قصة المولد لسماحة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور : أزْوَاجْ رَسُول الله وأبْنَاؤُهْ
تزوج رسول الله صـلــّى الله عليه وسلــّم اثنتى عشرة امرأة على التـّداول لا على الجمع، ولم يجتمع في عصمته أكثر من تسع نسوة وتلك خصوصية نبوية. فتزوج خديجة كما تقدم وبعد وفاتها تزوج سودة بنت زمعة من بنى عامر من قريش، ثمّ عائشة بنت أبي بكر الصديق، عقد عليها ولم يبن بها إلا بعد نحو خمس سنين، ثمّ حفصة بنت عمر بن الخطاب ثمّ زينب بنت عمر بنت خزيمة الهلالية المكناة أم المساكين، ثمّ أمّ سلمة واسمها هند بنت أبي أمية المخزومية، ثمّ زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة، ثمّ جويرية بنت الحارث من بني المصطلق من خزاعة، ثمّ أم حبيبة بنت أبي سفيان واسمها رملة، ثمّ صفية بنت حي من بني النضير وهم من يهود الحجاز، ثمّ ميمونة بنت الحارث الهلالية وكان اسمها برة فسمّاها ميمونة، وعقد على أسماء بنت النعمان بن الجون الكندية وزفت إليه فرأى منها جفاء فطلقها ساعة زفافها فلم تعد في أمهات المؤمنين. وكانت مارية القبطية سرية له أهداها إليه المقوقس صاحب مصر، وكان منها إبراهيم ابن رسول الله صـلــّى الله عليه وسلــّم فكانت أم ولد له رضي الله عنهما. وأول مولود ولد لرسول الله صـلــّى الله عليه وسلــّم القاسم وبه كنى، ولد قبل بعثته بقليل وعاش سنتين، ثمّ وُلـدت زينب ثمّ رقية ثمّ فــاطمة، ثمّ أم كلثوم، ثمّ عبد الله ويلقب بالطيب وبالطاهر وتوفى صغيرا، وهؤلاء كلهم من زوجته خديجة رضي الله عنها وعنهم. وولد له إبراهيم من سريته مارية وتوفى وعمره سنة ونصف، ولم تترك واحدة من بناته عقبا إلا فاطمة رضي الله عنها. شَمَائلـُهُ وأخْلاَقَهُ صـلــّى الله عليه وسلــّم كان رسول الله -صـلــّى الله عليه وسلــّم- ربعة أي متوسط الطول، وهو إلى الطول أقرب. بعيد ما بين المنكبين، جليل الكاهل، عظيم رؤس المناكب، ضخم العظام ورؤس المفاصل، ليس بكثير اللحم، ولما أسن بدن؛ متماسك اللحم، غير قصير اليدين ولا الأصابع أزهر اللون أي ابيض مشرب البياض بحمرة. عظيم الهامة (أي الجمجمة) أسود شعر الرأس، ليس شعره ملتويا ولا مرتخيا، شعره إلى شحمة الأذن. كان يفرق شعره. كث اللحية أي كثير شعرها قد ملأت أعلى صدره، أسود شعرها، وكان في صدغيه شعرات بيضاء، وتحت شفته السفلى شعرات بيضاء، وذلك في آخر عمره المبارك. وكان يقصه شاربه، مدور الوجه باستطالة قليلة، واسع الجبين، سهل الخدين أي لا ارتفاع فيهما. لوجه بريق يزداد إذا سر، واضح الأنف بدقة. يرى في أنفه بعض احديداب، تام الأذنين. أكحل العينين أدعجهما أي شديد سوادهما، قد أشرب بياض عينيه بحمرة، أنجل أي طويل شق العينين، طويل الأشفار كثير شعرهما، حاجباه دقيقان مع تقوس قريب من القرن، بين حاجبيه عرق يدره الغضب. واسع الفم بحسن، مفلج الأسنان إذا تكلم رءى كالنور يخرج من بين ثناياه. في عنقه ارتفاع، سواه البطن والصدر، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط. أشعر أعالي الصدر، ليس في بطنه وصدره شعر غير ذلك. أشعر الذراعين والمنكبين، طويل الزندين، ضخم العضدين، غليض الكفين، رحب الراحة. بين كتفيه خاتم النبوة وهو بضعة ناتئة مقدار زر الحجلة (والزر عقدة كبيضة الحمام تشدّ بها شقة الحجلة وهي البيت) أحمر اللون فيه شعرات وحوله خيلان كأنها الثآليل. شثن القدمين، ضامر وسطهما أملسهما لا نتوء فيهما ولا شقوق، قليل لحم العقب، ولم يرد وصف أظفاره وورد في بعض الآثار أن سبابتي رجليه أطول من وسطيهما. وكان صلــّى الله عليه وسـلـّم إذا مشى يتقلع كأنما كأنـّما ينزل من مكان منحدر سريعا في مشيته. إذا التفت التفت جميعا. جلّ نظره الملاحظة أي لا يوجد نظره إلى شيء بحدّة، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى فوق، ضحكه التبسم وربما ضحك حتـّى تبدوا نواجذه. وكان كلامه ترتيلا بحيث لو شاء أحد أن يكتب كلامه لم يفته. وكان أكثر جلوسه في المجلس الاحتباء، وربما اتكأ على وسادة. وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقا، كما قال الله تعالى(وإنّك لعــلى خلق عظيم) وقالت عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن. وكــان أرجح الناس عقلا، وأفصحهم لسانا، وأبلغهم معنى، وأجودهم فطنة، وأصفاهم سريرة، وأحسنهم عفوا، وأكثرهم صبرا، وأسخاهم، وأسمحهم، وأشجعهم، شديد الحياء إلا في الحق،كثير الأعضاء عن الفلتات، حسن المعاشرة، رحيما بالناس رفيقا بهم، أصدقهم قولا وأوفاهم عهدا، شديد التواضع، كثير الاحتمال على أذى المشركين شديد الغلظة على الظالمين والمعتدين على الحق، لا ينطق بفاحشة القول، غير هياب للملوك والجبابرة، ويتنازل للضعفاء والمساكين ويمزح ولا يقول إلا حقا. أسْمَاؤُهُ الشـّريفـَة أسماء رسول الله صـلـّى الله عليه وسلـّم عنوان ما فيه من الفضائل والمكارم، فلا جرم أن كان أكثر الخلق أسماء وإن كان حقيقيا بأن تعد صفاته أسماء لأنـّها بلغت فيه منتهى حقائقها؛ فكانت صفاته دالة على ذاته. وقد أحصى بعض العلماء منها ثلاثمائة اسم، ويجمع كثرتها خمسة أسماء. فقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطا عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم أنّ النبيء صـلـّى الله عليه وسلـّم قال: لي خمسة أسماء: أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب. نسأل الله أن يعيد على المسلمين من بركات هذا اليوم كما منحهم في أصله، وأن يكتبنا في اجتماعنا له وتفرقنا إثره مع الذين يظلهم الله بظله. محمد الطاهر ابن عاشور