في الرد على الافتراءات والتنبيه على أخطارها
تقدمت المدينة بالانسان أشواطا ورفعت مستوياته الذهنية والمادية إلى حيث يطمح وأكثر مما يطمح إليه غير أنها لم تحقق له شيئا يذكر في مجال السمو العاطفي والطهر الروحاني، ذلك السمو والطهر بدونهما تفقد القوى البشرية توازنها المنشود وتبقى متأرجحة بين شر يستأثر بها، وخير تلم به إلماما ويزور نواديها لماما، هذه هي أزمة الضمير التي بقيت بدون حل وسوف تبقى كذلك ما بقي التعامي عن الحق يسيطر على طوائف البشر فيحرك في أدمغتهم التي لم تصقلها الثقافة المعاني الصليبية المقيتة والصهيونية القذرة وغيرهما من الترهات والأباطيل التي لم تعد تنطلي حتى على حيوان القرن العشرين فضلا على انسانه الزاحف نحو عوالم الإشراق والرحابة ولكننا بكل أسف نطالع بين الفينة والفينة ما يدلنا بكل وضوح على ان الصليبية والصهيونية ما تزلان في عنفوان ضراوتهما وان تسترتا بالبراقع الكاذبة. وهل أدل على صحة ما نقول مما نشرته مجلة (Historia) الفرنسية بقلم (فيليب ارلنجير)من تشويه لحقيقة الإسلام وافتراء على شخص رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم والغريب في الأمر ان هذه المجلة تروج في بلدان يدين أهلها بالإسلام ويعرفون كل شيء عنه وعن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء به من عند الله وقد ننسب المقال إلى البحث العلمي لو تعرض صاحبه إلى جزئية بعينها فسرح فيها بخياله وجرب فيها مقدرته ولكننا رأيناه كحاطب بليل يهرف بما لا يعرف ويخبط خبط عشواء ويجمع ما لقنه في طفولته من سخافات و صبيانيات وأكاذيب عن الإسلام يقولها الأطفال وتقدم لتسميم عقول الأطفال مثل ادعاءه ان القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ليس كلام الله بل هو يتجزأ إلى جزئين جزء شعري فيه شيء من السمو وجزء نثري ينزل عن مستوى الشطر الأول من جميع النواحي ومثل هذا الجهل والافتراء لا يحتاج إلى رد لأن فطاحل الأدباء والعلماء سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين وقفوا أمام إعجاز القرآن وقفة العاجز المذهول الذي لا يستطيع أن يأتي بآية من مثله ولو جند لذلك جنوده واستعان بمضاهريه ومساعديه ويكفيه إعجازا أن العلم يكشف كل يوم عن حقائق أشار إليها منذ أربعة عشر قرنا وأنه قد سبق تطور البشرية وصعودها في مدارج الاختراع ولا يزال رائدها وقائدها إلى يوم الناس أما شريعة القرآن فهي شريعة الحق والعدالة والفضائل الخلقية وهي التي أزالت من قلوب المسلمين معاني العصبية وألزمتهم بأن يحبوا للناس ما يحبون لأنفسهم وان يقولوا الحق ولو كان مرا وبأن لا يكرهوا أحدا على اعتناق دينهم لأنه قد قال لهم بكل تأكيد (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وهذا الدين المسالم الذي سمى الله أهله المسلمين، لم تشفع له مسالمته لدى السيد (فيليب) الصليبي أو الصهيوني فيمسك عن الافتراء الذي يدل على ضغينة وجهل لولاهما لما ادعى كذبا أن محمدا صلى الله عليه وسلم قام بما قام به من مغامرة دينية لإرجاع حرمة مكة التي تضاءلت في زمنه وليحفظ لها مركزها الاقتصادي المتداعي ولا يكون ذلك إلا بتملق اليهودية والنصرانية والإتيان بدين هو خليط من هذه وتلك يعلمه جزءا منه غلامه زيد بن حارثه ويتعلم الجزء الآخر من يهود العرب إن هذا و أيم الله لهو الافتراء الوقح الساذج، لأن هذا العمل الجبار لا يقوم به إلا رجل من رجالات الأعمال وأهل الإقطاع ولم يؤثر عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان من هؤلاء ولا من أولئك ثم لو كان هذا موجودا لكان أعظم كسب يحققه لتجار بلده و لكانوا بدورهم أول المعتنقين لدينه الذي ركز لهم امتيازاتهم وحقق أهدافهم المادية والمعنوية في حين أن شيئا من هذا لم يحصل بتاتا بل حصل نقيضه وتأبى الضغينة الصليبية الصهيونية إلا أن تفضي بالكاتب إلى النهاية فيتناول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من الناحية الجنسية ويلوك تلك الشنشنة الفارغة التي لاكتها ألسنة الجهلة المغرضين من قبله وهي مسألة زواجه بتسع وزواجه بزينب وزواجه بعائشة رضي الله عنهما وما درى الأرعن أن تزوجه كان دائما لأغراض انسانية أو أغراض تقتضيها الدعوة وان ناحية الشباب والجمال لم تكن مرغبة لديه وإلا لما كان جل نسائه أيامى ومسنات، أما زينب فالتشريع السماوي الذي أراد أن يقضي على مسألة التبني وان يجعلها لا تتجاوز حدودها الأصلية أراد أيضا أن يعطي لها صورة عملية يكون الرسول صلى الله عليه وسلم طرفا فيها ولم يكن مختارا بل الاختيار كان سماويا محضا ولولا ذلك فإن زينب رضي الله عنها ابنة عمته وفي إمكانه أن يتزوجها قبل زيد وفي إمكانه ان يتزوج من تفوقها حسبا ونسبا وجمالا وأناقة، وعائشة رضي الله عنها ليست مراهقة عندما بنى بها بل هي قد بلغت الرشد وهي من الكثيرات اللاتي يبلغن في سن مبكرة ومنذ أسبوعين فقط نشرت الجرائد قصة المرأة التي أنجبت بنتا وهي في الثانية عشر من عمرها ثم أصبحت جدة في الرابع والعشرين فقط، هذه بعض تلفيقات وأراجيف مجلة Historiaمررنا بالرد عليها مر الكرام لأن المجال أضيق من استقصائها واستقصاء الأجوبة عنها وإنما أردنا بالتعرض إليها تنبيه الأولياء الذين لهم أبناء يتعلمون ليأخذوا حذرهم منها ومن غيرها من الكتب والمجلات المسمومة وليراقبوا ما يطالعونه وحتى تأخذ المصالح المختصة أيضا حيطتها من مثل هذه النشريات والمجلات والكتب التي تهدد كياننا وتفسد علينا عقائد وأخلاق أبنائنا وبناتنا فعسى أن يكون لكلمتنا هذه صداها ويتحقق منها ما أردناه من نفع وتنبيه.