مفكرون غربيون كبار ينصفون الإسلام ويكشفون حقائقه

مفكرون غربيون كبار ينصفون الإسلام ويكشفون حقائقه


ما أكثر ما تخرجه المطابع ودور النشر في هذه الأيام عن الإسلام والمسلمين بمختلف اللغات (كالانجليزية والفرنسية والألمانية وغيرها) لا نحصي لها عدا ويندرج ما يصدر في إطار الاهتمام بالإسلام. ولقد قام بهذه المهمة المستشرقون بمختلف مدارسهم بحكم اطلاعهم الواسع على واقع الشعوب الإسلامية وثقافاتهم المتعددة فوضعوا بين يدي الساسة الغربيين نقاط الضعف والقوة في المسلمين ويبينوا لهم مفاتيح الشخصية الإسلامية كما أشاعوا في أوساط المسلمين الشبهات والأباطيل والحزازات والاختلافات التي أحيوها وبعثوها من تحت الأنقاض ما استطاعوا أن يحجبوا به عقول وبصائر مواطنيهم عن الإسلام فجعلوهم لا يعرفون عنه وعن المسلمين إلا ما يزيدهم بعدا أو إنكارا وكراهية له. ولم يقتصر التأثر بهذه بالأفكار والآراء الاستشراقية على الغربيين وغير المسلمين بل انطلت حيلهم وأباطيلهم وافتراءاتهم حتى على المسلمين الذين اخذوا بمنهجية البحث أو القدرة على الربط والاستنتاج! وطول النفس في التنقيب والتحقيق والبحث! فلم يغربلوا الأفكار والآراء الاستشراقية ولم يتنبهوا إلى دوافعها وغاياتها وارتباطها الواضح بالتبشير والاستعمار. إن إنتاج المستشرقين في اغلبه لم يقرب الغربيين من الإسلام بل أبعدهم عنه ولم يرغبهم في التعرف عليه بل نفرهم منه ثم انه تجاوز الغربيين إلى المسلمين فشهدت وتشهد إلى اليوم مراكزهم العلمية والجامعية ومنتدياتهم الفكرية والعلمية صولات وجولات هؤلاء المستشرقين وتهجمهم وافتراءهم على الإسلام والمسلمين. ورأينا ويا للأسف لهؤلاء المستشرقين أبناء روحيين درسوا على أيديهم في معاهد الدراسات الشرقية والإسلامية والعربية الملحقة بجامعات الغرب ونالوا شهادات الدكتوراه بمراحلها في العلوم العربية والإسلامية على أيدي أناس اغلبهم من المبشرين ورجال الدين والمخابرات والمرتبطين بوزارات شؤون المستعمرات والخارجية وما وراء البحار. وعاد هؤلاء التلاميذ الروحيون إلى بلدانهم ليسبحوا بحمد أساتذتهم وينشروا أفكارهم عن الإسلام والحضارة الإسلامية، وغدت المصادر العلمية أو البحوث الجادة! تلك التي يعتمد عليها هي أعمال المستشرقين أو من أثنى عليهم وأشاد بهم المستشرقون! غير أن هذه الحقائق عن الاستشراق والمستشرقين ينبغي إن لا تدفعنا إلى إنكار أهمية بعض الأعمال التي قاموا بها في التحقيق والتبويب في مجالات عديدة من الثقافة الإسلامية. وفي السنوات الأخيرة لم يعد الاهتمام بالإسلام وثقافته وشعوبه مقتصرا على المستشرقين بل إن عددا من الدارسين الاجتماعيين والاقتصاديين والتشريعيين وحتى العلماء المختصين توجهوا إلى الإسلام كل في مجال اختصاصه ليتعرفوا على عطائه وينفتحوا عليه ويكتشفوا ما فيه من كنوز ظلت محجوبة عنهم قرونا طويلة بعوامل شتى صليبية وصهيونيه واستعمارية. وقد أعلن هؤلاء عما توصلوا إليه في كتب أحدثت ضجة كبرى وقلبت مفاهيم عدة وتسببت ويا للأسف لأصحابها في متاعب تمثلت في هجمات شرسة من جهات يسوءها كشف الحقائق وتجليتها للناس غير أن هؤلاء المفكرين الأحرار ما كانوا ليأبهوا بمثل هذه السفاسف بل واصلوا بحثهم العلمي المتجرد الذي لم يزدهم إلا اقترابا من الإسلام. يكفي على سبيل الذكر لا الحصر أن نذكر أسماء ثلاثة من كبار رجال العلم والفكر في أروبا من الذين لم يكونوا يعرفون عن الإسلام شيئا مذكورا إلى أن هدتهم أبحاثهم الجادة وأوصلتهم أعمالهم العلمية إلى ما وصلوا إليه من النتائج العلمية. ● أول الثلاثة هو الجراح الفرنسي الدكتور موريس بوكاي Maurice Bucaille الذي اصدر في سنة 1976 كتابه الأول (التوراة والإنجيل والقرآن في ضوء المعارف العصرية) La Bible le Coran et la Science وفي هذا الكتاب الذي ترجم إلى عديد اللغات العالمية والمحلية وطبع بالفرنسية عدّة طبعات أعلن موريس بوكاي بواسطة الدراسة العلمية والتاريخية