في مواجهة (الإسلامفوبيا)... الطريقة المثلى لدفع الشبهات والرد على حملة التخويف من الإسلام
لا نجانب الصواب إذا قلنا إن الخوف من الإسلام أو ما يطلق عليه الإسلامفوبيا Islamophobie له ما يبرره وذلك بالنظر إلى تصرفات المسلمين وما يصدر على ألسنة الكثير منهم من أراء شاذة وغريبة تتعارض مع ما تدعو إليه نصوص الإسلام التأسيسية: من قرآن كريم وسنة وسيرة نبوية طاهرة التي هي وحدها الحجة على الإسلام. فالإسلام كما تصوره وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وكما يظهره هذا الكم الهائل من الكتب التي يتخذ البعض منها من إدعاء المنهجية والموضوعية وسيلة لتبرير هذا الخوف من الإسلام، الإسلام حسب هؤلاء هو الخطر الداهم الذي سيأتي على الأخضر واليابس وسيكتسح كل المعمورة ليقضي على كل ما تحقق للإنسانية من مكاسب في كل الميادين المادية والمعنوية بالخصوص والمتمثلة في كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية التي جاءت ثمرة لجهود مضنية وتضحيات جسيمة. * إن وراء حملة التخويف من الإسلام جهات لا سبيل إلى الشكّ في كراهيتها للإسلام وحقدها عليه وعلى المسلمين. الغالبية العظمى من الذين يخافون من الإسلام والمسلمين ليس الدافع لخوفهم عوامل تاريخية ولا معتقدات دينية، فالعامل التاريخي يكاد يكون غائبا كليا عن عقول هذه الجماهير العريضة وكذلك التزامها الديني وتعلقها بالمقدس يكاد لا يذكر اللهم إلا في مناسبات عامة يطغى عليها العامل الاستعراضي والجانب العرفي التقليدي. * إن مما يخيف من الإسلام ومن المسلمين هو تلك المواقف الشاذة والغريبة وتلك التصرفات الطائشة وذلك الاقتصار على المظاهر والشكليات التي وإن كانت في ظاهرها من قبيل السنن والمستحبات ولكنها ما كانت في يوم من الأيام عنوان الإسلام ولا حقيقته وجوهره. * إن الإسلام الذي يشترك مع كلمة السلم في المكون الحرفي، يقدمه البعض في صورة مرعبة مخيفة تكاد تكون الدماء والدموع والقتل والفتنة من مستلزماتها!! * والإيمان الذي يشترك مع كلمة الأمن في المكون الحرفي يقدمه البعض في مظهر الفرقة والجزع والهلع والرعب والفساد والتخريب. سبحان الله هكذا تصير الأمور وتنحرف الأفهام وتناقض الممارسات مع صريح النصوص وجميل السلوكيات والتصرفات؟! * ليس هذا الذي نقول من قبيل جلد الذات ولا هو من قبيل التملق للآخر والتقرب إليه بتبرئته من كل التبعات ولكنه التشخيص الموضوعي والمصارحة بالحقيقة المرة التي لا ندعي أننا أول من توصل إليها واكتشفها وأراد أن ينبه إليها فلأسماء لامعة من أمثال الأفغاني وعبده وبن نبي وغيرهم فضل الريادة في التنبيه إلى الرأي الذي ينسب للإمام الشافعي والذي يقول: نعيب زماننا والعيب فينا. * لا بدّ للمسلمين وخصوصا قادة الرأي وأهل الذكر من العلماء أن يصدعوا ويعلنوا بصوت عال غير هياب أن أخطر خطر على الإسلام والمسلمين هي هذه الآراء الشاذة والتصرفات المشينة وهذه اللافتات التي تحمل شعار الإسلام وتكتسح الساحة في داخل ديار الإسلام وخارجها على حساب إسلام السماحة وإسلام الرحمة وإسلام الرفق وإسلام اللين، وإسلام الاستجابة لنداء الله في القرآن الكريم لعباده المؤمنين كي يدخلوا “في السلم كافة”. هذا الإسلام السمح، إسلام الرحمة والدفع بالتي هي أحسن، إسلام كظم الغيظ والعفو عن الناس لان الله يحب المحسنين هو الذي ينبغي أن يتقدم وهو الذي ينبغي أن يقدم للناس كافة. والسبيل إلى ذلك إنما هو بالمناداة بصوت عال وجسور: ألا وان الإسلام شيء وتصرفات المسلمين ومواقف المسلمين في الغالب شيء آخر. * وإذا كان لا رهبانية في الإسلام، ولا كهنوت ولا واسطة بين الخالق والمخلوق فانه أيضا ينبغي ولا يجوز ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع غير الصحيح ولا السليم والذي يسمح به البعض لأنفسهم