآن عن ظهر قلب ويتفوقون على زملائهم من العرب في المسابقات التي تنظم في عواصم الدول العربية والإسلامية، إنها معجزة القرآن الخالدة التي قال الله في حقها (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر) وهي مظهر من مظاهر تعهد الله بحفظ كتابه العزيز حين قال جل من قائل (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). هذا المجهود المشكور لحفظ كتاب الله (القرآن الكريم) العزيز كان لابد أن يوازيه مجهود آخر ألا وهو التعرف على ما في كتاب الله: سوره وآياته من هدي إلهي ولا يتأتى هذا الفهم والاستيعاب لمن لا يعرف اللغة العربية إلا بالترجمة لمعاني القرآن الكريم وقد وقع القيام بعديد الترجمات لمعاني القرآن الكريم إلى لغات الشعوب الإسلامية ولكنها ظلت محدودة الانتشار لا تصل إليها إلا القلة أما الغالبية العظمى فهي تكتفي بالتبرك بما تحفظه وتسمعه يتلى عليها باللغة العربية من كتاب الله العزيز. ولغات كثير من الشعوب الإسلامية هي لغات شقيقة للغة العربية ولغات اغلب الشعوب الإسلامية ظلت تكتب بالحروف العربية وذلك على غرار اللغة الفارسية واللغة الأردية بينما أبدلت الأحرف العربية بالأحرف اللاتينية بالنسبة للغة التركية وكذلك الحال بالنسبة لعديد اللغات الأخرى في خطة تهدف لقطع الصلة بين هذه اللغات واللغة العربية وبعبارة أخرى بين أجزاء الثقافة الإسلامية الواحدة التي هي ثقافة كل الأمة الواحدة امة القرآن. وظلت فئات كبيرة من أبناء الأمة الإسلامية محرومة من التعرف على كنوز القرآن ومعانيه. وظلت مستهدفة لفصلها عن جسد الأمة حيث لم تقم محاولات جادة وفعلية لترجمة القرآن إلى لغة ذلك الجزء الكبير من الأمة. وهذا الأمر هو الذي دفع احد أبناء الأمة الإسلامية إلى القيام بما سماه محاولة وهي محاولة مشكورة إنها ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الأمازيغية، إنها أول ترجمة توضع بين أيدي آلاف بل مئات الآلاف من أبناء الشمال الإفريقي في الجزائر والمغرب بالخصوص فهؤلاء المسلمون ظلوا محرومين من قراءة وسماع القرآن مترجما إلى اللغة الأمازيغية إلى أن وفق الله الأستاذ الحاج محند-م-طيب إلى انجاز هذه الترجمة التي أبى إلا أن يختار لها الأحرف العربية ليس عاطفة وانحيازا إلى اللغة العربية يقول المترجم (الحرف العربي اخترته) لان كل الأصوات بالأمازيغية يمكن تصويرها بالحروف العربية ما عدا بعض الأصوات ومع ذلك يمكن تصويرها بإدخال تعديل طفيف على بعض الحروف وهي كما يلي (ز=ﮋ) (ج=ﭺ) (كـ=ﮔ) (ب=ﭖ) (ف= ﭫ) (تس=ت+س) (تش=ت+ش). ويقدم المترجم الأستاذ الحاج محند م طيب الجزائري الأمازيغي أمثلة عديدة مقنعة على القرب الشديد والتلازم الوثيق الذي يصل حد التمازج بين اللغة العربية واللغة الأمازيغية. ويقول : هناك عمل جار لكتابة اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني غير أن صعوبات جادة قد اعترضت المشتغلين في هذا المضمار لان تلك الكتابة قد تبعدها إبعادا كبيرا عن حقيقتها بحيث يصعب فهمها (والعبرة بالفهم) وللإقناع بما يذهب إليه قدم لنا المترجم أمثلة على تجارب أجراها مع أمازيغي لا يعرف إلا الفرنسية وأمازيغي لا يعرف إلا العربية ويقدم المترجم عينات لنصوص كتبت الأمازيغية فيها بالأحرف العربية ونصوص كتب الأمازيغية فيها بالأحرف اللاتينية. والرجل خبير عالم باللغات العربية والأمازيغية التي هي لغته الأصلية ولغات مئات الآلاف أمثاله من خيرة أبناء الجزائر والمغرب وكذلك إجادته للغة الفرنسية التي تعلمها في الجزائر وفي فرنسا. فبالحجة وبالبرهان يقنع الحاج محند-م طيب بالقرب الشديد في الأصوات ومخارج الحروف وأن اللغتين العربية والأمازيغية لغتان شقيقتان لشعب واحد يدين بدين واحد وله كتاب واحد هو القرآن الذي انزله الله بلسان عربي مبين فمن الطبيعي والمنطقي أن تكتب الأمازيغية بالأحرف العربية مثلما تكتب اللغات الأوروبية بنفس الحروف ولا يخفى ما في الحروف من تقريب بين المتكلمين باللغات التي تستعمل نفس الأحرف وقد نبه إلى هذا الأمر كثير من المصلحين وتنبهت بعض الهيآت إلى أهمية كتابة لغات الشعوب الإسلامية بالأحرف العربية وقامت الأيسيسكو بجهد مشكور في هذا المجال بالخصوص في إفريقيا مثل اللغة السواحلية التي هي أيضا إحدى شقيقات العربية. وكتابة لغات الشعوب الإسلامية بالأحرف العربية من شأنه أن يجعلها موصولة بتراثها الذي كتب نثرا وشعرا أدبا وعلوما شرعية بلغات تلك الشعوب بالأحرف العربية وفي الكتابة بالأحرف اللاتينية قطيعة مع هذا الإرث الكبير الذي هو ارث فيه الكثير من الاشتراك والامتزاج. إن هذا العمل الجليل (ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية) واختيار الأحرف العربية لذلك عمل جليل واجتهاد مشكور جاء في الإبان ليسد الطريق أمام دعوات مشبوهة تسعى جاهدة لبث الفرقة والاختلاف وإحداث القطيعة بين فرعين لثقافة واحدة هي الثقافة الإسلامية برافديها الأمازيغية والعربية ومن حسن الطالع ومما يجعل محاولات الداعين إلى القطيعة تبوء بالفشل الذريع إن أشدّ الناس تمسكا بالعربية لأنها لغة القرآن ودفاعا عليها هم من الأمازيغيين وقد تمت هذه الترجمة بتاريخ 16-3-2005 واستغرقت حوالي ثلاث سنوات ونصف وهي ترجمة مكتوبة بحيث يقابل النص العربي للقرآن النص الأمازيغي لترجمة معاني القرآن وهي جزء قد سمع (6 أحزاب) 2) ربع القرآن (يس 16 حزبا) 3) نصف القرآن (قال الم اقل لك 30 حزبا) 4) المصحف كاملا (60 حزبا). كما تم تسجيل هذه الترجمة على أشرطة لتمكين الأميين من كبار السن وهم بالآلاف من الاستفادة من هذه الترجمة المباركة التي سدت فراغا وصدت هجمة عنيفة تستهدف من لا يعرفون العربية من المسلمين الأمازيغيين وشكرا جزيلا وأجرا عظيما إن شاء الله لمن قام بهذا العمل الجليل.