أختام القرآن بالمقام الشاذلي منة إلهية ومفخرة تونسية

أختام القرآن بالمقام الشاذلي منة إلهية ومفخرة تونسية


انتظم ليلة الجمعة الختم الأول للقرآن الكريم في المقام الشاذلي وهذا الختم يصادف الأسبوع الخامس من الأسابيع الأربعة عشرة التي يحييها الشاذلية كل عام بداية من شهر جوان إلى نهاية شهر أوت في ترتيب عجيب موغل في الزمان يمتد إلى قرون مضت في سند متصل لا يعرف الانقطاع وفي برهان صادق على خلوص هذا العمل لوجه الله (وما كان لله دام واتصل) ولعل احد أسباب استمرار وتواصل العمل الشاذلي على امتداد هذا الزمن الطويل يعود إلى أن القرآن الكريم هو العمود الفقري للعمل الجاري بالمغارة والمقام فأختام القرآن الكريم في قراءة جماعية لسند متصل من حفاظ البلاد التونسية ظلوا يزينون هذا المجلس المبارك يلتف حولهم كل محب لكتاب الله متقرب بتلاوته أملا في أن يكون من أولئك الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وقوله عليه السلام (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته). وكيف لا يحصل لقارئ القرآن المرتاد لمجالس هذا المقام الرفيع وهذه الدرجة العالية وهو يكرع من نبع القرآن الصافي هذا الكتاب الذي لا تنقضي عجائبه ولا يمل على كثرة الرد والذي يقال لصاحبه يوم القيامة: (اقرأ وأرقى فدرجتك عند آخر آية) لقارئ القرآن له بكل حرف عشر حسنات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف وقد عدّ العلماء قراءة القرآن أفضل الطاعات والقربات بعد أداء المفروضات، ومجالس القرآن هي رياض الجنة قال عليه الصلاة والسلام (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا وما رياض الجنة يا رسول الله قال حلق الذكر) والقرآن الكريم هو الذكر الحكيم السراج المنير والعروة الوثقى والصراط المستقيم وهو العاصم والحافظ من كل زيغ وضلال والقرآن الكريم هو الشافع المشفع فقد ورد في الحديث الشريف (القرآن والصيام يشفعان) والاجتماع على قراءة القرآن من أعظم الطاعات (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله) (وجعلت لي الأرض مسجدا أو طهورا) (إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) ولأجل تحصيل هذا الأجر العظيم ونوال هذا الثواب الكبير يتداعى المؤمنون لارتياد هذه الحلق القرآنية المباركة التي تفتح لها أبواب السماء وليس بين الدعاء المرتفع منها وبين الله حجاب. ولأجل ذلك فإن الحرص على شهودها وحضورها ممن يعرفون فضائلها كبير جدا... والمقام الشاذلي في تونس معلم قرآني متفرد نكاد نجزم بأنه لا يوجد له نظير في التواصل والامتداد الذي لا يعرف الانقطاع إذ ما إن ينتهي ختم في المغارة والمقام الشاذلي إلا ليبدأ آخر تصدق على الشاذلية مقولة (الحال المرتحل) ومن يريد أن تكون له مع كتاب الله (القرآن الكريم) حبل الله الممدود عشرة وحلقة وصل فإن المغارة الشاذلية تهيئ له هذه الفرصة فعلى مدار السنة بكل فصولها وفي يوم الجمعة من كل أسبوع وبين صلاتي المغرب والعشاء تنتظم هذه التلاوة الجماعية المرتلة ترتيلا والتي يشرف عليها ويقود مسارها شيوخ مهرة يلتف حولهم صفوة خيرّة من أهل القرآن ومحبيه لا تسمع لهم لغوا ولا يشغلهم عماهم بصدده شاغل أحزاب مضبوطة في عددها لا تمضي أسابيع معدودة حتى يجد هؤلاء القراء أنفسهم على أبواب ختم للقرآن ترتفع على إثره الأيدي وتنطلق الألسنة بالضراعة والدعاء الخاشع الصادر من أعماق الأعماق والمعبر عن خلجات النفس وهو لاشك دعاء مستجاب من الله السميع العليم القريب المجيب القائل في كتابه العزيز (أمن يجيب المضطر إذا دعاه) والقائل (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) والقائل (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان) إنها لحظات مليئة بالنورانية والإشراق والخشوع يصبح فيها المؤمن اقرب ما يكون من ربه تزول معها الحواجز والكشافات ويحس كل من يحضرها بسكينة وطمأنينة يتذوق بها حلاوة المناجاة فيستزيد من الدعوات المتوجه بتلاوة متعددة متكررة لا تمل للفاتحة أمّ الكتاب مختومة بتأمين يرجى أن يوافق تأمين الملائكة الحافين بمن في مجلس ختم القرآن ممن تمتلئ بهم أرجاء المغارة والمقام ومن جاؤوا لا لغاية سوى التعرض لهذه النفحات الروحانية الربانية القرآنية التي يختص بها المقام والمغارة الشاذلية ويكاد لا يشاركهما فيها مكان آخر على الأقل في اتصال هذا العمل المبرور الخالص لوجه الله عبر الزمان الطويل. إنها منّة إلهية ومكرمة ربانية خص الله بها هذه الربوع التونسية غدت بها بفضل الله تحفها الألطاف الإلهية. كان ذلك هو الشعور الذي أحس به كل من كان حاضرا ليلة الجمعة في الختم الأول للقرآن الكريم الذي احتضنه المقام الشاذلي والذي غص بالحاضرين من مختلف الأجيال والفئات الاجتماعية والذين امنوا بخشوع على دعوات شيخ المقام والمغارة الشاذلية سيدي حسن بن حسن أمد الله في أنفاسه وأعانه ما أولاه من قيام على هذا المعلم العتيد الشامخ المطل على العاصمة وأحوازها الشمالية والجنوبية والمشع بأنواره وبركاته وفيوضاته الإلهية وقد زاد هذا الختم القرآني بهاء وإحكاما وتنظيما ذلك الجمع الكريم من المحركين خدام المغارة والمقام الشاذلي وفي طليعتهم الشيح فتحي دغفوس كان الله في إعانته وإعانتهم وأدام بهم عمارة هذا المعلم الروحي القرآني التونسي المتميز الذي هو مفخرة تونس وذخرها الذي لا تزال بفضل الله تتفيأ ظلال بركاته.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.