نداء إلى حفاظ القران من اجل اتصال السند القرآني في المغارة والمقام الشاذلي بتونس

نداء إلى حفاظ القران من اجل اتصال السند القرآني في المغارة والمقام الشاذلي بتونس


في تونس معالم عريقة هي بحق نقاط إشعاع يحق للتونسيين أن يرتادوها كلما سنحت الفرص، وتزداد الرغبة وتشتد الحاجة إلى ذلك إذا كان ما ينتظم في تلك المعالم من قبيل الزاد المعرفي والروحي الذين لا غنى لأحد عنهما. هذه المعاني تصدق بحق وتنطبق بالفعل على المقام الشاذلي هذا المعلم الديني الشامخ المطل على مدينة تونس وبحيرتيها الشمالية والجنوبية. فهناك في أعلى قمة الزلاج تقع المغارة الشاذلية التي يمتد تاريخها إلى ما قبل الإسلام حيث كان يتعبد فيها احد الرهبان واتخذها الإمام الشاذلي خلوة ظلّ يستغرق فيها في تأملاته ومجاهداته الأوقات الطويلة، ومنذ منتصف القرن السابع للهجرة (بين سنتي 613 و642هـ) وهذه المغارة التي تفتح أبوابها للزيارة بداية من مساء الجمعة والى زوال يوم السبت من كل أسبوع وعلى مدار السنة تستقبل زائريها من مختلف الفئات الاجتماعية وحتى الجنسيات إذ أن أتباع الطريقة الشاذلية منتشرون في كل أنحاء العالم من ماليزيا والفلبين إلى آسيا الوسطى وداغستان إلى أوروبا (فرنسا، اسبانيا، ايطاليا إلى أمريكا الشمالية وحتى اللاتينية) فضلا عن بلدان العالم العربي وإفريقيا. فالجميع (الشاذلية) يعلمون أن إمامهم مر بتونس بإذن من شيخه عبد السلام بن مشيش رحمه الله دفين جبل العلم شمال المغرب حيث قضى الإمام الشاذلي بتونس سنوات كانت مليئة بالعطاء وبالخير الذي عم أهل تونس وترك الإمام الشاذلي عندما رحل إلى مصر أصحابه الأربعين، صلحاء تونس المحيطين بها من كل جهة، وترك المقام (الذي فيه يحيي الشاذلية الموسم الصيفي الذي يمتد أربعة عشر أسبوعا) كما ترك مغارة هي من المعالم الروحية المشهودة والمقصودة والتي ألفت في بركاتها وأسرارها عديد الرسائل التي تعدد مناقبها الباقية إلى يوم القيامة. والمغارة ها هي ومنذ القرن السابع إلى اليوم -بسند متصل لا ينقطع- يُختم فيها القرآن كل عشرة أسابيع، إذ يتلى القرآن بمعدل ستة أحزاب بين صلاتي المغرب والعشاء من يوم الجمعة من طرف شيوخ حفاظ يرتلون القرآن ترتيلا يلتف بهم جمع مبارك من محبي القرآن من مختلف الأعمار والفئات يحرصون على أن لا يفوتهم اجر هذا المجلس القرآني المبارك الذي هو أفضل المجالس وأحبها إلى الله آملين أن يكونوا ممن عناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) و(خيركم من تعلم القرآن وعلمه). ومن غشي هذا المجلس القرآني الأسبوعي مرة لا يمكن إلا أن يشده إليه لأنه يخرج منه منشرح الصدر مطمئن القلب قرير العين بما وفقه الله إليه، يحدث بهذه الحقيقة كل من جاء إلى سيدي بلحسن يوم الجمعة بين صلاتي المغرب والعشاء وهو وقت في الغالب يناسب الجميع لأنه وقت العودة من العمل ومن المدارس والمعاهد والكليات إلى المنازل فالحاضر لحلقة القرآن يوم الجمعة بين المغرب والعشاء فائز بالحسنيين. ولا تزال هذه الحلقة يتشرف بالانخراط فيها كبار حفاظ وشيوخ تونس وعلمائها الكبار الذين انتقل العديد منهم إلى جوار ربهم والذين نذكر منهم المشائخ محمد الكلبوصي والصادق بوكاف والشاذلي المهيري ومحمد الهادي بلحاج رحمهم الله كما نذكر من الأحياء الشيخ محمد الخطوي والشيخ محمد المبروك وغيرهما بارك الله في أنفاسهم وحفظهم فهم لا يغيبون إلا لظرف مانع كل ذلك رغبة في تحصيل الأجر وأملا في اتصال السند في هذه البلاد المحفوفة بألطاف الله بفضل ما يتلى فيها من قرآن في المقام الشاذلي وفي غيره من الجوامع والمساجد. إن حلقة تلاوة القرآن الكريم بالمقام الشاذلي روضة من رياض الجنة ومصدر خير وبركة تحرص مشيخة المقام ممثلة في الشيخ حسن بن حسن حفظه الله على آدائها لدورها على أحسن الوجوه وأتمها حيث يمضي الترتيب القرآني كل أسبوع بمتابعة من مقدم المقام الشيخ فتحي دغفوس أعانه الله وهي حلقة تفتح ذراعيها لحفاظ تونس من مختلف الأجيال وبالخصوص من هم في العاصمة وأحوازها كي لا يتركوا أماكنهم فارغة إذ لا يخفي ما في التكرار ومعاودة القراءة من فوائد جمة منها ترسيخ الحفظ وتعهده وتعليم الراغبين في حفظ القرآن وتشجيعهم على ذلك فالحفاظ قدوة وأسوة وفي حضورهم دفع لا يخفى على احد وفي ذلك أيضا تحصيل للأجر والثواب الذي لا غنى عنه لأحد بما في ذلك المشائخ الحفاظ وذلك ما لا يخفى عليهم وبذلك يتصل السند القرآني في المقام الشاذلي في تونس بمثل هذا الاندفاع لتعمير هذه الحلقة المباركة ومهما تكن الالتزامات والارتباطات ومهما تكن شواغل الحياة فإن حق القرآن على حفاظه وحملته وقد شرفهم الله بذلك وأكرمهم أيما إكرام -وهذا الأمر يعرفونه من أنفسهم ومن حياتهم ومما حف ويحف بهم من ألطاف- حق القرآن عليهم وواجب الشكر لله عليه حتى تدوم عليهم نعمته العظمى ومنته الكبرى وهي حفظهم للقرآن الكريم هو أن يعمروا هذه الحلقة وأمثالها ولا يهجروها فعسى أن يجد هذا التذكير الخالص لوجه الله لديهم الآذان الصاغية والقلوب الواعية فنرى أثرا له في المستقبل القريب وما عند الله خير وأبقى وان ليس للإنسان إلا ما سعى.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.