الجالية المسلمة بمدينة كلرمون فرون Clermont Ferrand (فرنسا) تودع إمام جامعها الكبير الشيخ حسين محجوب إلى مثواه الأخير
بأسى وحسرة شديدين ودعت الجالية المسلمة في مدينة كلرمون فرون Clermont Ferrand الفرنسية الشيخ العالم العامل حسين محجوب –رحمه الله- وأسكنه فراديس جنانه بعد عمر مديد قضاه في تحصيل العلوم الشرعية على أيدي كبار شيوخ الجزائر في مدينة أدرار وعلى رأسهم العلامة الشيخ محمد بالكبير –رحمه الله- ثم انتقل الشيخ حسين محجوب إلى فرنسا في إطار بعثة الأئمة الجزائريين واستقرّ في مدينة كلرمون فرون حيث التفت حوله الجالية المسلمة التي وجدت فيه مثال العالم العامل والشيخ المربي الناصح فقد بدأ عمله في كنيسة وضعت من طرف الهيئة الدينية المسيحية في مدينة كلرمون فرون على ذمّته لتتخذ قاعة صلاة لما رأته في الشيخ حسين محجوب –رحمه الله- من سماحة وحكمة واتزان وانطلق في البحث عن موقع يصلح ليكون مسجدا للجالية المسلمة وشاء الله أن تضع السلطات المحلية على ذمة الشيخ حسين محجوب أرض الثكنة التي انطلقت منها الجيوش الصليبية الخارجة إلى الشرق.
- وبعون من الله وبجهود مضنية شاقة بذلها الشيخ حسين محجوب صحبة إخوانه أعضاء الجمعية الدينية تمكنوا من أنجاز معلم ديني ضخم وفخم وفق الطراز المعماري الإسلامي يشتمل على مختلف المرافق التعليمية والثقافية والإجتماعية وتمّ الإفتتاح الرسمي للجامع الكبير بكلرمون فرون في 29 جانفي 2010 في حفل كبير حضرته الجالية المسلمة في المدينة وأشرفت عليه السلطات الفرنسية ممثلة في وزير الداخلية ورؤساء المجالس الجهوية والمحلية والضيوف القادمين من مختلف مناطق فرنسا ومن تونس والجزائر والمغرب والبلدان الإفريقية.
- وكان الشيخ حسين محجوب في سعادة كبيرة وفرحة شديدة بما أتمّه الله على يديه من بناء هذا المعلم ليواصل من خلاله القيام بالأنشطة الدينية التي أبلى فيها البلاء الحسن من خلال توليه إلقاء الخطب الجمعية والمحاضرات العلمية ومن خلال تنظيمه للإحتفالات الكبرى في المواسم الدينية : رمضان والمولد والهجرة والإسراء والمعراج (وقد تشرفت بحضور البعض منها مثلما حضرت حفل الافتتاح) وكلها مناسبات كان يحرص على أن يعطيها الجانب الاحتفالي الذي تشهده الأسر مصحوبة بأطفالها ويغتنمها الشيخ حسين محجوب –رحمه الله- ليزودهم بالنصائح والإرشادات الهادئة الهادفة التي يركز فيها على التزكية الروحية التي تشرّبها وعاشها ومارسها وبدت آثارها في سيرته –رحمه الله- فقد كان ربّانيا مخلصا شديد الحبّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولآل بيته وأصحابه وللصالحين من سلف الأمة رضوان الله عليهم.
- لقد كان الشيخ حسين محجوب –رحمه الله- شديد الإعتزاز بخصوصية إسلام أهل الغرب الإسلامي الذي قوامه عقيدة أهل السنة الأشعريّة والفقه المالكي والمسلك الجنيدي كما كان –رحمه الله- شديد التعلق بالزيتونة وشيوخها وعلماء القيروان (إبن أبي زيد وسحنون وغيرهما).
- عرفت الشيخ حسين محجوب –رحمه الله- قبل سنوات والتقيت به عديد المرات في كلرمون فرون ومرسيليا وباريس ونانت وسفرون وشاتيون وغيرها والتقيت به في طرابلس والقاهرة وتشرّفت باستقباله في تونس حيث قدّمته لإلقاء كلمة في مسجد مقرين الكبير وجمعته ببعض المتعلقين بالعلماء العاملين في منزل الشيخ الوالد بمقرين في سهرة روحية ربّانيّة وتخللتها دعوات خاشعة خالصة صادقة توجّه بها إلى الله تأثر بها أيّما تأثر كل الحاضرين.
- وصحبته لزيارة مدينة القيروان وكانت رغبته شديدة في زيارة ضريح الشيخ عبد الله بن أبي زيد القيرواني –رحمه الله- الملقب بمالك الصغير وكان ذلك من أعزّ أمنياته.
- وظللنا بعد ذلك على عهد بيننا متواصلين متناصحين يدعو كلّ منّا لأخيه بظهر الغيب ونمنّي النفس بتجدّد اللقاء حيث ييسّر الله ويشاء إلى أن بلغني خبر نعيه عن طريق صديقه وصديقي الحاج مسعود علوشه فهزّني المصاب الجلل مثلما هزّ كلّ عارفي الشيخ حسين المحجوب وبالخصوص الجالية المسلمة في كلرمون فرون التي كانت تظنّ وكنّا نظنّ معها أن الشيخ حسين محجوب – رحمه الله- لن يغادر بهذه السرعة والعجلة ولكن لا راد لقضــــــــــاء الله وإنّا لله وإنا إليه راجعون./.
