أجل كتب الحديث وأشهرها
كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لللإمام مجد الدين ابن الأثير الجزري
إن دواوين "السنة المشرفة" عديدة جدا، ما بين مختصر واخرى مطولة، فمن المطولات: (جمع الجوامع/ للحافظ الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله)، قصد فيه كما قال: "جمع الأحاديث النبوية بأسرها"، لكن الموت عاجله عن إتمامه.
فجاء من بعده: المحدث الجليل: علي المتقي الهندي فأكمله ورتبه، ثم سماه بـ (كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال)، فأجاد وأفاد، حتى ان الشيخ أبا الحسن البكري- من أئمة العلم في القرن العاشر الهجري- أثنى عليه بقوله: "إن للسيوطي منة على العالمين، وللمتقي منة عليه".
أما عصرينا الفاضل: "العلامة أبو الحسن الندوي رحمه الله فيقول عنه في كتاب (المسلمون في الهند/ ص36): "هو من الكتب التي انتفع به علماء الحديث كثيرا واعترفوا لصاحبه بمجهود عظيم، وفر عليهم وقتا كبيرا، وأغناهم عن مراجعات كثيرة".
أما الكتاب الذي نقدمه ونعرف به في هذا المقال، فهو موسوعة حديثية سابقة لأوانها، المصنف من علماء القرن السابع الهجري، اذ توفي سنة (606 هـ )، فجمع فيه رحمه الله كتب أصول الحديث "الستة"، كما ارتآها هو، وهي (موطأ مالك، والصحيحان للبخاري ومسلم، والسنن لأبي داود والترمذي والنسائي)
وللعلم، فإن هذه "الأصول الحديثية" هي المتعارف عليها عند جل المحدثين، وربما هو "قيد" التزموا به بعد أن قعده لهم الإمام ابن طاهر المقدسي في رسالته الشهيرة المسماة بـ (الأصول الخمسة)، هي: (صحيح البخاري وصحيح مسلم، ثم السنن لأبي داود والترمذي والنسائي وغيره من المحدثين جعلها ستة بزيادة سنن ابن ماجة إليها، وهناك محدثون آخرون أضافوا أو استعاضوا كتابا آخر وهو (الموطأ)، كما فعل هذا الإمام ابن الأثير ولكل منهم- رحمهم الله وأثابهم- وجهة هو موليها.
وعن محاسن هذا الكتاب النفيس، -وقد كنت قرأت منه بعض الأجزاء على أستاذنا العلامة الشيخ سيدي أحمد قلاش رحمه الله في مطلع السبعين الميلادية- يقول محققه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله في مقدمته عليه شارحا عمله فيه: (مجـ 1/ ص4) "حوى معظم ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فجمعها، وأدمجها كلها في مؤلف واحد، بعد ان رتبها وهذبها، وذلل صعابها وقرب نفعها، وافتتحه بمقدمة ضافية، فصل فيها الطريقة التي اتبعها في تصنيف الكتاب، وذكر جل قواعد مصطلح الحديث، التي تمس الحاجة الى معرفتها، وختمها بتراجم الأئمة الستة، الذين جمع كتبهم في تأليفه هذا، فجاء فذا في بابه، ولم ينسج أحد –فيما نعلم- على منواله، فكل من يقتنيه، في الأصول الستة يغنيه".
ثم زاد المحقق في البيان الى أن قال – في ص5- "واعتمد في النقل من كتابي البخاري ومسلم على "الجمع بين الصحيحين" للامام أبي عبد الله الحميدي واما باقي الكتب الأربعة، فقد نقلها من الأصول التي قرأها وسمعها...وقد عول في المحافظة على "ألفاظ البخاري ومسلم أكثر من غيرها من باقي الأئمة الأربعة...."
الى أن قال المحقق الجهبذ/ ص6 ما نصه: "ومما لا شك فيه، أنه قد أسدى بتأليفه هذا الكتاب العظيم الى الإسلام وأهله: يدا لا تزال مشكورة ما دام في الدنيا من يدين بهذا الدين، ويتبع سبيل المؤمنين..."
وفي آخر بيانه، ختم وصف عمله بهذه الخاتمة البينة فقال: "ولما اتجهت النية الى إخراج هذا الكنز النفيس من دفائنه، ونشره نشرة صحيحة متقنة، انعقدت العزائم على إصداره أجزاء متتالية، وبقيمة ميسرة بالتعاون مع الناشرين الأفاضل...:
وكان تأريخ هذه المقدمة الواضحة يوم الخميس (14 صفر 1389 هـ/ 1 أيار – مايو 1969 م)
والكتاب هذا يقع في (خمسة عشر مجلدا) في طبعته الدمشقية، الصادرة في عام (1389 هـ =1969م)، وليست "المصرية" التي تقع في (اثني عشر مجلدا) والصادرة في القاهرة عام (1368 هـ =1949 م) بتحقيق وتعليق الشيخ محمد حامد الفقي، فإنها – وكما يقول المحقق وبعد ان وقف عليها- : غير تامة بما يوازي خمس الكتاب، فضلا عما وقع فيها من التصحيف والتحريف.
وكلمة أخيرة أسداها الينا الشيخ عبد القادر الارناؤوط رحمه الله قائلا: "وفي اعتقادنا، أن كل من يقتني هذا الكتاب، يستغني به عما سواه، مما ألف في بابه".