أسس وركائز الوسطية والاعتدال من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار الصحيحة

أسس وركائز الوسطية والاعتدال من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار الصحيحة


إن الحديث عن الوسطية والاعتدال لا ينبغي أن يقف عند حد الشعار والعنوان بل لا بد أن يتجاوزه إلى إقامة الأدلة والبراهين والحجج النقلية والعقلية على أن هذه الخاصية هي أحدى لوازم الإسلام التي لا تنفك عنه وهي التي ترضي الله تبارك وتعالى وهي أيضا التي تضمن السعادة والهناء والراحة وبلوغ كل الغايات النبيلة في هذه الحياة وبعد الممات. لذلك ولغيره فلن نمل الحديث عن الوسطية والاعتدال ملحين عليها ومذكرين (وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين)عسى أن ينفذ هذا الخطاب المخلص المستنير والبناء إلى أكثر ما يمكن من الناس فيصبح قناعة لديهم وممارسة يأتونها تجعل منهم قدوة وأسوة وموعظة مجسمة وهي ابلغ دعوة للإسلام، والتاريخ خير شاهد على أن الإسلام انتشر وعم هديه الآفاق مشرقا ومغربا بالسلوك القويم الملتزم بإتباع الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا ضرر فيه ولا ضرار في حين أن الغلو والتعصب والتزمت والتطرف لم ينجر عنها كلها إلا الفتنة والفرقة والكراهية والظلم والعدوان والقتل. وما نورده من نصوص شرعية موثقة من كتاب الله العزيز وسنة وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار السلف الصالح والعلماء الأعلام اصدق دليل وابلغ حجة وبرهان على أن دين الإسلام هو دين الوسطية والاعتدال في كل جوانب التصرف والقول والفعل وهي ليست كل ما هنالك، إنها قليل من كثير نضعه بين أيدي من تشتد حاجتهم إليه فيما يعدونه من دراسات وبحوث وما يلقونه من خطب ومواعظ وما يستدلون به لتلاميذهم وطلابهم لكل هؤلاء وغيرهم نسوق هذه النصوص الموثقة آملين أن نكون بذلك قد أسدينا خدمة للدين وللأمة هذه النصوص الناطقة الواضحة المحكمة والتي لا تحتاج إلى عناء كبير لفهم معانيها ومراميها والاقتناع بها، ابلغ حجة على أن الإسلام هو دين الوسطية والاعتدال ونفى الحرج. الوسطية والاعتدال من خلال الآيات القرآنية: * قال الله تعالى (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا أصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين). * وقال تعالى (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تني نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليه ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) القصص77. * ويقول جل من قائل (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب) البقرة 201 و202. * وقال الله تعالى (وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون) الحديد27. * وقال الله تعالى (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) النساء 171. * وقال تعالى (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) المائدة 77. * وقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون) البقرة172. * وقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) المائدة87. * وقال الله تعالى (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون) المائدة 88 * وقال تعالى (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) المؤمنون 51 * وقال تعالى (قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) الأعراف 32. * قال الله تعالى (لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة 138 * قال الله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) الجمعة10 * وقال (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور) الملك 15 * وقال جل من قائل لمريم مباشرة عقب ولادتها للسيد المسيح عليه السلام (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا) مريم 25-26. * قال الله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) الزلزلة 7-8 * وقال (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما منتك تعملون) التوبة 105. * وقال تعالى (ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون) الاعراف43 * وقال (ولكل درجات ما عملوا وليوفينهم أعمالهم وهم لا يظلمون) الاحقاف19 * قال الله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) * قال الله تعالى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) البقرة 256 * وقال تعالى (وان جنحوا للسلم فاجمح لها وتوكل على الله) الأنفال 61 * قال تعالى(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) البقرة 190 * قال الله تعالى (منهم امة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون) المائدة 66 * قال الله تعالى (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد) لقمان 32 * قال الله تعالى (واقصد في مشيك) لقمان19 * وقال تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) الفرقان 67 * وقال تعالى ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب) البقرة 201-202 * وقال تعالى وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك) القصص 77 * وقال الله تعالى (ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين) البقرة 168 * وقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر) النور 21. * وقال الله تعالى يا أيها الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) النساء171. * وقال الله تعالى (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا فغي دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سوء السبيل) المائدة77 * وقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون) البقرة172 * وقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) المائدة87. * وقال الله تعالى (كلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون) المائدة88 الوسطية والاعتدال من خلال الأحاديث الشريفة: * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا رهبانية في الإسلام) رواه احمد. