ترجمات القرآن الكريم
ترجمات القرآن الكريم وضرورة التصويب والمتابعة المتواصلة إذا كانت التفاسير كما قيل في الدنيا بلا عدد، وذلك مظهر من مظاهر إعجاز القرآن هذا الكتاب الذي لا تنقضي عجائبه ولا يمل على كثرة الرد والتكرار فإن هذه المقولة يمكن أن تصدق على ترجمات القرآن في مختلف اللغات (لغات الشعوب الإسلامية أو اللغات الأخرى كالانجليزية والفرنسية والألمانية وغيرها). وإذا كانت التفاسير ولا تزال تمثل وجهات نظر أصحابها التي تصيب وتخطئ باعتبار حضور النص القرآني بلسانه العربي المبين إلى جانب التفسير هذا الحضور العاصم للقارئ من كل خطل وزلل، إذ القرآن الكريم محفوظ بعهد من الله إلى يوم القيامة (إنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون) بلسانه العربي المتعبد بتلاوته دون سواه إذ لا تصح الصلاة بالمترجم من معاني القرآن على رأي الجمهور فإن القرآن الكريم عندما يترجم ليست للترجمة خاصية القرآن الكريم المحفوظ بين دفتي المصحف والمنقول إلينا بالتواتر، ولأجل ذلك فإن عملية الترجمة للقرآن ظلت لفترة طويلة جدا محل اخذ ورد واعتراض عليها وقال بعدم جوازها الكثير من العلماء ومن الهيآت العلمية الدينية الكبرى باعتبار ما يمكن أن ينجر عنها من أخطاء فادحة ومحظورات عقدية. ولكن مع ذلك انطلقت حركة الترجمة لمعاني القرآن الكريم في مختلف اللغات وقام بها في البداية غير المسلمين من المستشرقين ومن الموظفين التابعين لوزارات الخارجية والمستعمرات ولم تخل هذه الترجمات من الأخطاء الفادحة التي حملت النص القرآني ما لا يتحمله بتعسف أو بقصور والنتيجة واحدة في كل الأحوال وهي أن القرآن الذي يعتقد المسلمون أنه كلام الله المنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ضم إليه واعتبر منه عن قصد أو عن غير قصد ما ليس منه!! وكيف السبيل للتصحيح والتصويب وهذه الترجمات تطبع منها آلاف النسخ وتصل إلى أيدي المهتمين والذين يريدون أن يتعرفوا على مضامين كتاب المسلمين؟! وذلك من حقهم وهو أيضا من الواجبات الملقاة على عاتق المسلمين وبالخصوص العلماء. إن ترجمات معاني القرآن الكريم يزداد عددها كل يوم وذلك في كل اللغات وبالخصوص اللغات العالمية (الانجليزية والفرنسية والاسبانية والألمانية وغيرها). وقد ارتفع نسق نشر ترجمات معاني القرآن الكريم خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر فالرغبة شديدة اليوم لدى الأوروبيين والأمريكيين وغيرهم للتعرف على الإسلام وعلى نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام وكثيرا ما دفع حب الاطلاع العديد منهم إلى تغيير نظرته السابقة للإسلام وللمسلمين ودفعت البعض الآخر إلى اعتناق الإسلام وبذلك تكون رب ضارة نافعة، ولكن أيضا كانت هذه الترجمات في كثير من الأحيان مكرسة للإفهام الخاطئة وللدسائس والشبهات التي لا تمت إلى الإسلام بصلة. وقد وقع في الإفهام الخاطئة القاصرة والحرفية الكثير ممن ترجموا معاني القرآن من المسلمين كما نجد في ترجمات العديد من الأسماء الكبيرة اللامعة (بلاشير، بيرك، شوراكي) سقطات لا يمكن إن تكون عفوية لكثرتها ولا يمكن أن يتهم أصحابها بضعف في مستوياتهم العلمية واللغوية!! إن ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأروبية تحتاج إلى متابعة مستمرة وتقويم علمي متواصل من طرف أهل الذكر ومن طرف الهيآت المختصة وهي اليوم عديدة ولا يكفي في هذا المجال كتابة العرض والدراسة في الحولية والمجلة أو أن تكون هذه الترجمات موضوعا لندوة أو مؤتمر، فكل ذلك مفيد ولكنه غير كاف لأن الأمر يتعلق بمعاني القرآن الكريم والمقتني والمطالع للترجمة في ذهنه أن ترجمة المترجم هي القرآن!! وليس الأمر كذلك. وهذا المتلقي ليس في مستوى تقويم ما يطلع عليه، اللهم إلا بالنسبة للقليل جدا من هؤلاء، وليس هؤلاء من نعنيهم بهذا التنبيه. إن التنسيق في متابعة ترجمات معاني القرآن الكريم ينبغي أن يكون بين جميع الأطراف التي تشتغل في هذا الحقل: هيآت ومنظمات ومراكز وجامعات، ولا ينبغي أن يستهان بقدرات الطاقات الفردية وما أكثرها في صفوف الأمة سواء كان ذلك في ديار الإسلام أو خارجها هناك قريبا جدا حيث تصدر هذه الترجمات. أنا اعلم أن هيآت كبرى مثل جمعية الدعوة الإسلامية العالمية والأزهر الشريف وكذلك مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة تتابع هذا الموضوع الهام جدا، موضوع ترجمات معاني القرآن الكريم، وفي المجمع قسم مختص بمتابعة موضوع ترجمة معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات (لغات الشعوب الإسلامية واللغات الأخرى) وهو يقوم بعمل في هذا المجال يذكر فيشكر وقد عقد ندوة كبرى حول ترجمات معاني القرآن ووثق أعمالها في مجلدات حبذا لو يعمم توزيعها على مكتبات الجامعات ومراكز البحث ليستفاد منها، وينبغي أن ينشر ما وقع التفطن إليه من أخطاء -هي في بعض الأحيان فادحة وتقلب معاني الآيات كليا- ويوضع في مواقع على الأنترنات ويرسل إلى الدور والمؤسسات التي نشرت هذه الترجمات لتراجع أخطاءها في الطبعات الموالية. إن عمل المتابعة لترجمات معاني القرآن الكريم لا ينبغي أن يتوقف ولا بد أن تتكامل فيه جهود كل المخلصين من أبناء الأمة مهما باعدت بينهم الديار، فالقرآن الكريم كتاب كل المسلمين بمختلف مذاهبهم وأجناسهم وهو الذي يجمعهم وهو الذي يجتمعون عليه ولأجل ذلك فلا ينبغي لأي طرف أن يتأخر عن المساهمة والانخراط في هذا العمل الذي هو ولا شك خالص لوجه الله وهو مما تتحقق به مرضاة الله./.