"روحانية2" والعودة الى ينابيع الدين الصافية
عندما لفتنا في جريدة "الصريح" الأنظار الى ثراء بلاد الجريد الديني والفكري والحضاري ودعونا الى ترشيح توزر ونفطة لتكونا عاصمة للثقافة العربية أو الاسلامية في احدى دوراتهما القادمة يبدو ان الجواب ابى إلا أن يأتي من المجتمع المدني ولو كان الترشيح كما لفت الى ذلك نظري صديقي المغربي الأستاذ عبد القادر الادريسي الاعلامي القدير وأحد الأطر النشيطة في منظمة الايسيسكو انما يكون عن طريق الوزارة المشرفة على الشأن الثقافي كما أضاف الى علمي ان التنافس على الترشيح من قبل الدول العربية والاسلامية لمدنها وحواضرها جعل السنوات القادمة الى حوالي 2025 محجوزة ومع ذلك فإني ألح على المسارعة بتقديم ترشيح توزر ونفطة وماذا بيننا وبين 2025 انها أقل من عشر سنوات؟ وماذا تساوي عشر سنوات في حياة الأمم والشعوب والدول؟ بل لعل هذه المدة تكون كافية للاستعداد المحكم على كل الأصعدة فتكون التظاهرة المأمولة في مستوى الطموحات المشروعة
- "روحانيات2" برئاسة الاعلامي حسن الزرقوني يمكن ان تكون اللبنة الاولى والأساسية في اعادة الاشعاع لتلك الربوع من بلادنا والتي عرفت بخصوصية مساهمتها في العطاء الثقافي والعلمي لتونس
- "روحانيات2" التي لم أطلع على تفاصيل برمجتها الا من خلال ما بثته بعض وسائل الاعلام المسموعة والمرئية نريدها ان تكون في مستوى الشعار الذي رفعته والمضمون الذي رامت العمل في مجاله وهو مضمون لا يمكن تصور حدوده ولا يمكن تحديد ماهيته وكيف لا والروح –وقد سئل عن كنهها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يملك الجواب واكتفى بترديد قول ربه في كتابه العزيز (يسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي) وما هو من أمر الله سبحانه وتعالى فهو عظيم الشأن لا يمكن الإحاطة به ولكن يمكن النهل من معينه العذب
- الروح هي ما يخلد ويبقى من الانسان بعد فناء الجسد، الروح او النفس هي الراجعة الى ربها بعد ان تكون سكنت الجسد الى الأجل المحدد حتى اذا حل وهو لا يتأخر ولا يتقدم (إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) عادت الى ربها راضية مرضية.
- العناية بالروح او النفس التي هي جوهر الانسان وبدونها يؤول الانسان الى تراب هو لب التصوف وصدق من قال
اقبل على النفس واستكمل فضائلها * * * فانت بالنفس لا بالجسم انسان
- والصوفية كما يقول ابو العباس المرسي خليفة الامام الشاذلي (شاركوا غيرهم في علومهم واختصوا هم بهذا المشرب)، فسعدوا به ايما سعادة وتسامت ارواحهم في تدرج وترق عبرت احوالهم ومواجيدهم وأناشيدهم واشعارهم وحكمهم ومأثوراتهم التي ظلت قريبة عهد بالله على حد تعبير سلطان العلماء وبائع الامراء العز بن عبد السلام وهو يعلق على كلام الإمام أبي الحسن الشاذلي
- الروح تجمع ولا تفرق وتحيي ولا تقتل وتبني ولا تخرب وهل سمعنا أو قرأنا أو رأينا لأرباب الأرواح شيئا مما رأيناه وعشناه مما اتاه ويأتيه المتلبسون بالدين الذين ظل سعيهم في الحياة وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا؟ !
- إن ارهاصات زمن عودة المجد لدولة الروح تبدو للعيان لا ينكرها الا من لم يذق طعم حلاوتها ممن عميت بصيرتهم والذين قال الله في حقهم (انها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)
- وما لم تحف بالانسانية ألطاف الهية فإن المادة التي بلغت اقصى مداها حيث اصبحت الدنيا (بالمعنى الدنئ) هي كل الهم ومبلغ العلم المادية ستدمر انسانية الانسان الذي كرمه ربه وفضله على كثير مما خلق واتخذه خليفة ولأنه ظلوم جهول ها هو ذا يعيش الشقاء والتعاسة والرهق وهو لن يصل الى شاطئ السلامة الا بتزكية وتهذيب هذه الروح التي نفخها فيه ربه (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)
- والصوفية بمختلف طرقهم وفرقهم وعلى اختلاف اجناسهم والوانهم وفئاتهم هم الذين عندهم ولديهم المرهم الذي تطمئن به القلوب وكيف لا وهم في حضور دائم بكل احوالهم وحركات أجسامهم مع ربهم؟ انه معهم، انه ينظر اليهم، انه شاهد عليهم.
- ومن كانت هذه احوالهم فهل تحمل قلوبهم كراهية او حقدا او ضغينة على أحد من عباد الله بما فيهم اولئك المسرفين على أنفسهم ممن غلبتهم شقوتهم ولكن بواطنهم تئن حزنا على ما قدمت ايديهم ولسان حالهم يردد (لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين أستغفرك واتوب اليك) وقد قيل في حق حال هؤلاء مع ربهم (ذل المعصية خير عند الله من بطر العبادة)
- الصوفية هم حملة راية الحب الذي هو لب الدين وهل يصلح او يصح دين بدون حب؟ حب الله، حب رسله، حب عباده وحب كل ما خلق الله.
- روحانية 2 نريدها منطلقا في بلادنا للتبشير بهذا النهج الرشيد والصراط المستقيم الذي يرضى به الله ويرضى به الخلق من عباده الصالحين
