المرأة ركيزة أساسية في الأسرة والمجتمع

المرأة ركيزة أساسية في الأسرة والمجتمع


لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الحساس الذي تلعبه المرأة في حياة المجتمع ومن حاول أن يتغاضى عن هذه الحقيقة فهو كمن يريد أن ينكر وجود الشمس في رابعة النهار لأن المرأة فضلا عن كونها نصف المجتمع تأخذ بمجامع قلب الرجل من جوانب متعددة لأنها تمثل دور الزوجة فتتمكن من صميم فؤاد الرجل باعتبار أنها شريكة حياته ومثوى أحلامه ومضجع عواطفه وتمثل دور الأم فتتمكن من قلوب ابن أو أبنائها باعتبار أنها مهد الطفولة ومنبع العواطف وأنها التي حملتهم في جوفها تسعة أشهر وأرضعتهم سنتين وحضنتهم إلى أن قوي عودهم واستقامت قناتهم واستغنوا بأنفسهم عن الحواضن ولن يستغني أحد عن حضانة الأم حتى وان لم تكن جسدية. ثم هي تمثل دور البنت والأخت وما البنت إلا قطعة من الكبد تمشي فوق الأرض وما الأخت إلا ذلك الملاك الذي امتلأ حنانا ورحمة وحبا فأين يستطيع الرجل المسكين أن يفلت من حصارها المضروب وبأية قوة يمكنه أن يتخلص من تأثيرها العظيم انه لواقع في شباكها من مهده إلى لحده ومن روحه إلى جسده. لقد وهبها الله هذه الوسائل الكثيرة لتقتعد مكانتها الأثيرة في دنيا الرجال والنساء وزادها نافلة فوق هذه الوسائل تلك الجاذبية التي يوحي بها كل شيء فيها. وذلك الإصرار الذي يكتسي ألوانا تبعده عن الملل وتأبى عليه أن يسكن دون الغاية أو أن يرضى بغيرها بديلا عنها. هذه بعض أسلحة المرأة التي تخوض بها معارك الحياة منذ إن انفصلت حواء عن جسم آدم لتتصل بذلك الجسم اتصالا أجمل وبتلك الروح والقلب اتصالا أكمل وأشمل، وإذا كانت المرأة تمتلك جميع هذه الوسائل فهي الخليقة حقا بأن توجه إليها عناية السماء والأرض وأن تحض برعايتهما وأن يلح رائد البشرية الأوحد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على التوصية بالنساء خيرا وان يذكر بموجبات هذا الخير في غير ما مناسبة وما توصياته المتكررة وتعليماته المقررة إلا تعبير صادق عن واقع ملموس يتحمله أصحاب العنجهية وهم واقعون في صميمه أحبوا أم كرهوا... اعترفوا أم أنكروا فمن ذا الذي يغالط نفسه ويغالط الناس فيدعي كذبا أن مجتمعا ما استطاع أن يحقق لأجياله الصاعدة أمجادا مقامة على أسس ثابتة بدون أن يكون للمرأة إسهام كبير في تحقيق تلك الأمجاد وترسيخ دعائمها؟ ومن هو الذي تسول له نفسه أن يقول إن انحدار المجتمعات وتزحلقها نحو الهاوية السحيقة يقع بدون أن يكون دفع العجلة نحو الهاوية السحيقة على يد حواء وعلى الأقل بمشاركتها الكبيرة؟ إن أشرطة التاريخ لتمر أمام مخيلتنا معبرة بألف لسان على صور من هذا القبيل وأخرى من القبيل المعاكس، وما دامت أدلة التاريخ والواقع والمنطق متضافرة على دعم هذا الرأي فمن الخطل أن نستمر في تجاهله أو جهله، لأننا بهذا التجاهل أو الجهل نكون قد أتينا البيوت من غير أبوابها وضيعنا على أنفسنا فرصا لا يمكن تداركها. حقا إن المرأة ملاك وحقا انها لسلطان ولكن كم من ملاك ينقلب إلى شيطان وكم من سلطان يكون وسيلة هوان. لقد خلقت المرأة لأن تكون أكثر تأثرا وتأثيرا من الرجال وهذه القابلية السريعة والشديدة هي التي تكون مناط خير أو شر بل تكون نقطة الانطلاق هنا وهناك ومن اجل هذا المعطى وغيره من بقية المعطيات الأخرى وجه الرسل والمصلحون عنايتهم إلى المرأة قبل سواها ليهيئوا مزارع الخير وليتفادوا مواطن الشر ونحن إذا ما أردنا الفلاح الدائم والسلامة الدائمة فلن يكون سليما إلا بالعناية التامة بربات البيوت هذه العناية التي لا تتمثل في إعطاء الحقوق وتقديم باقات الشكر والتقدير فقط بل تتمثل في التهذيب الصحيح والتوعية الراشدة وتجسيم الواجبات التي تنوء بحملها الجبال مثل تلك الواجبات التي لا يتسع لها عقل المرأة ولا وقتها ولا طاقتها إلا إذا ساعدها الرجال على ذلك. هي التي تنفتح على يديها تلك البراعم الناعمة من البنين والبنات ومن عبير أنفاسها ومن رحيق كلماتها ستتغذى تلك البراعم لتصبح ورودا فواحة فكيف ستكون الأنفاس ومن أي مادة سيكون ذلك الماء؟ إن سلطانها على أبنائها وبناتها لهو أقوى سلطان وان تلك الصحائف البيضاء من أفئدتهم ستكتب فيها عناوين المستقبل أنامل الأم فماذا ستكون العناوين التي على نسقها سيخط السجل كاملا. لقد أصبح الناس يتذمرون من مظاهر الانحلال الأخلاقي ويتخوفون من عواقبه العديدة ويتساءلون عن أنجع دواء تداوي به هذه العلل، وانه لفي متناول أيديهم لو كانوا يفقهون انه في البيوت جميعا، وانه لفي متناول أيديهم لو كانوا يفقهون انه لبيد مدبرة البيت يساعدها على تجريعه وتجرعه عميد العائلة ورب الأسرة. فهما الدعامتان الأساسيتان وما بقية الدعائم الأخرى إلا مثبتة ومساعدة لهما فقط، ولست أنكر دور المدرسة والمجتمع والدولة في تقويم الأخلاق وتنشئة الأجيال الصاعدة لأن المتتبع للحديث من أوله يدرك أنني أخذت للأم إن المرأة مجموع صفاتها الحسية والمعنوية الظاهرة والخفية وللحديث عنها كامرأة يكفي لتصورها زوجة وأما وبنتا وأختا وما فاتها هناك تدركه هنا ورب إشارة أبلغ من عبارة ورحم الله من قال (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت جيلا طيب الأعراق)



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.