والطبية المتجددة أن القرآن لا يمكن أن يكون كلام بشر مهما كانت عبقريته وان ما في القرآن من حقائق وإشارات علمية لا يمكن أن تتعارض مع آخر ما توصل إليه الإنسان في مختلف مجالات العلم من اكتشافات واختراعات بل لا يمكن إلا أن تدعم وتؤكد ما في القرآن وان محمدا صلى الله عليه وسلم لا يمكن إن يكون بشرا عاديا (يعني انه نبي ورسول). أعلن هذا الرجل ما توصل إليه بصراحة وشجاعة كلفته نكير المتعصبين من بني جلدته بل وتنديد وسخرية حتى بعض المفكرين (بين قوسين) ! من المسلمين (بين قوسين) ! ولكن الرجل لم يأبه لذلك فبشر بما توصل إليه من نتائج في كل المحافل في أروبا وأمريكا والعالم الإسلامي ودافع عن آرائه وكثيرا ما كان من يتولى الهجوم والإنكار عليه لتدخله فيما لا يعنيه وما ليس من اختصاصه بعض المسلمين!! ولقد جمعتنا بهذا المفكر الحر لقاءات عدة وفي كل مرة نجد لديه الجديد ونجده على العهد يعلن ما يؤمن به ويعلن ما توصل إليه. وفي آخر لقاء معه في الملتقى الخامس عشر للفكر الإسلامي بالجزائر اخبرنا عن عمل علمي انكب على إعداده وتناول قضية شغلت العقول البشرية منذ عهد طويل وتتعلق بنشأة الإنسان ومناقشة الماديين من أنصار نظرية النشوء والارتقاء. وفي هذا الكتاب الذي أصدره: من أين جاء الإنسان؟ L’homme d’où vient-il ? سلك بوكاي نفس المنهجية التي توخاها في كتابه الأول بحيث عالج القضية من خلال المعطيات العلمية والمعلومات الواردة في الكتب السماوية (العهد القديم والعهد الجديد والقرآن) وانتهى إلى أن العلم لا يمكن أن يناقض ما ورد في الكتب السماوية وبصفة خاصة القرآن. وأن ما يدعيه الداروينيون ودعاة التطوران هو إلا ظن ناتج عن شبه لاحظوه بين الإنسان وبعض السلالات الحيوانية وهذا الشبه هو واقع ينبغي إرجاعه إلى وحدة المنشئ وتشابه الظروف الجغرافية والمناخية التي تحيط بالإنسان والحيوان على حد السواء وإذا ما كان هناك عبر التاريخ البشري بعض التطور فانه تطور لا يمس الأصل وإنما يتعلق بالإعراض والأشكال الخارجية بمفعول البيئة لا غير. هكذا وبحجة العالم المتجرد ناقش بوكاي قضية تعد من الأسس التي اعتمد عليها الماديون في إنكارهم ومحاربتهم للعقائد والأديان ودعوتهم إلى الإلحاد وكانت حجته في عمله هذه النصوص الدينية والكتابية (المختلفة بعض الشيء) والنص القرآني الواحد والمحفوظ، وبمنتهى التجرد يعلن بوكاي في طيات هذا الكتاب تطابق الوصف القرآني للمراحل التي يمر بها الكائن البشري وهو جنين في بطن أمه مع احدث ما وصل إليه الطب والبحث المخبري وهي شهادة للقرآن من رجل لا يمكن أن يتهم بالتعصب للقرآن. ولا غرابة أن يعلن موريس بوكاي إسلامه واعترافه به دينا سماويا منزلا من عند الله على نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. فهنيئا لهذا الباحث عن الحق بوصوله إليه وعسى أن يكون عبرة وموعظة للمتعالمين من أبناء المسلمين الذين توهموا أن العلم قرين الإلحاد والشك والتحضر قرين التحلل من القيم والمبادئ! ● وثاني الثلاثة هو رجل القانون والتشريع الدولي المفكر السويسري مارسيل بوازار Marcel Boisard الذي اصدر كتابا قيما يحمل عنوان : إنسانية الإسلام L’humanisme de L’islam في هذا الكتاب الصادر عن رجل قانون دولي مشهور يشرف على معاهد دولية ويحاضر على منابر منظمات عالمية مختصة إنصاف للتشريع الإسلامي واعتراف بإنسانيته وسماحته ومرونته وشموله واعتنائه بكل مناحي الحياة الإنسانية وفيه تأكيد على ما في التعاليم والتشريعات الإسلامية من سماحة ورحمة وقدرة على حل المشكلات والمعضلات وان ما أشيع بهتانا عن التشريعات الإسلامية من وحشية وشدة ولا إنسانية ما هي إلا دعاوى باطلة يدحضها الواقع التاريخي والنصوص المدونة في الكتاب والسنة أو المستنتجة والمستخرجة والمستنبطة من طرف علماء الإسلام وفقهائه. وقد انتشر كتاب الأستاذ مارسال بوازار انتشارا كبيرا وتلقفه الباحثون والدارسون الغربيون الذين يعرفون مكانة