التصدق على الميت: الميت ينتفع بأعمال البر التي يقوم بها غيره
السؤال: كيف يمكن التصدق على الميت لكي يصله ثواب الصدقة؟ وهل يتنافى التصدق على الميت مع قوله تعالى (وان ليس للانسان الا ما سعى) صدق الله العظيم. أرجو الجواب وشكرا
الجواب: اعلم ايها السائل ان الميت ينتفع بأعمال البر التي يقوم بها غيره من الأحياء ويهدون ثوابها له والتي منها الدعاء والاستغفار وهذا أمر مجمع عليه لدى فقهاء الاسلام. قال الله تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان) سورة الحشر ومنها الصدقة ومنها قراءة القرآن الكريم وهذا رأي الجمهور من أهل السنة والجماعة وفي كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي قال: قال أحمد بن حنبل (الميت يصله ثواب كل شيء من أعمال البر الذي يهدى له وذلك للنصوص الواردة فيه عن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرأون ويهدون الثواب الى موتاهم من غير نكير فكان ذلك كالإجماع والاختيار ان يقول القارئ بعد فراغه من القراءة (اللهم بلغ ثواب ما قرأته الى روح فلان مثلا) لكن هؤلاء العلماء القائلين بوصول ثواب قراءة القرآن الى الميت يشترطون أن لا يأخذ القارئ على قراءته أجرا وذلك لما رواه أحمد والطبراني والبيهقي عن عبد الرحمان بن شبل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (اقرؤوا القرآن واعملوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به) قال ابن قيم الجوزية رحمه الله (ان العبادات التي يتقرب بها الى الله تعالى قسمان مالية وبدنية وقد نبه الشرع العزيز بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر العبادات المالية. ونبه بوصول ثواب الصوم الذي هو عبادة بدنية على وصول سائر العبادات البدنية فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ان أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال النبي عليه السلام (لو كان على أمك دين أ كنت قاضيه عنها؟ قال الرجل: نعم. قال الرسول عليه السلام: فدين الله أحق أن يُقضى) رواه البخاري ومسلم
ثم اعلم ايها السائل الكريم ان كل أعمال البر هذه لا تتنافى مع مدلول الآية الكريمة وهي قوله تعالى: (وان ليس للانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يُرى) الآية39 من سورة النجم حيث قال الامام الطاهر بن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير" (واعلم ان أدلة لحاق ثواب بعض الأعمال الى غير من عملها ثابتة في الجملة) وقد قال الله تعالى (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما التناهم (انقصناهم) من عملهم من شيء) الآية21 من سورة الطور والله الموفق
