تجاوز الخلافات للوصول إلى كلمة سواء مسؤولية العلماء وقادة الفكر والرأي :حوار مع جريدة عمان نشر يوم الجمعة 25 مايو 2012
الحوار مطلوب مع الجميع والانغلاق لا سبيل له اليوم – أكد محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي الأعلى بتونس ان الخطاب الديني المنشود والمطلوب هو المجسم في حيز الواقع بالكلمة وبالمضمون لخصائص الإسلام ومميزاته وهو مدعو إلى القيام بهذا الدور في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة الإسلامية. وأوضح أن الحوار مطلوب مع الجميع وقبل الحوار مع الغرب ينبغي أن نفتح قنوات الحوار مع بعضنا البعض. وقال: حرام على أمة الإسلام أن تنقسم وتتنازع وتتنافر كما هو الحال في كثير من الأحيان. وبين أن العلماء وقادة الفكر والرأي عليهم أن يتجاوزوا الخلافات ليصلوا إلى كلمة سواء. وأشار إلى أن المنطلق في الحوار مع الغرب واضح المعالم بين الرؤية جلي الهدف والغاية، إنه الاجتماع من اجل خير الإنسانية جمعاء حتى تتعارف شعوبها. وأوضح أن القرآن الكريم المعجزة الخالدة هو الصراط المستقيم وهو السراج المنير نطقت آياته ودعت إلى كل ما فيه خير وصلاح الإنسان في عاجل دنياه وآخرته. واكد أن للأخلاق دورا مركزيا وأساسيا في عودة الأمة لحضارتها ووجهها المشرق فالدين أخلاق. وبين أن مسؤولية توضيح صورة الإسلام تتحملها كل مكونات الأمة وبالخصوص العلماء والمفكرين وأهل الذكر من خيرة الدعاة الذين يعرفون كيف يقدمون الإسلام للآخر أي الغرب وغيره. وقال: لقد أصبح العالم قرية ولاسبيل اليوم إلى الانغلاق والتفتح اليوم حتمي ودور العلماء والمفكرين في الحد من أخطار العولمة أساسي. جاء ذلك في لقائنا به أثناء مشاركته في (ندوة تطور العلوم الفقهية في-النظرية الفقهية والنظام الفقهي) التي نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الفترة من 15-18 جمادى الأولى 1433هـ 7-10 أبريل 2012م بقاعة الأفراح بفندق حياة رجنسي فإلى نص ما قاله في هذا اللقاء. * فحول انطباعه عن السلطنة يقول: محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي الأعلى بتونس انطباعاتي عن السلطنة وأنا أزورها للمرة الأولى للمشاركة في ندوة تطور العلوم الفقهية الحمد لله لقد وجدتها في أحسن الأحوال، ووجدت فيها شعبا كريما مضيافا ووجدت من التقيت بهم من المسؤولين والعلماء وطلبة العلم على خلق كريم وفضل جزاهم الله خيرا وزاد هذا البلد العزيز تقدما وازدهارا ورقيا. * وحول تصوره للخطاب الديني الذي يمكن أن يلعب دورا بارزا في توجيه الناس نحو التوازن والاعتدال أكد أن للخطاب الديني دورا مركزيا وأساسيا في تحقيق التوازن والاعتدال لدى الأفراد ولدى كل مكونات المجتمع ذلك أن الخطاب الديني المنشور والمطلوب هو الخطاب المجسم في حيز الواقع بالكلمة وبالمضمون لخصائص الإسلام ومميزاته، إسلام الوسطية والاعتدال إسلام المرونة والواقعية، الإسلام الذي يرفع من شأن المسلم فردا وجماعة إلى أعلى المراتب في كل المجالات والميادين. إن الخطاب الديني مدعو إلى القيام بهذا الدور في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة الإسلامية وهي تواجه تحديات خطيرة تستهدف الانقسام والتجزئة الفئوية المذهبية. فالخطاب الديني الأصيل والصحيح والوفي لخصائص الإسلام هو الملاذ للأمة ولشبابها الذين يعيشون صحوة وعودة إلى دينهم ولا يملك كل مسلم إلا أن يباركها ولكننا نخشى على هذه الصحوة أن تنحرف ولا تبلغ مداها وغايتها النبيلة السامية وفرصتها الذهبية ألا وهي إعادة إبراز التجربة الإسلامية متكاملة متوازنة واقعية مجسمة للخيرية الفعلية الواردة في الآية الكريمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس) الأمة الوسط التي تنبذ التطرف والشطط (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) أمة تعيش دينها في كل تجلياته ومقاصده، أمة تعيش عصرها برسوخ وثبات وتطلع إلى الريادة في كل مجالات الحياة وما ذلك على الله بعزيز ويومئذ يفرح المؤمنون. الحوار مطلوب * وعن أهم وأفضل المنطلقات للحوار مع الغرب أوضح أن الحوار مطلوب مع الجميع وقبل الحوار مع الغرب ينبغي أن نفتح قنوات الحوار مع بعضنا البعض مع كل مكونات الأمة التي هي واحدة (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) فحرام على أمة الإسلام أن تنقسم وتتنازع وتتنافر كما هو الحال في كثير من الأحيان فالبداية في نظري ينبغي أن تكون من داخل الأمة أنها مدعوة وبالخصوص العلماء وقادة الفكر والرأي إلى أن يتجاوزوا ليصلوا إلى كلمة سواء وهذه الكلمة السواء والحمد لله تتمثل في المتفق عليه وهو كثير وكثير جدا إذا ما قورن بالمختلف فيه وعليه وهو جزئي عند ذلك ننطلق في الحوار مع الغرب الذي وإن كان كيانات ولغات وثقافات متعددة فهو اليوم واحد في ثقافته واحد في رؤاه واحد في برامجه متكامل في كل شيء فإذا التقينا بالغرب واجتمعنا به فينبغي أن يكون ونحن مثله متكاملون تجمعنا رؤية واحدة وننشد هدفا واحدا ونقدم عن الإسلام وثقافته رؤية واحدة تجسم خصائصه الحضارية الإنسانية الراقية والرفيعة الملتقية مع المثل العليا الكونية: كرامة وحرية ومساواة، وعدل، وأمن وهي جميعها تجد جذورها في موروث البشرية الروحي والفكري وهي في الإسلام تهدي إليها وتدعو إلى تحقيقها في حيز الواقع بآيات الكتاب العزيز وسيرة وسنة النبي الكريم سيدنا محمد بن عبدالله الذي أرسله الله رحمة للعالمين. فالمنطلق في الحوار مع الغرب واضح المعالم بين الرؤية جلي الهدف والغاية، إنه الاجتماع من أجل خير الإنسانية جمعاء حتى تتعارف شعوبها (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) اهتداء وعظة * وحول مدى أهمية عرض الكثير من القصص في كتاب الله عز وجل وكيف يستفاد منها في التصرفات والسلوك. أوضح أن القرآن الكريم المعجزة الخالدة هو الصراط المستقيم وهو السراج المنير نطقت آياته ودعت إلى كل ما فيه خير وصلاح الإنسان في عاجل دنياه وفي آخرته، انه كتاب لا تنقضي عجائبه ولا خلق على كثرة الرد، وصفه رسول الله صلى الله علي وسلم بقوله (سَتَكُونُ فِتَنٌ قُلْتُ وَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا قَالَ كِتَابُ اللَّهِ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا هُوَ الَّذِي مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فهو في كل زمان يبين الله للناس إعجازه (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) فالقرآن حق لا يتطرق إليه الباطل والضلالة وكل سوره وآياته سواء آيات العقيدة أو آيات الأحكام أو الآيات التي تحكي لنا أخبار الأمم والشعوب على آيات القرآن مليئة بالعبر والمواعظ والدروس وكلها صالحة لكي يهتدي بها المسلم إلى الطريق القويم الذي لا اعوجاج فيه، قصص القرآن ليست هي بالأساطير والخرافات قصص القرآن واقع عاشته أمم سبقتنا وأخبار الأنبياء ورسل دعوا الناس إلى سبيل الفوز والنجاة ولسنا بدعا عن الأمم التي سبقتنا تجمعنا معها الصفة البشرية وفي قصص القرآن قوانين حضارية خالدة يمكن استخلاصها والاهتداء بها وهي صالحة لكل زمان ولكل مكان ولكل الناس. الدين أخلاق * وعن دور الأخلاق في عودة الأمة لحضارتها ووجهها المشرق اكد أن للأخلاق دورا مركزيا وأساسيا في عودة الأمة لحضارتها ووجهها المشرق فالدين أخلاق أو لا يكون ولا غرابة أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فإتمام مكارم الأخلاق هو الغرض من بعثته صلى الله عليه وسلم ومكارم الأخلاق مفهوم شامل ومن مكارم الاخلاق توحيد الله وعدم الشرك به والكفر به ومن مكارم الأخلاق عبادته وهي مظهر من مظاهر الشكر للمنعم الأول والأوحد المولى سبحانه وتعالى ومن مكارم الأخلاق حسن المعاملة والمعاشرة لكل من خلق من عباد الله. وفي سبيل الإقناع بالإسلام جعل الله تبارك وتعالى نبيه الكريم الذي هو الأسوة والقدوة للأمة على خلق عظيم وشهد له بذلك بقوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) وهذا الخالق العظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أقنع الناس وجذبهم إلى اعتناق دين الإسلام. وآخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها والبداية في أي عمل إصلاحي يراد له أن يبلغ مداه إنما تكون بتقديم الأسوة والقدوة وكما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة فينبغي على أمته أفرادا أو جماعات أن تكون قدوة للناس في مكارم الأخلاق أقوالا وأفعالا وممارسات وهذا لعمري ميدان فسيح ينبغي مضاعفة الجهد فيه وركيزته الفرد الذي منه ينطلق الإصلاح، الفرد الذي يتطابق فيه الظاهر بالباطن والقول بالفعل. كل مكونات الأمة * وحول الجهة المسؤولة عن تصحيح صورة الإسلام في الغرب بين أن المسؤولية تتحملها كل مكونات الأمة وبالخصوص العلماء والمفكرين الذين ينبغي لهم أن يتجندوا للتعريف بوجه الإسلام المشرق وعطائه الحضاري الثري ومثله العليا الخالدة كذلك تتحمل بقية الفئات مسؤولية تجسيم هذه الحقائق في ممارساتها بحيث يكون كل فرد صورة للإسلام الجميل ولا ينبغي في هذا المقام أن ننسى دور وسائل الإعلام المختلفة وهي اليوم متطورة وسريعة والتي لو سخرت لتقديم الاسلام بمختلف اللغات وبواسطة أهل الذكر من خيرة الدعاة الذين يعرفون كيف يقدمون الإسلام للآخر أي الغرب وغيره فإن صورة الإسلام ممكن أن تزال عنها الشبهات والأكاذيب مما اصطلح عليه في (الإسلام فوبيا (التخويف من الإسلام. لا سبيل إلى الانغلاق وعن رؤيته لأخطار العولمة التي تتزايد من خلال الإعلام المروج لها وما هو دور العلماء والمفكرين للحد من هذه الأخطار يقول: نعم لقد اصبح العالم قرية ولاسبيل اليوم إلى الانغلاق والتفتح اليوم حتمي على الجميع وهو آت لا محالة وسبيل التحصين ضد مخاطر الدخيل المنحرف غير المفيد للناس إنما يكون بتحصين الأمة وتعريفها بخصائصها وأصالتها وصلاحية ما اكرمها الله به من دين حنيف ثم التفتح الواعي والاقتباس لكل ما هو مفيد وهو كثير في عطاء عطاءات الإنسانية بكل مكوناتها ودور العلماء والمفكرين في الحد من أخطار العولمة دور أساسي فهم من يبني للامة الصالح من غير الصالح مما يرد علينا من عند الآخر: أفكارا وممارسات وسلوكيات أما ما يرد عن الآخر من علوم ومعرفة متطورة فهذا لا خلاف في أنه يجب على المسلمين أن يأخذوه ويتلقوه لأنه ملك مشاع بين الحضارات الإنسانية جمعاء وقد كانت مساهمة المسلمين فيه في مرحلة التقدم من تاريخهم مساهمة كبيرة يشهد بذلك المنصفون من المؤرخين والباحثين.