من اجل الحفاظ على اسلام سلطان المدينة سيدي محرز رمز الوسطية والتسامح والتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم
في ذاكرة الشعب التونسي أسماء اعلام يمثلون رمزا لخصوصية الهوية الوطنية الدينية. وعلى راس هؤلاء الاعلام سيدي محرز بن خلف الملقب بسلطان المدينة. والمقصود بالسلطان السلطان الروحي وهو الا خلد والابقى. سيدي محرز صديقي ينحدر نسبه الى الصحابي الجليل ابي بكر الصديق رضي الله عنه. وكان سيدي محرز يحترف تعليم القران ونعمت الحرفة فقد ورد في الحديث الشريف( خيركم من تعلم القران وعلمه). وفي تعليم الصبيان الكريم تنشئة لهم على اخلاق القران التي كان عليها سيد الانام عليه الصلاة و السلام وقد شهدت له بهذا الخلق الرضي السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه فاجا بت( كان خلقه القران). كما ان تنشئة الأطفال على تعلم القران تحصين لهم وجعلهم يعتصمون بحبل الله فلا يزيغون ولا يضلون.
وأضاف سيدي محرز الى تعليم القران للصبيان تعليمهم ما ينبغي ان يعلموه من أمور دينهم في العقيدة والعبادة والمعاملة و تقول كتب التاريخ انه هو من طلب من ابن خالته عبد الله بن ابي زيد القيرواني الملقب بمالك الصغير ان يؤلف له كتابا في ذلك. فما كان من ابن ابي زيد الا ان استجاب لهذا الطلب والف كتاب الرسالة التي ذاع صيته وتلقته الامة بالقبول مشرقا ومغربا ولايزال طلبة العلم يكرعون من معينه العذب وعلمه المدقق المحقق ولاتزال تكتب له الشروح من طرف العلماء الاعلام كما تولى بعض العلماء نظمه ليسهل حفظ مسائله وتمت ترجمته الى عديد اللغات منها الفرنسية( اكثر من ترجمة).
وعرف سيدي محرز بتصديه لدعوات الفتنة والنيل من ثوابت الامة والحفاظ على عقيدتها السنية ومذهبها المالكي ووقف في وجه من أرادوا اجتياح حاضرة البلاد واخرج تلاميذه ووقف في مواجهة جيش باديس العازم على اقتحام تونس وتخريبها والعيث فيها فسادا وترويع أهلها الامنين قال سيدي محرز قولته الشهيرة( غدا باذن الله تكون تونس ولا يكون باديس) فكان الامر كذلك استجابة من الله لاستغاثة سيدي محرز وتامين تلاميذه من حفظة كلام الله وتمكن احد الاسرى في جيش باديس من فك قيده وتوجه الى باديس فقتله. وبذلك وبفضل الله الذي يقول للشيء( كن فيكون) حفظ الله تونس وأهلها. ومن هنا جاءت المقولة الشهيرة( يحرزلك محرز ياتونس).
كما عرف سيدي محرز بالتسامح وتجسيم مبدا التعايش بين التونسيين على اختلاف اديانهم وعقائدهم من ذلك تدخله بان يكون للجالية اليهودية حارة داخل المدينة عوض ان يسكنوا خارج المدينة . وظل اليهود ينعمون بالامن بجوار سيدي محرز لاينالهم مكروه ولا يعتدي عليهم احد. وعلى هذا الخلق الرفيع تربي التونسيون.
ولما دخل الالمان في الحرب العالمية الثانية الى تونس كان اليهود التونسيون يحتمون بسيدي محرز ويلجؤون الى زاويته التي ظلت عامرة بالقران والذكر يا تيها الزوار من كل صوب يلتمسون البركات والرحمات في هذا المكان الذي يحوي الجثمان الطاهر لسيدي محرز رضي الله عنه كما ظل الكبار من اليهود ممن غادروا تونس في العقود الماضية كلما زاروا تونس الا وزاروا سيدي محرز رضي الله عنه.
تلك هي تونس وذلك هو شعبها على امتداد القرون الماضية انسجام وتجانس وتسامح واعتدال وروحانية قوية ينتفي بها الحقد والكراهية والتعصب والتزمت والتطرف والإرهاب يجذرها ويعمق القناعة والاعتزاز بهاعلماء الزيتونة الاعلام الى ان هبت على تونس رياح هوجاء عاتية اتية من الشرق لكن ليس على شاكلة وخصوصية وتميز الاتيان الأول الذي كان على كان قوامه الصحابة والتابعون وتواصل من بعدهم على ايدي علمائنا الاعلام وصلحاء واولياء هذه الربوع عليهم من الله الرضوان. * ان الهجمة التي كادت ان تعصف ببلادنا في السنوات الأخيرة انكرت على التونسيين كل شيء بدعوى محاربة الشرك والبدع. والحمد لله لقد هدات بعض الشيء هذه الحملة المسعورة على اسلام التونسيين لا سباب لا يتسع المجال لعرضها فمنها ما هو داخلي وفيها ما هو خارجي بانقلاب السحر على الساحر.
ولكن الامر جد يقتضي اليقظة وتظافر جهود الجميع لتبقى لتونس ولشعبها خصوصيات اسلامها اسلام الوسطية والاعتدال والتسامح والروحانية القوية التي من ركائزها هذا التعلق والحب الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والحب للعلماء والاولياء والصالحين والذي من مظاهره هذا اللقاء المبارك الذي ينتظم بجوار ضريح سيدي محرز بن خلف رضي الله عنه احياء لذكرى أربعين المولد النبوي الشريف والذي يتنادى له كل عام السادة الشاذلية واخوانهم من اتباع الطرق والمحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذي سيكون يوم الاربعاء16 ديسمبر على الساعة9 صباحا. موعد لايتاخر على شهوده وحضوره والتبرك به الجميع نسال الله القبول .