بأن يخرجوا بعض النصوص عن سياقها وأسباب نزولها وكل حيثيات فهمها وتمثلها التمثل الجميل والرائع لتصبح بأفهام مسطحة وسطحية عنوانا لإسلام لا يمت إلى الإسلام الحقيقي بصلة. * إن حجر الزاوية في الرد على حملات تشويه الإسلام والتخويف منه وإظهاره في مظهر الشبح الداهم الذي لن يبقى على أحد ولا على شيء. إنما هو بتولي أهل الذكر والاختصاص وذوي النوايا الطيبة والصادقة والخالصة من كل الشوائب والغايات مسؤولياتهم أمام الله وأمام الأمة ودينها وتاريخها، فيرفعوا أيدي الجهلاء والدخلاء من الدهماء عن أفضل واعز شيء بالنسبة للمسلم ألا وهو دينه الذي انعم به الله عليه فهداه إليه. * إن كثيرا من الحملات على الإسلام وكثيرا من الشبهات والأحكام الجائرة عليه كان سببها في الأصل وفي المنطلق تصرفات ومواقف صادرة عن بعض المسلمين كانوا فيها مجانين للصواب مخطئين غير مقدرين للعواقب وردود فعل من يتربص بالإسلام والمسلمين ليتخذ من هذه الأخطاء ذريعة لشن حملة ظالمة مسعورة على الإسلام والمسلمين. * إن المسلمين الذين يحتكون بغير المسلمين خصوصا خارج ديار الإسلام هم تحت مجهر مكبر وعليهم أن يكونوا واعين بذلك وعليهم-وهذا ما تمكنهم منه تعاليمهم دينهم السمحة-بالتيسير والتبشير وان لا يقدموا الإسلام في تلك البيئات غير الإسلامية بجوانب الزجر والترهيب والعقاب والويل والثبور ذلك انه وحتى في ديار الإسلام التي ورثته جيلا عن جيل فان قواعد معروفة تنادي بدرء الحدود بالشبهات وتفويض أمر الخلق للخالق وعدم التالي على الله بمعنى عدم تقنيط عباد الله من رحمة الله. * إن المسلمين خارج ديار الإسلام هم سفراء الإسلام وهم الذين ينظر إليهم اليوم على أنهم طليعة الصدام القادم الذي يستعجله ويقرع طبول حربه وينظر له أمثال هنتنقتون وفوكويامما وبرنارد لويس وغيرهم وغيرهم. * إن التخويف من الإسلام والخوف منه واقع كانت بعض تجلياته الصور الكاريكاتورية المسيئة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. * والفطنة تقتضي، والحكمة والإخلاص يفرضان على المسلمين أن لا يجعلوا من تلك الحادثة التي لا تبررها القيم ولا المواثيق ولا يقبل بها عقلاء الناس، مانعا من أن يقوموا بما ينبغي عليهم أن يقوموا به تجاه دينهم من تعريف بحقائقه وتقديم لعطاءاته وعرض لأحسن تطبيقاته وتجسيماته وهي والحمد لله من الكثرة وقوة الحجة بحيث تجعل من أي تصرف صادر عن أي كان من المسلمين إذا كان شاذا وغريبا وغير متطابق مع مقاصد الإسلام وروحه السمحة مردودا على قائله وفاعله. * لا ينبغي علينا أن نيأس ولا ينبغي علينا أن نمل من تكرار التأكيد على أن الإسلام هو دين الرحمة وهو دين السماحة وهو دين التمدن وهو دين التحضر وهو دين التعايش بين الناس (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). * وإيمانا واقتناعا بهذا المنهج لبيت شخصيا دعوة لحضور ندوة نظمتها محطة تلفزيونية تتخذ من لندن مقرا لها وهي محطة (إسلام شانال ISLAM CHANNEL) فقد عقدت هذه الندوة في كوبنهاغن عاصمة الدانمارك، عاصمة الرسوم الكاريكاتورية وكان يوما حافلا تداول فيه المشاركون على الكلام وكانوا مسلمين وغير مسلمين وأمام حضور مباشر تجاوز الألفين من مختلف الفئات والأجناس ويتواصل مع المشاهدين بالهاتف والفاكس والبريد الالكتروني، أمكن عرض الإسلام وسيرة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام في سماحتها ورحمتها ورأفتها وتمدنها وكان الارتياح كبيرا وجاءت الصحف والمجلات الصادرة في كوبنهاغن في اليوم الموالي لهذه الندوة (حول التخويف من الإسلام وسبل مواجهته)، حافلة بالتعاليق والتغطيات الايجابية ولسان الحال والمقال يقول: هل من مزيد من مثل هذه المبادرات الرائدة والشجاعة فهي لا سواها ما يقتضيه ويستوجبه وضع الإسلام والمسلمين اليوم.