الدكتور عبد السلام العبادي الامين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة ينتقل الى جوار ربه (1943/2020)
غادرنا الى دار البقاء يوم الاثنين10اوت 2020الدكتور عبد السلام العبادي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة ( احدى هيئات منظمة التعاون الإسلامي) ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية في عدة حكومات والأستاذ ورئيس جامعة ال البيت ورئيس العديد من الهيئات الخيرية والدينية في الأردن وعضو الكثير من المنظمات الإسلامية.
تولى الدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله خطة الأمانة العامة للمجمع بعد انتهاء فترة الشيخ با بكر الحسن( من السودان)و قدواكب رحمه الله عمل المجمع منذ تا سيسه وكان من أعضاء مكتبه النشطين اسهم با بحاثه العلمية الجادة وبتدخلاته الرصينة الهادفة في دورات انعقاد المجمع التي لم يتخلف عن حضورها يزين حضوره العلمي بخلق رضي جعله قريبا من الجميع. عرفت الدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله منذ ان التحقت بالمجمع كاحد خبرائه وكنت كلما استمعت اليه رايت في كلامه علما محققا وتمثلا لما تميزت به الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي من شمول وواقعية ومرونة وسماحة ومواكبة لمستجدات الحياة و التي تتجلى في اجتهادات علماء الإسلام وما تركوه من فتاوى واحكام تبدو فيها بجلاء التعددية والحرية الفكرية واجتناب كل تعصب وتحجر وانغلاق.
كانت تدخلات الدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله واجزل مثوبته تشد اهتمام أعضاء المجمع وخبرائه وكثيرا ما تعتمد وتصاغ على ضوئها قرارات المجمع عقب كل دورة من دوراته. و كان الشيخ محمد الحبيب بلخوجة رحمه الله طيلة توليه امانة المجمع شديد الاعتماد على الدكتور عبد السلام العبادي في ضبط عمل المجمع في دورات انعقاده وفي اختيار مواضيع الدورات وفي صياغة البيانات والقرارات والتوفيق وما اشقه بين اراء ومواقف الأعضاء وهم يمثلون دولهم ويعبرون عن اراء مذاهبهم الفقهية الأربعة (الا حناف وا لمالكية والشافعية والحنابلة) يضاف اليها مذاهب أربعة أخرى ( الزيدية والاباضية والامامية والجعفرية) وليس ذلك الامر بالهين ولابا لسهل ولكن المجمع وفق الى حد بعيد في ابراز الفقه الإسلامي في ثوب جديد تتجلى فيه الا ستفادة من الثروة الفقهية التي تتوفر عليها الامة الاسلامية والمواكبة للمستجد ات في مختلف مجالات حياة المسلمين سواء كان ذلك على امتداد دار الإسلام ( من جاكرتا الى مراكش) او خارج دار الاسلام حيثما وجد مسلمون في مختلف القارات من خلال ما أجاب به أعضاء المجمع وخبراؤه عما ورد على المجمع من أسئلة فقهية تهم حياة المسلمين في تلك البلدان والمجلدات المتضمنة لاعمال المجمع والصادرة تباعا في الاف الصفحات تمثل بحق موسوعة فقهية اغلبها في المسائل المستجدة العلمية والطبية والمالية والاقتصادية.