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعا فان الدنيا بلاغ إلى الآخرة ولا تكونوا كلا على الناس) رواه الديلمي وابن عساكر. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فانه اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) رواه الإمام احمد والكنساني. * وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن من يصوم الدهر فقال (لا صام ولا افطر) رواه أبو داود. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن اخبره أن أمة نذرت أن تحج ماشية فقال: (مرها فلتركب إن الله لغني عن مشيها) رواه احمد وأبو داود وروى مثله البخاري ومسلم. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون) قال النووي المتنطعون المتعمقون المتشددون في غير موضع التشديد. * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه: (وما تقرب إلي عبدي بأفضل مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) جزء من حديث يرويه أبو هريرة أخرجه الإمام البخاري. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم). * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس خيركم من ترك آخرته لدنياه ولا خيركم من ترك دنياه لآخرته) رواه الديلمي عن انس. * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين احد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) * وقال عليه الصلاة والسلام (أمرا بين أمرين وخير الأمور أوساطها) حديث البيهقي * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) رواه المقدسي وأبو نعيم والطبراني. * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى) رواه الإمام احمد. * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بئس العبد عبد هوى يضله) رواه الترمذي. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والمحدثات فان كل محدثة بدعة) وفي رواية وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة" رواه الدارمي واحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما إني أصوم وافطر وأقوم وارقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) رواه البخاري ومسلم. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة) سنن الدارمي. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني تركت فيكم ما إن اعتصمتهم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي) رواه الحاكم. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (افترقت اليهود على أحدى وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ما أنا عليه وأصحابي) وفي رواية إلا واحدة أهل السنة والجماعة" رواه احمد وأصحاب السنن. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى) رواه احمد والبزار. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فانه اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) رواه احمد والنسائي وابن ماجة. * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هلك المتنطعون) ثلاثا رواه مسلم وأبو داود واحمد. * ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في الكفن وشؤون الميت وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تغالوا في الكفن فانه يسلبه سلبا سريعا) رواه احمد وأصحاب السنن. * وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت دخل أبو بكر وعندنا جاريتان (وهما الطفلتان الصغيرتان) تذكران يوم بغاث (أي تغنيان وتنشدان الأشعار) فقال أبو بكر: عباد الله أمزمور الشيطان؟ قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلا يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا أو أن اليوم عيدنا) رواه الإمام احمد ورواه البخاري ومسلم. * عن انس ابن مالك رضي الله عنه قال: جاء رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسالون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما اخبروا كأنهم تقالوها فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال احدهم: أما أنا فاني أصلي الليل أبدا وقال آخر وأنا اعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: انتم القوم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله واتقاكم لكني أصوم وافطر واصلي وارقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) رواه البخاري ومسلم. * روى انس عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الدين متين فأوغلوا فيه برفق إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهر أبقى) رواه الإمام احمد والبزار. * وفي صحيح البخاري: باب ما يكره من التعميق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع وذكر فيه حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تواصلوا