محقق التراث: شعيب الأرناؤوط ونصف قرن من العطاء، إلى رحمة الله

محقق التراث: شعيب الأرناؤوط ونصف قرن من العطاء، إلى رحمة الله


إن عالمنا الاسلامي -من المحيط الى الخليج، ومن افريقيا الى آسيا- يزخر على مر العصور، بكوكبة لامعة من الرجال الأوفياء في خدمة التراث وإخراجه من عالم المخطوطات، الى عالم المطبوعات: عسلا مصفى. فعلى سبيل الذكر، تحضرني وأنا أخط هذا المقال، مثل هؤلاء الأعلام المتخصصين في هذا الميدان الهام: - فمن مصر: الشيخ أحمد شاكر ثم نجله محمود، وبعدهما الخانجي، والذي أضاف الى التحقيق "النشر" لكثير من النوادر - ومن تونس: حسن حسني عبد الوهاب ومحمد أبو الأجفان - ومن السعودية: حمد الجاسر - ومن الهند: حبيب الرحمان الاعظمي - ومن المغرب: محمد حجي - ومن سوريا: الألباني والارناؤوطان- (عبد القادر وشعيب)، وعبد الفتاح ابو عدة - وفي فرنسا: المهاجران اليها والقاطنان فيها منذ عقود: عبد المجيد التركي (من تونس)، ومحمد حميد الله من حيدر أباد في بلاد الهند وأنا هنا، أحب أن أجلي سيرة هذا العملاق، الذي رحل عنا منذ وقت قصير، وهو الشيخ شعيب الأرناؤوط رحمه الله، والذي ينحدر من أسرة ألبانية، هاجرت من إحدى دول البلقان في سنة (1345 هـ /1926م) الى مدينة دمشق الفيحاء: عاصمة بلاد الشام، الزاخرة بالعلم والعلماء، فاستقرت فيها الى الابد، فرارا بدينها. ولد هذا الراحل العزيز بدمشق في عام (1347 هـ = 1928م) في كنف أبوين محافظين لشعائر الدين وأخلاقياته، فاعتنت به منذ نعومة أظفاره، وأولته رعاية أساسية، كي يشب في رحاب العلم، وظلال العلماء... فحفظ نصيبا من القرآن الكريم، ثم سلك دروس التعليم الشرعي في العديد من الحلقات التي كان يقيمها علماء دمشق الأبرار، فكان ممن درس عليهم: العلامة الشيخ صالح الفرفور رحمه الله، والشيخ عارف الدوجي والفقيه الشيخ سليمان الغاوجي، وغيرهم ... وبعد ان استقام فهمه، واستوى علمه، سعى الى نشر العلم، فقام بتدريس اللغة العربية لجيل عصره منذ سنة (1375 هـ = 1955م)، ثم بدا له بعد فترة من الزمن التخلي عن ذلك، والتوجه الى خدمة التراث وتحقيق المخطوطات الثمينة: النائمة في خزائن الكتب، بشغف وصبر متين. فكان من ذلك، أن عمل أولا في "المكتب الاسلامي" للأستاذ زهير الشاويش للطباعة والنشر بدمشق، وذلك في عام (1378 هـ = 1958م) وظل فيه الشيخ المحقق: شعيب الارناؤوط ما يقارب العشرين عاما، كرئيس قسم التحقيق والتصحيح في ذلك المكتب، حقق وأشرف على تحقيق ما يزيد على سبعين مجلدا، من أمهات كتب التراث في شتى العلوم. ثم بدا له الانتقال الى مكتب آخر في نفس العمل و ذات التخصص نفسه، وهو (مؤسسة الرسالة/ الطباعة والنشر) بعمان، في عام (1403 هـ = 1982م) وظل الشيخ شعيب يعمل فيه صابرا وشغوفا بإخراج كنوز الأمهات، التي طال عليها العهد فلم تر النور، الى أن جاء هو فأخرجها من سباتها العميق فكان من ذلك: - كتاب المسند لأحمد بن حنبل في 50 مجلد - كتاب سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي في 25 مجلد - كتاب شرح السنة للحسين البغوي في 16 مجلد - كتاب المبدع في شرح المقنع لمحمد بن مفلح في 10 مجلدات - كتاب زاد المسير في علم التفسير لعبد الرحمان بن الجوزي في 9 مجلدات - كتاب العواصم والقواسم في الذب عن سنة أبي القاسم لابن الوزير في 9 مجلدات - كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية في 5 مجلدات وهكذا ظل المحقق الفحل يخرج لنا الكنوز التي تأخذ بالقلوب، والأفكار، والابصار، في حلة جليلة من التحقيق والتعليق، وطباعة جميلة ومريحة للعين والنفس، ما يناهز (240) مجلدا توفي هذا العملاق الكبير (خادم التراث والساهر عليه) يوم الخميس 26 محرم 1438 هـ = 27 أكتوبر 2016 بمدينة عمان:عاصمة الأردن فرحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار



الكلمات الشائعة الأرناؤوط شعيب التراث محقق

 

صلاح العود

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.