كانت للدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله في ذلك مشاركة متميزة يشهد له بذلك كل زملائه من اعضاء وخبراء المجمع فقد نال احترام وتقدير الجميع و قد رحبوا بتوليه الأمانة للمجمع اذ اعتبروه خير خلف لاحسن سلف( الشيخ محمد الحبيب بلخوجة رحمه الله) ولم يعرف عمل المجمع ادنى اهتزاز بسبب انتقال مسؤولية الأمانة العامة من امين الى اخر بل سار على نفس النهج وظلت جلساته تدار بنفس الطريقة كما ظلت قراراته وبياناته تصاغ وتصدر وفق نفس الرؤية وهذا لعمري غير معتاد في هيئاتنا ومؤسساتنا فكثيرا ما تنقلب الأمور راسا على عقب بمجرد تغير للمسؤول الأول. * التقيت بالدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله في دورات المجمع وهو عضو يمثل الأردن و يمارس مسؤولياته في بلاده( وزيرا ورئيس جامعة ومسؤولا على هيئات علمية وخبرية) والتقيت به وهو امين عام لمجمع الفقه الإسلامي في الفترة الأولى وكان لي شرف استقباله وكان مرفوقا بمدير مكتبه الأستاذ منذر الشوك وكنت الواسطة بين المجمع ومنظمة الالكسو أيام ادارتها من طرف الدكتور المنجي بوسنينة تفعيلا للتعاون والتكامل بين المؤسستين.
وظل التواصل بيني وبين الدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله قائما وكنا كثيرا ما نلتقي في ما انعقد من مؤتمرات وندوات في السنوات الأخيرة في الرياض وابوظبي والقاهرة وطهران والجزائر والرباط وغيرها وكان الرجل على العهد به رصانة وادبا وتواضعا فضلا عن العلم الذي تراكم وتفاعل لديه مع تجربة تسيير الهياكل الوزارية والجامعية والاجتماعية التي تولاها لعقود ومع ذلك كله فان الدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله ظلت صفة العالم والأستاذ الجامعي خريج قسم الفقه والقانون في الازهر هي الغالبة عليه و كنت دائما عندما اشكره على تدخلاته ا كنيه بالوزير العالم اذ لم تشغله اعمال الوزارة عن العلم وكان يرتاح لهذه التكنيةفهو في المجمع عالم الى جانب زملائه العلماء يحرص على البقاء في قاعة الجلسات مهما طا لت يحقق ويدقق ويتدخل المرة تلو المرة.
عاد الدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله الى الأمانة العامة لمجمع الفقه الإسلامي ليواصل افادة هذه الهيئة العلمية بتجربته وخبرته وكان اخر لقاء لي به في الدورة السابقة للمجمع التي انعقدت في دبي بدولة الامارات العربية المتحدة و كانت دورة ناجحة مثل كل دورات المجمع وكان الدكتور عبد السلام العبا دي رحمه الله يتابع كل مراحلها من انطلاقها الى انتهاء اشغالها وكانت دورة الوداع بالنسبة اليه رحمه الله واسكنه فراد يس جنانه وكانت تبدو عليه علامات التعب والانهاك وما كان رحمه الله يابه لذلك وكانت اخر مبادراته عقد الندوة العلمية والطبية والفقهية مواكبة المجمع لجائحة الكورونا و التي كتبت منوها بما صدر عنها من أجوبة فقهية محققة مدققة لكل انعكاسات هذه الجائحة على الجوانب التعبدية في حياة المسلم .
كتبت على صفحات الصريح اون لاين عن هذه الندوة منوها وعممت الإفادة بما صدر عنها من قرارات وفتاوى مثلت خريطة طريق لاهل الذكر والمختصين من العلماء والائمة و المرشدين والباحثين والدارسين على صفحات الصريح و وثقت البيان الصادر عن المجمع في العدد7/8من السنة19 لمجلة جوهر الإسلام وحرصت على ان اطلع الدكتور عبد السلام العبادي رحمه الله أولا باولا بذلك وقد عبر لي رحمه الله في رسالة أرسلها الي عن شكره الجزيل لمعاضدتي لما يقوم به المجمع من جهد في خدة الامة ودينها.
رحم الله الدكتور عبد السلام العبادي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي واجزل مثوبته على ما قدمه للامة ودينها في الحقل العلمي والفقهي من اعمال جادة ومفيدة نسال الله ان يكتبها له في صحائف حسناته و ان يسكنه فراديس جنانه و ان يرزق اهله واصدقاءه واشقا ءنا في المملكة الأردنية وكل اسرة المجمع رئيسا ممثلا في معالي الدكتور صالح بن حميد واعضاء وخبراء واداريي المجمع جميل الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون
