لجامع الزيتونة رسالة وخصوصية ينبغي اعتبارهما
الجامع الأعظم، الزيتونة، كعبة الشمال الافريقي هذا المعلم الخالد له في قلوب كل التونسيين بدون استثناء مهما اختلفت آراؤهم وتنوعت فئاتهم منزلة رفيعة تلحقه بالمساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى • كان جامع الزيتونة منذ القرن الأول للهجرة الحافظ للدين المكرس للعقيدة القويمة السليمة والمقعد للأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات والمزكّى للأرواح تحقيقا للفلاح (قد أفلح من زكّاها) • جامع الزيتونة المعمور رمز وحدة الكلمة واجتماع الصف في مزاوجة رائعة بين حبّ الوطن والايمان الصادق والصحيح • جامع الزيتونة بما يتردد بين جنباته من تلاوة للقرآن الكريم وأذكار وصلوات على الحبيب المصطفى ودعوات وضراعات كان مثوى وملاذ للجميع • جامع الزيتونة بسند علمائه الأعلام الذين اجتمعت كلمتهم على العقيدة الأشعرية ومذهب السادة المالكية والطريقة السلوكية الجنيدية، طريقة الإحسان، طريقة الإخلاص، وابتغاء مرضاة الله وما تقتضيه من صفاء ومحبة ومجاهدة ودفع بالتي هي أحسن • جامع الزيتونة بهذه الخصوصيات التي عرف بها عبر تاريخه الطويل والتي حققت لشعبنا التونسي والشعوب المغاربية والافريقية هذا التجانس الذي قلّ أن نجد له نظيرا في أنحاء العالم الاسلامي • جامع الزيتونة الذي دعا ولا يزال المخلصون للدين وللأمة أن يعاد له الاعتبار ليستأنف القيام بدوره ورسالته التي سلم له بها الجميع إلا من شذّ مما يحفظ ولا يُقاس عليه • جامع الزيتونة معلم ورمز لخصوصيات بلادنا التونسية التي حفظتها من التنازع والاختلاف في الدين الذي هو أخطر مظاهر الاختلاف والذي يأتي على كل شيء !! • جامع الزيتونة تشتد الحاجة إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى وفي بلادنا بوادر اختلاف وتنازع وتشرذم ديني !! لا تحمد عقباه إذا استمر • جامع الزيتونة ينبغي أن يكون فوق الاختلاف لأنه مسجد (وان المساجد لله) ولأنه برصيده وماضيه التليد وآثار علمائه الأعلام بسندهم المتصل إلى سماحة الشيخ الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله هو صمام الأمان لبلادنا وشعبنا • لقد حفظت بلادنا لجامع الزيتونة هذه الخصوصيات والمميزات، حفظ ذلك الجميع: ولاة أمور على تداولهم وتعاقبهم، وعلماء أعلام وعامة التونسيين • وفي سبيل الحفاظ على الزيتونة للجميع وفوق الجميع : نبراسا وسراجا منيرا تنكشف به الظلمة وتزول به كل غمة وتندحر به كل فتنة أوكلت الإمامة فيه (إمامة الجمعة والصلوات الخمس) إلى السادة الأشراف من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا من آل محسن وآل الشريف ممن قاموا بهذه المهمة أحسن قيام بارك الله فيهم وحفظهم وحفظ بهم بلادنا وشعبنا ببركة جدّهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم • حفظ لآل بيت رسول الله السادة الأشراف هذا الحق فلم ينازعهم فيه أحد وتشرف الجميع: علماء ووجهاء وولاة أمور عامة بأن يأتموا بهم ويقتدوا بهم في صلواتهم الخمس والجمع والأعياد... • واكتفى المشائخ العلماء الأعلام بأن يعلموا مختلف العلوم الشرعية تحت عرصات جامع الزيتونة وفي رحابه وكان هذا التعليم نظاميا في برامجه وشهائده ومشائخه في مختلف الاختصاصات والمراتب، فكان جامع الزيتونة جامعة علمية لقرون طويلة وفي فترة وجيزة تقلص إلى كلية وما لبث ان عاد بصفته الجامعية ذات الكليات والمعاهد العليا التي تحتاج في كل مرحلة إلى الإصلاح اللازم والضروري لكل عمل بشري • جامع الزيتونة اليوم يمكن ان يكون رافدا للتعليم الشرعي المفتوح لكل الفئات على غرار ما هو جار في شقيقتيه الأزهر والقرويين فتتخرج من دروسه العامة المنظمة الأطر المسجدية من أئمة خطباء وأئمة خمس ووعاظ مرشدين فيتكامل مع جامعة الزيتونة وبقية الهيئات الأخرى • جامع الزيتونة لا يرضى أحد من المخلصين أن يكون محل تنازع واختلاف فما دار في رحابه أخيرا مما نقلته للمشاهدين والنظارة ليس فقط في تونس بل وحيثما تلتقط القنوات الفضائية من تنازع مما يخجل ويندى له الجبين وتساءل الجميع أيؤول الأمر بجامع الزيتونة إلى هذه الحال مما لا يليق بأي مسجد من المساجد (فضلا عن جامع الزيتونة) ،فقد ورد النهي والوعيد عن مجرد رفع الأصوات فما بالك بما شاهدناه مما لا نتصوره أو نتمناه !! • إرجاع الأمور إلى نصابها في جامع الزيتونة مثوى لقلوب المؤمنين يرتادونه في كل آن وحين التونسيون وأشقاؤهم الزائرون يرتعون في رياض الجنة التي لم يخل منها ويستفيدون مما يلقى فيه من دروس علمية ووعظية ذلك هو ما تنبغي المبادرة العاجلة إليه.