قالوا انك تواصل قال لست مثلكم إني أبيت عند ربي يطعمني ربي ويسقيني فلم ينتهوا عن الوصال فواصل بهم النبي صلى الله عليه وسلم يومين وليلتين ثم رأوا الهلال فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكر عليهم) صحيح البخاري. * وذكر البخاري حديث عائشة رضي الله عنها قالت: صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم قال: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء اصنعه فوالله إني أعلمهم بالله وأشدهم له خشية) صحيح البخاري. * وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هم برجل قائم فسال عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه) رواه البخاري. * وعن جابر رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان حتى إذا بلغ كراع النعيم فصام وصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له إن بعض الناس قد صام فقال (أولئك العصاة أولئك العصاة). * وفي رواية فقيل له إن بعض الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت فدعا يقدح من ماء بعد العصر رواه مسلم. * وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من لم يقبل رخصة الله عز وجل كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة) رواه احمد والطبراني. * وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا وإنما بعثني معلما ميسرا) رواه مسلم. * عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: اخبر النبي صلى الله عليه وسلم إني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنت الذي تقول ذلك؟ فقلت له قد قلته بابي أنت وأمي يا رسول الله قال: فانك لا تستطيع ذلك فصم وافطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة أيام فان الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صوم الدهر) قلت فاني أطيق أفضل من ذلك قال: (فصم يومين وافطر يوما فذلك صيام داود صلى الله عليه وسلم وهو اعدل الصيام) وفي رواية هو “اعدل الصيام” فقلت فاني أطيق أفضل من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا أفضل من ذلك) ولئن أكون قبلت الثلاثة أيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أهلي ومالي وفي رواية (الم اخبر انك تصوم النهار وتقوم الليل فقلت بلى يا رسول الله قال فلا تفعل صم وافطر ونم وقم فان لجسدك عليك حقا وان لعينيك عليك حقا وان لزوجك عليك حقا لزورك (ضيفك) عليك حقا وان بحسبك إن في كل شهر ثلاثة أيام فان ذلك صيام الدهر). * روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا هكذا أمامه (يعني خطا مستقيما) فقال: (هذا سبيل الله وخط خطين عن يمينه وخطين عن شماله (مائلين) وقال: هذه سبل الشيطان) وفي رواية (على رأس كل منها شيطان يدعو إليه ثم تلا هذه الآية (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) الانعام153. * روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والإمام مالك والدارمي عن طلحة بن عبد الله جاء أعرابي يسال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أركان الإسلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمس صلوات في اليوم والليلة وصيام رمضان والزكاة)، فقال الأعرابي: هل علي غيرها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا إلا إن تطوع) فأدبر الرجل وهو يقول: (والله لا أزيد على هذا ولا انقص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “افلح إن صدق”). * وفي رواية قال (والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا انقص مما فرض علي شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “افلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق”). * عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شعلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك) رواه الإمام احمد والحاكم والبيهقي. * وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فانه شر منتظر والساعة والساعة أدهى وأمر) رواه الترمذي والحاكم وقال الحاكم صحيح. * عن المقداد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما أكل احد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وأن النبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) البخاري. * روى انس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله ننصره إذا كان مظلوما فكيف ننصره إذا كان ظالما؟ قال بمنعه عن ظلمه) رواه البخاري الترمذي واحمد. * وقال سراقة بن مالك قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم) رواه أبو داود. * روى عمرو بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سلمان منا آل البيت) رواه الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك. * وفي رواية (وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة القصد القصد تبلغوا) رواه البخاري عن أبي هريرة. * وفي رواية (خير الأمور أوسطها) السمعاني. * وفي رواية (خير الأعمال أوساطها) الديلمي * وفي صحيح البخاري: باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تواصلوا قالوا: انك تواصل قال: إني لست مثلكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني فلم ينتهوا عن الوصال قال فواصل بهم النبي صلى الله عليه وسلم يومين أو ليلتين ثم رأوا الهلال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل بهم). * وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قال (صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم قال: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء اصنعه فوالله إني أعلمهم بالله وأشدهم له خشية) صحيح البخاري. * وسال رجل عن صيام الدهر فقال يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا افطر، وفي لفظ ما صام ولا افطر) رواه أبو داود. * وعن جابر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان حتى إذا بلغ كراع الغميم فصام وصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال (أولئك العصاة) وفي رواية (أولئك العصاة) وعن ابن عمر رضي الله عنها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من لم يقبل رخصة الله عز وجل كان عليه من الإثم جبال عرفة) رواه احمد والطبراني. الوسطية والاعتدال من خلال الأقوال المأثورة وأراء العلماء: * روى عمر ابن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو إنكم تتوكلون على الحق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا) رواه الترمذي. * ورأى عمر بن الخطاب رجلا في المسجد في غير وقت النسك ويتعبد في غير وقت العبادة ويعتكف في المسجد تاركا العسي والعمل والكسب ضربه بالدرة على رأسه ودفعه إلى طلب الرزق واعلمه أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة. * وعن أبي العجفاء قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول (ألا لا تغلوا صدق النساء، ألا لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبيء صلى الله عليه وسلم ما اصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وان الرجل ليغلى بصدقة امرأة حتى تكون لها عداوة في نفسه) رواه احمد والنسائي. * لقى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناسا من أهل اليمن فقال: من انتم؟ فقالوا متوكلون قال: (كذبتم انتم متكلون إنما المتوكل رجل ألقى حبه في التراب وتوكل على رب الأرباب). * وقال عمر لأولئك الذين حاولوا الانقطاع عن العمل مدعين أن العمل ينافي التوكل على الله تعالى (لا يقعد أحدكم من طلب الرزق وهو يقول: اللهم ارزقني فقد علمتم إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة) سيرة عمر لابن الجوزي. * وورد في الأثر عن الإمام علي رضي الله عنه (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) * وقال الإمام الأوزاعي (ما من أمر أمر الله به إلا عارضه الشيطان فيه بخصلتين لا يبالي أيهما أصاب: الغلو والتقصير). * وقال أبو عبيد (إن هذا الذي يكلف نفسه فوق طاقتها من العبادة بقي مسيرا كالذي أفرط في أغذاء السير حتى عصبت راحلته ولم يقض سفره). * يقول الإمام الشاطبي (فاعلم أن الحرج مرفوع عن المكلف لوجهين احدهما الخوف من الانقطاع من الطريق وبغض العبادة وكراهية التكليف وينتظم تحت هذا المعنى الخوف من إدخال الفساد عليه في جسمه أو عقله أو ماله أو حاله والثاني خوف التقصير عند مزاحمة الوظائف المتعلقة بالعبد المختلفة الأنواع مثل قيامه على أهله وولده إلى تكاليف أخرى تأتي في الطريق فربما كان التوغل في بعض الأعمال شاغلا عنها وقاطعا بالمكلف دونها وربما أراد الحمل للطرفين على المبالغة في الاستقصاء فانقطع عنهما) الموافقات 2/96. * ويقول الإمام الشاطبي (فان المكلف مطلوب بأعمال ووظائف شرعية لا بد له منها ولا محيص له عنها يقوم فيها بحق ربه تعالى فان أوغل في عمل شاق فربما قطعه عن غيره ولاسيما حقوق الغير التي تتعلق به فتكون عبادته أو عمله الداخل فيه قاطعا عما كلفه الله به فيقصر فيه فيكون ملوما غير معذور إذ المراد منه القيام بجميعها على وجه لا يخل بواحد منها ولا بحال من أحواله) الموافقات 2/102. * وقال ابن الجوزى (اعلم أن شرعنا مضبوط الأصول محروس القواعد لا خلل فيه ولا دخل وكذلك الشرائع إنما الآفة تدخل من المبتدعين في الدين أو الجهال). * وقال ابن القيم (وضابط هذا كله العدل هو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط وعليه بناء مصالح الدنيا والآخرة بل لا تقوم مصلحة البدن إلا به فانه متى خرج بعض أخلاطه عن العدل وجاوزه ونقص عنه ذهب من صحته وقوته بحسب ذلك وكذلك الأفعال الطبيعية كالنوم والسهر والأكل والشرب والجماع والحركة والرياضة والخلوة والمخالطة وغير ذلك إذا كانت وسطا بين الطرفين المذمومين كانت عدلا وان انحرفت إلى احدهما كانت نقصا وأثمرت نقصا). * وقال ابن القيم: (إن الشريعة مبناها وأساسها على العلم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها وحكمة كلها. فكل مسالة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وان أدخلت فيها بالتأويل فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله أتم دلالة وأصدقها). * قال سهل بن عبد الله التستري: (من طعن في الحركة فقد طعن في السنة ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان فالتوكل حال النبي صلى الله عليه وسلم والكسب سنته فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته). * قال الشاعر: علـيك بأوسـاط الأمـور فإنهـا نجـاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا * وقال آخر: لا تـذهبن فـي الأمـور فـرطا ولا تسـألن إن سـألت شطـطا وكن مـن الناس جميعـا وسـطا * وقال زهير مثنيا على قوم همـو وسـط يرضـى الأنام بحكمـهم إذا طـرقت إحـدى الليـالـي بمـعظم



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.