من وحي ذكرى مأوية إمام الدعاة في العصر الحديث فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله

من وحي ذكرى مأوية إمام الدعاة في العصر الحديث فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله


يصادف هذا العام 2011 الذكرى المأوية لميلاد من لقب بإمام الدعاة في العصر الحديث فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله واسكنه فراديس جنانه والذي صال وجال طيلة العقود الثلاثة الماضية فلا تكاد تلفزة أو إذاعة من الإذاعات والتلفزات العربية لم يطل من خلالها على المشاهدين، لقد دخل كل البيوت برغبة ملحة من أهلها إذ ما إن يرونه ويسمعون صوته الشجي حتى يتسمروا في أماكنهم فلا يكادون يتحركون كان على رؤوسهم الطير، لقد شد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله الناس إليه بكل فئاتهم: رجالا ونساء شبابا وكهولا وشيوخا ليس فقط المتدينين منهم بل فئات أخرى من رجال الأدب والفكر ورجال الإعلام وأهل الفن وحتى رجال السياسة وكان له الفضل بعد الله في هدايتهم وعودتهم إلى الطريق المستقيم وليس وراء ذلك فيما نحسب سوى خاصية توفرت في الشيخ الشعراوي ألا وهي أن الرجل لا يتكلم لذات الكلام بل بدافع داخلي قوي فيه هو نورانية وإخلاص وهما ثمرة جهد ومجاهدة انتهى بها هذا الشيخ الجليل إلى هذه المرتبة العالية التي تذكر بكبار العلماء العارفين بالله الذين خلد التاريخ ذكرهم وبقيت كلماتهم تنفذ إلى أعماق الأعماق، إنها كلمات قريبة العهد من الله على حد تعبير سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام عندما خرج من مجلس الشيخ أبي الحسن الشاذلي وهو يقول: اسمعوا هذا الكلام القريب العهد من الله... نعم إن كلام الشيخ الشعراوي قريب عهد من الله وكلام خالص لوجه الله وكلام لا يريد منه صاحبه إلا هداية وإصلاح من يوجه إليهم خطابه وهم جمهور الأمة بمختلف فئاتها وحتى مذاهبها العقدية والفقهية. إلى الأستاذ أحمد فراج رحمه الله صاحب برنامج نور على نور الذي كانت تبثه التلفزة المصرية وكان ذلك في الثمانينات من القرن الماضي يعود الفضل في اكتشاف هذه الموهبة والهبة الإلهية التي آتاها الله للشيخ محمد متولي الشعراوي وهكذا كان ضيف هذه الحصة عديد المرات إلى جانب دعاة آخرين من ببلدان إسلامية عديدة نذكر منهم الدكتور الطبيب المغربي المهدي بن عبود رحمه الله والذي هو أيضا آية من آيات الله في نفاذ خطابه إلى القلوب والعقول. واعتقادي انه لو تهيأت لآخرين أمثالهما في مختلف أرجاء العالم العربي والإسلامي فرص التعريف بهم وتقديمهم لجماهير الأمة لوقع اكتشاف الكثير من الطاقات والقدرات واعتز أنني قمت بمحاولة في هذا السياق من خلال المنبر الديني رغم الضغوط والكوابح وما لا يتسع المجال لذكره فقدمت بعض الوجوه التونسية التي امتلكت ناصية الخطاب الديني من أمثال فضيلة الشيخ مصطفى الغربي وفضيلة الشيخ محمد المازوني وفضيلة الشيخ رشيد كاهية رحمهم الله وفضيلة الشيخ قدور الريفي والشيخين الفقيهين محي الدين قادي ومحمد الحبيب النفطي وغيرهم ولا تزال الذاكرة التونسية تحتفظ لهؤلاء الشيوخ التونسيين بأفضل الذكريات. إن فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله الذي تخرج من الأزهر ثم تدرج في سلم وظائفه التعليمية من المعاهد إلى الكليات ثم انتدب للتدريس في مكة المكرمة في فترة أولى ثم انتقل إلى الجزائر رئيسا للبعثة الأزهرية لعدة سنوات وكانت هذه الفترة من حياته العلمية والعملية من أخصب مراحل عمره فهناك في الغرب الجزائري في وهران وتلمسان حيث الزوايا العريقة وحيث الشيوخ المربون الربانيون مر الشيخ الشعراوي بتجربة ثرية يعرفها حق المعرفة من كانوا قريبين منه من أساتذة وشيوخ ورجالات الجزائر وهم إلى اليوم يقصون عجائب من أحوال الشيخ الشعراوي مع ربه حرص رحمه الله أن يتكتم عليها ويجعلها بينه وبين ربه حدثني بإطناب عنها فضيلة الشيخ العارف بالله سيدي عبد المجيد الحملاوي رحمه الله الذي تخرج من زاويته ألاف الحفاظ لكتاب الله ليس فقط من الجزائريين بل ومن مختلف البلدان الإفريقية المتاخمة، لقد التقى كل منهما من قرب بالشيخ محمد بلقائد رحمه الله وهو من كبار شيوخ التربية والسلوك في العصر الحديث. ثم انتقل الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله للتدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وفرعها في مكة وهناك وفي الحجاز حيث مهبط الوحي وحيث الجوار لبيت الله الحرام اكتمل التكوين وصدر الإذن الإلهي للشيخ الشعراوي رحمه الله بالدخول بقوة في مجال الدعوة الإسلامية وكانت البداية بعرض عرض عليه لم تتق إليه نفسه في أي يوم من الأيام ويتمثل في تولي الإشراف على وزارة الأوقاف المصرية وبعد تفكير وتدبر واستشارة واستخارة قبل هذا المنصب الرفيع في فترة دقيقة من تاريخ مصر كانت في أمس الحاجة إلى أمثال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله ولم تطل أيام الشيخ الشعراوي في الوزارة ولكنه ترك في الوزارة وفي العمل الديني بصماته التي لا تمحى وسرعان ما عاد الدر إلى معدنه وقاعدته التي هي جمهوره الذي كان في أمس الحاجة إلى خطابه البليغ المنور المقنع البسيط في لفظه وشكله وأسلوبه من حيث عدم التكلف والتحذلق ولكن العميق الأغوار البصير بدقائق الإسلام وحقائقه، انه أسلوب فريد من نوعه لا نكاد نجد له نظيرا اكتسبه الشيخ من تكوينه الأزهري المتين جدا خصوصا في المجال اللغوي، والعربية هي وعاء القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله ممن امتلك ناصية هذه اللغة التي اصطفاها الله من بين اللغات لتكون لغة وحيه القرآن الكريم الذي انزل بلسان عربي مبين تحدى المعاندين والمشككين من أرباب العربية سواء في البيئة العربية التي نزل فيها القرآن الكريم أو من اختصوا وتبحروا في هذه اللغة من المسلمين وحتى من غير المسلمين من كبار المستشرقين. لقد كان الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله من المتمكنين من لغة القرآن بمختلف أساليبها واستعملاتها الرائعة التي تأخذ بالألباب وكانت له تجربة شعرية رفيعة تشهد على ذلك غرر قصائده التي نظمها في مختلف المناسبات الوطنية والدينية. كما أن للشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله إلى جانب ذلك ذوق إشراقي روحاني رباني أوتيه ثمرة لمجاهداته وإخلاصه لربه الذي يقول (اتقوا الله ويعلمكم الله) فكانت تجري على لسانه الفتوحات الإلهية التي تأخذ بالألباب وتكاد لا تخلو حصة من حصص الخواطر التي ترد عليه وهو يستعرض من مصحفه آيات الكتاب العزيز، إن الشيخ لا يقرأ من ورق أعده قبل أن يأتي إلى درسه إن حديثه هو حديث اللحظة بما يعنيه من تجليات وفتوحات ظلت دائما متقيدة بظاهر النص القرآني لا تعارضه ولا تناقضه ولكن تتوسع في بيان ما فيه من ثراء وروعة وجمال وحكمة وجلال هو جلال النص القرآني. وكان تفاعل الجمهور المحيط بالشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله في درسه كبيرا جدا تقويه نبرات الشيخ وصوته المتهدج فإذا بالمجلس الذي تنقل ملامحه وما يجري على لسان الشيخ شاشة التلفزة مجلس تغمره روحانية وإشراقات لا ينقضي مددها وكيف لا واغلب حلقات خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي تسجل في مساجد وجوامع عريقة مليئة بالأنوار والبركات هناك في مسجد الحسين بالقاهرة وغيره.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.