من ذكريات رمضان في فرنسا (الحلقة الرابعة)

من ذكريات رمضان في فرنسا (الحلقة الرابعة)


كتب محمد صلاح الدين المستاوي

بدات انشطتي الرمضانية في خارج التراب التونسي في اوائل تسعينيات القرن الماضي وكانت في فرنسا ضمن البعثة التي اعتادت ارسالها في شهر رمضان وفي ذكرى المولد النبوي ادارة الشؤون الدينية منذ أن كانت ادارة في الوزارة الاولى وواصلتها بعد ذلك وزارة الشؤون الدينية حيث يتوجه ثلة من الشيوخ والوعاظ وغيرهم الى حيث توجد جالية تونسية في البلدان الاروبية وكندا وبريطانيا وفي فرنسا بالخصوص في مختلف مدنها للاحاطة الدينية ولو كان ذلك في مدة زمنية محدودة جدا وتقتصر هذه الاحاطة على القاء مسامرات في المقرات التابعة للقنصليات وتكون في شكل احتفاليات يحضرها بعض افراد الجالية ويشر ف عليها المسؤولون وهي احاطة رمزية لم التحق بهذه البعثات إلا في اوائل التسعينيات.

وقد تركزت رحلاتي على فرنسا في مدنها الكبرى ثم ما لبثت ان اختصت بالمنطقة الباريسية وما حولها ولم يقتصر نشاطي الذي اصبح يمتد طيلة العشر الاواخر من شهر رمضان على ما يبرمج لي في الوداديات وفضاءات الاسرة والجيل الثاني والمتمثل في محاضرات ليلية في اطار سهرات شهدت تناميا وتوسعا وتنوعا في فترة تولي الدكتور نورالدين الحفصي رحمه الله الكاتب العام لتجمع التونسيين في باريس وهو رجل صاحب مبادرات وبرامج هادفة و يتخذ تجمع التونسيين من ( بوتزاريس مقابل حديقة بوتشومون) مقرا له وكان اشبه مايكون بخلية نحل وكانت ليلة القدر في رحابه ليلة تونسية باتم معنى الكلمة تتضمن مائدة الافطار الجماعية والمسامرة والمدائح والاذكار التي تستجلب لها فرقة من تونس (فرقة محمود عزيز) تشنف الاسماع باجمل النغمات التونسية في المدائح والاذكار وتبرمج لهذه الفرقة حفلات في المناطق الفرنسية التي يوجد فيها تونسيون واذكر أن هذه الفرقة هي التي احيت السهرة الرمضانية الكبرى التي اقيمت في مسجد ليون الكبير في ليلة السابع والعشرين من رمضان لدى افتتاح هذاالمعلم الكبير وجرى ذلك بتنسيق بين القنصل العام لتونس في ليون السيد محمد البلاجي وتجمع التونسيين بفرنسا. 

وكان لي شرف القاء المسامرة وقد تجاوز الحضور في تلك الليلة الاربعة الاف وقد نقلت وقائعه (اذاعة السلام) التي يديرها السيد علي عابد الذي تعرفت عليه في تلك المناسبة ومنذ دلك التاريخ والى هذا العام لاازال اتعاون معه واسجل له كل عام ثلاثين حصة دينية تبث يوميا طيلة شهر رمضان قبيل اذان المغرب تحضر الاحتفال الكبير الذي يقام في باريس ليلة السابع والعشرين الاطارات من قناصل وملحقين اجتماعيين واسرة تربوية وممثلين لكل المصالح التونسية فضلا عن الجالية بمختلف مكوناتها ويشرف على هذا الحفل البهيج السيد عبد الحميد الشيخ رحمه الله سفير تونس بباريس ذلك الرجل الذي يتقد حماسا ووطنية وجدية واصالة و قد سار على منواله من جاؤوا بعده من السفراء نذكر منهم السادة منجي بوسنينة وفائزة الكافي ومنصر الرويسي ورضا النجار.

وكنت المسامر في هذه اللقاءات الروحية الرمضانية المنعشة لم اقتصر في سفراتي الرمضانية إلى فرنسا على هذا النشاط في الممثليات التونسية في مختلف المناطق الباريسية ولكنني اضفت اليه بصفة تدريجية القيام بدروس دينية اثر صلاة العصر وقبل صلاة العشاء في مساجد ومصليات اخذني اليها وربط الصلة بيني وبين القائمين عليها وهم من الاخوة المغاربة والجزائريين وبعض التونسيين وكان الواسطة والمساعد بالمرافقة والتكفل بالنقل على متن سيارتيهما اخوان فا ضلان هما السيد البشير العجيلي شفاه الله وعافاه والسيد بلقاسم بن عرفة بارك الله فيهما والرجلان على فضل وخلق رضي جازاهما الله خيرا وفي سنوات قليلة تكثف هذاالنشاط المسجدي وتوسع إلى أن اصبحت الاستجابة مني لرغبات استدعائي لالقاء الدروس تصعب لكثرتها ولمحدودية فترة اقامتي وكنت في اليوم الواحد اقوم بانشطة متعددة درسين في مسجدين ومسامرة على منبر جمعية وإذا صادف يوم جمعة القي خطبة الجمعة.

وقد كانت اول خطبة جمعة القيتها في مسجد بلال بمنطقة (سان دني) ذلك المسجد المبارك والذي كان في السابق كنيسة ثم حول إلى مسجد ومنه انطلق تاسيس جامع (سان دني الكبير) الذي اكتمل وافتتح للصلوات وقد حضرت حفل وضع حجر اساسه والقيت فيه خطبة جمعية ودروسا عديدة وقد صادف في سنة من السنوات أن اعطت بلدية (سان دني ) للقائمين على مسجد بلال القاعة المغطاة لاقامة صلاة العيد وفاتحني القائمون على مسجد بلال حول امكانية أن اؤجل رجوعي إلى تونس إلى ما بعد القاء خطبة العيد فاستجبت بصفة تلقائية وبدون ادنى تردد وقد سالتني السيدة فائزة الكافي (السفيرة) في لقاء بمقر تجمع التونسيين متى العودة إلى تونس فقلت لها بعد العيد واعلمتها بما طلب مني فقالت والاولاد في البلاد من ىسيعيد معهم فقلت لها امهم وجدتهم واعمامهم هل رئيس بلدية سان دني يستجيب لطلب القائمين على المسجد وانا لااستجيب توسعت انشطتي في مساجد باريس واحوازها حتى لا أكاد أتذكرها كلها.

فقد خطبت الجمعة والقيت الدروس في مسجد عمر ومسجد علي وسجد ايفري ومسجد5ومسجد مونتراي ومسجد سفران ومسجدي كراي ومسجد روون غيرها وغيرها وقبلها القيت دروسا في مساجد منطقة مرسيلياالتى ترددت عليها عديد المرات وسجلت فيها لاذاعة الغزال في عام من الأعوام حصصا رمضانية بثتها طيلة الشهر كما شاركت في ندوات اقامها المعهد المتوسطي (الابواب المفتوحة) وترددت في هذا النطاق على اكس أن برفانس وتولون وافنيون وكان ونيس صحبة الحاج مسعود علوشةو كذلك قمت بالقاء دروس في مساجد ليون وكلرمون فرون وحضرت افتتاحه الرسمي وقد اسس هذا المسجد الشيخ حسين المحجوب رحمه الله وهواحد علماء الجنوب الجزائري وقد بني هذا المسجد في ارض كانت ثكتة انطلقت منهاالجيوش الصليبية فسبحان الذي يفعل مايشاء وفي باريس توطدت علاقاتي بالقائمين على الجمعيات الثقافية والروحية واطلقنا مبادرة تتمثل في الاحتفال برسول الله صلى الله عليه وسلم و كان المبادر اليها السيد الفاضل البكاي مرزاق في اطار الرد على حملات الاساءة لرسول صلى الله عليه وسلم.

وكانت تحضرها الاسر باعداد كبيرة مصحوبة بابنائها وتقدم في هذا اللقاء السنوي الذي تغطيه اذاعات مثل فرانس مغرب لصاحبها السيد طارق مامي واذاعة شمس التي اسسها السيد الدبوسي رحمه الله (ولازلت اتعاون مع هذه الاذاعة في تقديم حصص دينية تبث في شهر رمضان يوميا وايام الجمعة من كل اسبوع بمشاركة الاستاذ الفاضل صالح العود مدير مركزالتربية الإسلامية) وقد شرفني الاستاذ صالح العود ودعاني عديد المرات لالقاء دروس ومحاضرات في مركزه في لقاء سفران الذي ينظمه سنويا السيد البكاي مرزاق تلقى ا لمحاضرات من طرف اساتذة نذكر منهم الاستاذ عبد الله بنو( المسلم الفرنسي الذي ترجم القران وعديد الكتب وله مؤلفات كثيرة عت الاسلام والدكتور نجم الدين خلف الله الاستاذ الجامعي وصاحب الانشطة العلمية والروحية الواسعة وغيرهما و قدكنت حاضرا في هذه الاحتفالية منذ تاسست والتي تتضمن الامداح والمسابقات وفقرات تنشيط.

وقد نجحت نجاحا كبيرا وتطورت هذه الاحتفالية ليحتضنها في السنة الماضية معهد العالم العربي بمبادرة من معهد الإمام الاشعري الافتراضي الذي يديره الاستاذ عبد الله بنو وحققت نجاحا كبيرا ان باريس في رمضان فيها كل ذلك فيهاالجميل المنعش فيها الانس والصفاء والنورانية في ليا ليها المليئة بالنشاط الديني دروسا ومسامرات وصلاة قيام يؤم فيها المصلين قراء حفاظ من اجمل الاصوات من ابناء الجيل الثاني والثالث و من ترسل بهم بعض الدول العربية من ليبيا عن طريق جمعية الدعوة الإسلامية العالمية بمبادرة من امينها العام الاستاذ الفاضل الدكتور محمد احمد الشريف في باريس ذلك وغير ذلك احياء مثل كورون وبلفيل وغيرهما فيها ما في المدن والاحياء العربية واكثر وفيها المكتبات العربيةالتي تجد فيها اخر الاصدارات في مختلف فروع الثقافة العربيةو الإسلامية بقي أن اقول في اخر هذه الذكريات الرمضانية انني ولان لم اعد ومنذ سنوات ادرج ضمن قائمة من يوجهون للاحاطة بالجالية في فرنسا إلا انني لم انقطع عن القيام بهذا العمل ليس فقط في شهر رمضان بل على مدار العام بصفة تلقائية لا يكلفني بهذا الذي اعتبره واجب اية جهة.

وقد سهل لي القيام بهذا العمل حصولي ومنذ سنوات على تاشيرة شنقن طويلة الامد تمكنني من التردد على فرنسا كلما تيسرذلك (ولم اتعرض في اي يوم من الايام لاي مضايقة في الدخول أو عند الخروج فالجهات المختصة تعلم مني الصغيرة والكبيرة ولم تر فيما اقوم به من انشطة الاالمراعاة لقوانيها وتراتيبها وذلك حقها الذي يجب مراعاته) وساعدني ا يضا على ذلك كرم احد اقربائي السيد الفاضل عمر خلفة رحمه الله واسكنه فراديس جنانه الذي حل لي مشكلة السكن في الايام التي اكون فيها في فرنسا فقد سلمني مفتاح شقته الكائنة في بورت مونتراي اقيم فيها في غيابه وحضوره تلك هي ذكريات رمضان في فرنسا و في الورقة القادمة ننهي هذه الحلقات بالحديث عن ذكريات رمضان في المغرب وفي الامارات وفي المدينة المنورة ومكة المكرمة.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.