نفي وتكذيب لوجود فكرة نقل القبر النبوي الشريف إلى البقيع
تناقلت وكالات الأنباء ونشرت الصحف نص تكذيب ونفي أصدرته الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين من أنه هناك نية لنقل القبر النبوي الشريف الى مقبرة البقيع في إطار خطة التوسعة لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. *وقد نزل هذا التكذيب والنفي القطعي لوجود هذه النية بردا وسلاما على قلوب كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها باعتبار ان هذا الصنيع يأباه الجميع: عامة المسلمين وخاصتهم من علماء وولاة أمور، فللقبر النبوي حرمة لا يمكن المساس بها وموضعه من المسجد النبوي كان بأمر إلهي اختص به الله سبحانه وتعالى رسوله وحبيبه عليه الصلاة والسلام. فقد دفن في حجرة زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها بناء على ما صح عنه عليه الصلاة والسلام من قوله (نحن معاشر الأنبياء حيث قبضنا ندفن) وقد تلقت الأمة منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم من السلف الصالح هذا الأمر بالقبول ولم تر فيه أدنى مخالفة للنصوص الشرعية في منطوقها ومفهومها بل إنه عليه الصلاة والسلام لم يلبث أن جاوره في حجرته الصحابيان الجليلان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهما خليفتاه من بعده ولم يعترض على ذلك أحد من علماء الأمة الذين اعتبروا ذلك خصوصية تميز بها هذان الصحابيان وتشرفا بها وهما لذلك أهل وكانا لا يزال المسلمون الزائرون للمدينة يتشرفون بالسلام عليهما وذكر محامدهما بعد الوقوف للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواجهة الشريفة مقبلين عليه وعلى صاحبيه ومستدبرين للقبلة وكيف لا وهو عليه الصلاة والسلام كما أجاب بذلك إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه أبا جعفر المنصور عندما سأله: أأستقبل القبر وأستدبر القبلة؟ قال: استدبر القبلة واستقبل القبر ألا تعلم أنه وسيلتك ووسيلة أبيك آدم. مضت الأمة على هذا الأدب الرفيع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحي في قبره حياة الأنبياء عليهم السلام يرد على كل من يسلم عليه. *وظل القبر الشريف وسيظل بإذن الله في مكانه وموضعه الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوسع المسجد النبوي ولا يزال ودخلت الحجرات النبوية ومنها حجرة السيدة عائشة التي تضم القبور الثلاثة ولم ينكر أحد من العلماء ذلك ولم يعتبروا أن في ذلك أدنى مخالفة شرعية فبجانب حجرته عليه الصلاة والسلام من مختلف الجهات تمتد صفوف المصلين على مر القرون كلما أذن المؤذن للصلوات حتى من تقع الحجرة بقبورها الثلاثة بينهم وبين القبلة وللمسجد النبوي الشريف جلالا وروحانية وسكينة وأنسا لا شك أن مأتاها ومصدرها قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وشرف وعظم لا ينكر ذلك إلا من ختم الله على قلبه وأعمى بصيرته. *إن النصوص الشرعية من الأحاديث النبوية الصحيحة متواترة تعاضد بعضها البعض في تأكيد حرمة القبر النبوي وشرفه وما خصه الله به وقد أجمع العلماء على أن البقعة التي تضم الجسم النبوي الشريف هي أفضل بقاع الأرض على الإطلاق وقد حكى هذا الإجماع القاضي أبو الفضل عياض صاحب كتاب الشفا وقال بعضهم: جزم الجميع بأن خير الأرض ما قد أحاط ذات المصطفى وحواها نعم لقد صدقوا بساكنها علت كالنفس حين زكت زكى مأواها *وفي الحديث الصحيح (ما بين قبري ومنبري ( وفي لفظ للطبراني) ما بين حجرتي ومصلاي روضة من رياض الجنة) وقبره صلى الله عليه وسلم في بيته وهو حجرة عائشة رضي الله عنها. وفي حديث آخر (وضع منبري على ترعة من ترعات الجنة وما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة وإن قوائم منبري هذا رواتب في الجنة) قال سهل بن سعد لما حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن منبره على ترعة من ترع الجنة قال أتدرون ما الترعة؟ هي الباب من أبواب الجنة وإذا كان منبره صلى الله عليه وسلم قد بلغه الله بجلوسه هذه المنزلة فقبره صلى الله عليه وسلم الذي تضمن بدنه وصار له مثوى أولى بأن يكون روضة من رياض الجنة وهو بذلك أولى ..) ولا يتسع المجال لذكر ما لا يزال يعتري الواقف على القبر النبوي الشريف والمصلي في الروضة الشريفة والداخل للمسجد النبوي بل القادم على المدينة المنورة من أحوال يعجز القلم واللسان عن وصفها وكيف لا والحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام هو من يسكن تلك البقعة الشريفة المطهرة يؤنس أمته ويرد السلام على كل من يشرف بالسلام عليه؟ وكيف لا وهو من وعد بأن يكون شفيعا وشاهدا لمن يموتون بالمدينة وهي شفاعة وشهادة خاصة غير شفاعته العامة للمذنبين من أمته. *إن المدينة المنورة شرفت بالهجرة وشرفت بالمحيا وشرفت بالممات، بذلك بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من الأنصار عندما قال لهم (المحيا محياكم والممات مماتكم) وقال لأمته (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) *وفي كتب المناسك والزيارة وما ألف على مر العصور في فضائل المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم ما لا يتسع المجال لمجرد ايراد بعضه مما لا يترك مجالا للشك أو الريب الذي يدفع الى مجرد التفكير فيما أوردته في الأيام الخيرة بعض الصحف وتناقلته المواقع الاجتماعية من دعوة أحدهم قيل أنه ضمنها في أطروحة جامعية!! الى نقل القبر النبوي الشريف الى البقيع !! سواء كان ذلك من أجل التوسعة أو غيرها والتوسعة والحمد لله لا تزال تنجز المرة تلو الأخرى يمينا ويسارا وجنوب المسجد إلا من ناحية القبلة وفي ذلك الكفاية وزيادة فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما امتدت التوسعات (هو مسجده لو وصل إلى اليمن) كما قال عليه الصلاة والسلام *لا يقبل بهذا المقترح أحد من المسلمين ولا يرضى به أحد من المسلمين ولن يتجاسر عليه أحد، إنه مقترح مرفوض ومردود على صاحبه وقائله وهو لا يهدف إلا لبث الفرقة والفتنة والنزاع، وهو مقترح مدسوس يريد أن يضرب الأمة في صميم دينها وفي صميم عقيدتها وهو يريد لها وهي التي يتنازع ويتقاتل في هذه الأيام العديد من أبنائها يريد هذا المقترح المرفوض المردود أن يقضي على من بقي في الأمة من بقية تماسك ولأجل ذلك حسنا فعلت رئاسة الحرمين الشريفين عندما بادرت بالتكذيب والنفي القاطع لهذه الفكرة جملة وتفصيلا وأصلا وفصلا والمتعارضة كليا مع المتعارف عليه بين كل مكونات الأمة عبر امتداد عمر رسالة الإسلام. ولا شك أن السلطات السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي ما انفكت تعمل جاهدة لجمع كلمة الأمة الإسلامية والوقوف في وجه كل ما يدبر لها من اختلاف وتنازع لتذهب ويذهب ريحها لا شك أنها لا تصيخ السمع لمثل هذه الدعوات الشاذة: نقل القبر النبوي إلى البقيع !! وهدم الكعبة وإعادة بنائها !! بل أنها هي أول من يتصدى لها ولأصحابها فذلك هو المعروف عنها والمتوقع منها ولله الأمر من قبل ومن بعد.