فضيلة الشيخ حسن الخياري رحمه الله أحد رواد الوعظ الديني بتونس
فضيلة الشيخ المربى حسن الخياري رحمه الله كان المدرس بجامع الزيتونة سابقا وبالمعاهد الثانوية بالعاصمة والإمام الخطيب بجامع البرج بالعاصمة وصاحب دروس الوعظ والإرشاد التي لم تعرف الانقطاع منذ شبابه المبكر في جوامع “الزيتونة” و“صاحب الطابع” و“سبحان الله” و“سيدي محرز” و“الحلق” وغيرها. والمواصل لجهود وحركة الشيخ عبد العزيز الباوندي رحمه الله في تحفيظ القرآن خصوصا بواسطة الإملاءات الليلية ما بين صلاتي المغرب والعشاء والتي أثمرت وتخرج منها عديد الحفاظ لكلام الله العزيز سواء من الكبار المسنين والأميين أو من الشبان والأطفال الصغار. لقد ظلت نبرات صوت الشيخ حسن الخياري رحمه الله لسنوات طويلة تجلجل في إرجاء جامع “الزيتونة” وجامع “صاحب الطابع” أمسيات الجمعة والسبت والأحد يقف الشيخ رحمه الله وسط الجموع الغفيرة من محبي منهجه الأصيل في الوعظ والإرشاد الساعة تلو الساعة وهو يبسط للعوام بلغة سلسة مفاهيم الدين مركزا في نفوس من يحضرون هذه الدروس ويشدون إليها الرحال العقيدة الإسلامية السنية السليمة الخالية من الشرك والبدع والخرافات البعيدة عن الغلو والتزمت والتعصب مبسطا لتلاميذه ومريديه أحكام الدين خصوصا في عباداتهم ومعاملاتهم بصوت جهوري مصحوب بتفاعل صادق شد إليه الناس وجعله لديهم محل إعجاب وتقدير واقتداء. لم يعرف عمل الشيخ حسن الخياري رحمه الله التوقف صيفا وشتاء في مختلف الظروف والملابسات مضى على نهجه الواضح الجلي الذي لا يريد من ورائه إلا مرضاة الله وأداء واجب النصح بالحكمة والموعظة الحسنة. ولا يرجو على عمله جزاء ولا شكورا إلا من الله الذي اخلص له النية والعمل. فلم يكن رائده ثناء الناس عليه ولا تزعمه لهم بل كان همه الوحيد والمتعة التي لا توازيها أية متعة بالنسبة إليه ان يكون وسط تلك الجموع من العوام والكهول والشيوخ والشبان يستفتونه فيفتيهم ويستنصحونه فينصحهم ويشركهم معه في الحصول على الأجر والثواب وذلك بدفعهم إلى المساهمة في فعل الخير وإصلاح ذات البين وتفريج كروب المكروبين وقضاء حاجات المحتاجين. لقد كان الشيخ حسن الخياري رحمه الله داعية إسلاميا ومصلحا اجتماعيا ورجلا قرآنيا عرف دوره فقام به أحسن قيام بعيدا عن الأضواء والجلبة والضوضاء يربي النشء وعموم الناس على الخير والفضيلة وينشر بينهم الحب والوئام ويحذرهم من الاختلافات والانقسامات والفتن. وقف سدا منيعا في وجه كل دخيل سواء كان هذا الدخيل ما غزا المجتمع من انحرافات وتقليد أعمى أو ما يمكن ان يكون ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ويستهدف ما عاشت عليه هذه البلاد طيلة قرون من وحدة عقدية ومذهبية وسنن مستحسنة سنها في هذه الديار علماء جامعها الأعظم. رأى فيها البعض بدعا وخرفات فانطلق باسم إصلاح العقيدة يحارب من يحييها أو يدافع عليها من الشيوخ المصلحين الأعلام من أمثال الشيخ حسن الخياري رحمه الله. فما وهن الشيخ وما استكان بل أراد لعمله الإصلاحي الوعظي القرآني ان يظل دائما زيتونيا تونسيا لا غرض من ورائه إلا إصلاح أفراد هذا الشعب وتقوية صلتهم بدينهم ونبيهم عليه الصلاة والسلام. لقد طور الشيخ حسن الخياري رحمه الله أسلوب الوعظ والإرشاد في بلادنا ووسع معاني البر والإحسان والتقوى فجعلها تتجاوز محيط المسجد إلى المجتمع في كل أركانه وزواياه فكان يغتنم المواسم والأعياد ليقوم رفقة الخلص من تلاميذه ومريديه بحملة واسعة لمساعدة المحتاجين والوقوف بجانب المصابين والمنكوبين فينظم بنفسه أيام الأعياد زيارات للمرضى في المستشفيات والمعتقلين في الإصلاحيات فيواسيهم ويدعو لهم بالشفاء والفرج ويقدم لهم ما يتسر مما جمعه من المحسنين واقتنى به غلالا وفواكه وألبسة وأطعمة وغير ذلك من المساعدات. وظل الشيخ حسن الخياري رحمه الله على هذا النسق من العمل الذي لا يعرف التوقف يخطب ويحاضر ويدرس وينتقل من حي إلى حي إلى ان أقعدته صحته منذ سنوات قليلة عن العطاء فظل يستقبل تلاميذه ومريديه في بيته يزودهم بالنصح والتوجيه.إلى ان وافته المنية والتحقت روحه ببارئها راضية مرضية رحمه الله واسكنه فراديس جنانه إلى جوار النبيئين والمرسلين والصالحين وحسن أولئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون.