الاحتفال بالمولد النبوي تجديد للعهد مع سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام من معاني ومغازي وعبر ودروس المولد النبوي

الاحتفال بالمولد النبوي تجديد للعهد مع سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام من معاني ومغازي وعبر ودروس المولد النبوي


تحتفل الأمة الإسلامية بذكرى مولد سيد الكائنات سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام في شهر ربيع الأول من كل عام وتتنوع هذه الاحتفالات وتشارك فيها جميع الفئات وهي مناسبة جديرة بان تغتنم لتجديد الصلة بالحبيب المحبوب من أرسله الله رحمة للعالمين وجعله بالمؤمنين رؤوفا رحيما صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ولعل أهم ما في هذه الاحتفالات وما لا يمكن أن يعترض عليه معترض بادعاء أن هذا الصنيع هو من البدع والمحدثات!!! أهم ما في هذه الاحتفالات هو ما يعقد من مجالس تسرد فيها سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتقرا على الناس شمائله العطرة فذلك من صميم الدين بل هو عينه ولبه وجوهره ذلك أن الله تبارك وتعالى لم يجعل أحدا من عباده أسوة وقدوة إلا سيدنا محمدا عليه الصلاة والسلام فهو من قال فيه ربه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وهم عليه الصلاة والسلام من أمر الله عباده المؤمنين بان يقتدوا به ويجعلوه أسوة لهم حيث قال جل من قائل (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) وما ذلك إلا لأنه عليه الصلاة والسلام أدبه الله فأحسن تأديبه فجعل خلقه القرآن كما قالت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها. إن سيدنا محمدا عليه الصلاة والسلام هو من حاز الكمالات الأخلاقية واستحق أن يقول في حقه من اصطفاه واجتباه (وانك لعلى خلق عظيم) ويا لها من شهادة فكل ما قاله واتاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تجسيدا وتجسيما لهذه الشهادة وكيف لا يكون كذلك وهو المصطفى والمجتبي والمختار لختم الرسل والأنبياء المبعوث بالدين الذي رضيه الله لعباده وأكمله وأتمه على يديه صلى الله عليه وسلم. وهذا الخلق الكريم شهد له به عليه الصلاة والسلام القاصي والداني والبعيد والقريب والعدو والصديق سواء كان ذلك قبل بعثته أو بعدها فقد كان يلقب بالصادق الأمين لم يتهمه من عاش معهم إلى أن بعث نبيا ورسولا بأي منكر من القول والفعل، كل من قرب منه وعاشره وعايشه في السراء والضراء وفي الشدة والرخاء وفي الحضر والسفر وفي الغضب والرضا اجمعوا كلهم بدون استثناء على انه كما قال في حقه ربه (وانك لعلى خلق عظيم) وكم كانت أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها موفقة ملهمة وهي تستقبله عند عودته من غار حراء في أول لقاء له بجبريل عليه السلام قائلة (والله لن يخزيك الله انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر) يا لها من كلمات نورانية صادقة ويا لها من شهادة منصفة لقد جمعت هذه الكلمات فأوعت اشتملت على كل ما جبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلق كريم فقد كان قبل بعثته وصولا لرحمه معينا للمحتاج والضعيف مكرما للضيف معينا على المصائب والمحن فلما بعثه الله نبيا ورسولا بدين الإسلام الدين الخاتم لم يغير ولم يبدل فقد دعا إلى ما كان يأتيه من تصرفات وأخلاق ومعاملات فكان يدعو لها بأقواله وأفعاله لقد كانت الأفعال مجسدة للأقوال وكانت ابلغ دعوة إنها دعوة الحال التي جعلت من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفذ إلى القلوب بسهولة ويسر ولا يجد من الناس صدودا وإعراضا اللهم إلا من أولئك الذين ختم الله على قلوبهم وأولئك يصدق عليهم وفيهم قول الله تبارك وتعالى (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) لقد كان رسول الله سيدنا محمد ابن عبد الله عليه الصلاة والسلام إسلاما يمشي على الأرض لقد كان أمانة وصدقا وعفة ورحمة ورقة وتواضعا وكرما وعفوا وصفحا وإحسانا كان كذلك مع الصغير والكبير ومع القريب ومع البعيد ومع العدو ومع الصديق كانت تلك حاله في كل مراحل حياته قبل بعثته وبعدها وكان كذلك في حالة الشدة وفي حالة الرخاء هو هو لم يغير ولم يبدل إن ما قاله وما دعا به ربه يوم الطائف وهو في حالة ضيق شديد (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) لا يختلف عما قاله يوم فتح مكة وقد وقفت بين يديه قريش قال لهم “لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فانتم الطلقاء”. ما أجمل خلقك يا رسول الله وما أعظمك من نبي ورسول صلى الله عليك وسلم كيف لا يقف معجبا من يسمعك وأنت تخاطب ذلك الذي قال لك متباهيا إن لي كذا من الأبناء ما قبلت واحدا منهم عندما رآك تلاعب ابنيك الحسن والحسين لقد قلت له “ماذا تريد مني أن افعل لك إذا كان الله قد نزع الرحمة من قلبك من لا يرحم لا يرحم؟” صلى الله عليك يا رسول الله لقد خدمك صاحبك انس بن مالك عشر سنين فما سمعك تقول أف وما سمعك تقول لشيء فعله لم فعله ولشيء لم يفعله لِمَ لمْ يفعله بل كنت تقول ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ومن ينسى ذلك الموقف الحكيم الرحيم الذي وقفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هم أصحابه بضرب عنق من قضى حاجته البشرية في ركن من المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى إهراق دلو ماء على ذلك البول وان يرشدوا أخاهم الأعرابي إلى أن المساجد لم تعدّ لمثل ذلك فلم يملك الأعرابي إلا أن دعا فقال “اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا”. لقد علمت أمتك حب الأوطان والتعلق بها فجعلت ذلك من الإيمان “حب الوطن من الإيمان” ومن ينكر ذلك الموقف الرائع المعبر عن التعلق بالوطن عندما وقفت وأنت تبقي نظرة الوداع على مكة حيث بيت الله الحرام أين ولدت وترعرعت وقد أخرجك منها قومك-لقد قلت يا رسول الله “والله انك لأحب البلاد إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت اللهم كما أخرجتني من أحب البلاد إلي فاسكني أحب البلاد إليك” فأسكنك الله طيبة الغراء المدينة المنورة. انك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم من قلت في حجة الوداع (استوصوا بالنساء خيرا) وانك من قلت لتلك المرأة الأنصارية التي وقفت تطالب بحق النساء فيك بان تجعل لهن يوما تعلمهن فيه دينهن فقلت “نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين”. ذلك هو هديك فقد قلت “النساء شقائق الرجال” وقلت “أنا أب البنات وأحب من يحب البنات” انك من بلغت لامتك وقد كانت إلى عهد قريب قبل بعثتك تعتبر البنت عارا وشنارا في جبين من بشر بها لقد تلوت عليهم قول ربك “وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت؟”. ذلك هو بعض من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي لا يمكن الإحاطة به حسبنا فقط في هذه الذكرى العطرة ذكرى مولد سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام أن نورد للقارئ قبسات قليلة من هذا الهدي لعلها تكون عنوانا لكل راغب في أن ينهل من معينه العذب الذي لا ينضب.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.