مرسال بوازار العلمية والتشريعية. والأستاذ بوازار يناضل منذ سنوات من اجل تغيير النظرة الغربية القديمة عن الإسلام وتعريف الغربيين بحقائق الإسلام وهذا ما دفعه إلى تأسيس جمعية دولية لهذا الغرض هي الإسلام والغرب. ● أما ثالث الثلاثة فهو المفكر الفرنسي والشيوعي سابقا رجل الحوار بين الحضارات الفيلسوف روجي قارودي Boger Garaudy. الذي كان إلى سنوات قريبة من كبار الشيوعيين الملتزمين بالمادية المنكرين للأديان والمغيبات ولكنه كرجل فكر وفلسفة وتربية رأى أن الالتزام غير المحدود وغير الواعي لا يليق بمقامه فاخضع الفكر الماركسي إلى النقد والتمحيص الشيء الذي تسبب له في الرفض من المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي الأمر الذي دفعه إلى مزيد التوغل في مسيرته نحو التعرف على الفكر الإنساني والحضارات البشرية قديما وحديثا فاخرج للمكتبة الفرنسية عدة كتب مثل حوار الحضارات Dialogue des Civilisations وكلمة الإنسانParole de L’homme ونداء إلى الأحياء Appel aux Vivants ووعود الإسلام Promesses de l’Islam وكتابا آخر عن الإسلام ومستقبلنا، في حوار بين الحضارات وكلمة الإنسان أعاد قارودي الحقائق إلى نصابها وأشاد بعطاء الحضارات الإنسانية ومساهمتها في تقدم البشرية وان ما تدعيه الحضارة الغربية من سمو ورفعة عن سواها ما هو في الواقع إلا مظهر من مظاهر الهيمنة الاستعمارية. وأشار إلى مساهمات المسلمين المتعددة في الحضارة الإنسانية من خلال جامعاتهم ومجامعهم ومكتباتهم ومعاهدهم في بغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة. أما كتاب نداء إلى الأحياء فهو برنامج كامل قدمه إلى الشعب الفرنسي وغيره من المجتمعات الأخرى ترشح بموجبه للانتخابات الرئاسية الفرنسية. وفي جزء لا بأس به من هذا الكتاب عرض لما في الإسلام من قدرات وإمكانات وما تحتويه الرسالة الإسلامية من حلول جعلت المسلمين غي جهات مختلفة من العالم يتنادون من أجل العودة إلى تعاليم دينهم وقد تشكل ذلك في حركاتهم التحريرية ودعواتهم الإصلاحية. وفي كتاب نداء إلى الأحياء أرقام مفزعة عما تعانيه الحضارة الغربية من أزمات، وهو عندما يتحدث عن الحضارة الغربية فانه لا يفرق بين النموذجين الرأسمالي والاشتراكي. (إحصائيات عن الإسراف في الاستهلاك، عن نفقات التسليح-عن ضحايا الحروب الأخيرة-عن الاستغلال الجشع للعالم الثالث متمثلا في القروض ذات الفائض المرتفع، في التصدير بأثمان عالية لمواد إلى العالم المتخلف، في ابتزاز واستيراد بأثمان بخسة لموارد أولية وثروات معدنية كالبترول والفوسفاط والحديد من طرف العالم الغربي). وجاء كتاب قارودي وعود الإسلام Promesses de l’Islam تأكيدا للنداء الذي دعا إليه في كل كتبه ومحاضراته وتدخلاته، انه دعوة إلى الحوار بين الحضارات، إن حل مشكلة البشرية مستقبلا يراها قارودي في الحوار. وهو في وعود الإسلام يقدم للقارئ الغربي وجهة النظر الإسلامية ويبشر بعطاء الإسلام والمسلمين من افتراءات. إن كتاب وعود الإسلام الذي قدمه السفير الجزائري بالأمم المتحدة محمد البجاوي بقوله انه يذكر بصنف آخر من النضال خاضه قارودي أيام الحركة التحريرية الجزائرية ضد الفرنسيين الاستعماريين فقارودي يبشر بالإسلام في منهجه الحياتي: في الحكم والتشريع والاقتصاد والاجتماع معترفا بالشبهات التي ألصقت بالإسلام من طرف المستشرقين والمستعمرين. وهذا الكتاب الذي تجاوزت صفحاته المائة وثمانين صفحة يعد من قارودي كلمة إنصاف شجاعة قالها لأناس لم يعتادوا سماعها بهذا الوضوح وذلك التجرد مما كان له الصدى الكبير والأثر الفعال على المثقفين الغربيين. ومكانة قارودي لديهم مرموقة واهتمامه بالإسلام واعترافه بقدراته وعطائه دفع الكثير منهم إلى ترسم خطاه للتعرف على الإسلام وهي فرصة لتصحيح الأخطاء وتقديم الإسلام للمتعطشين والحائرين الذين يعيشون في أزمة في الغرب والذين من اجلهم كتب قارودي وبدافع لما يراهم عليه تحرك قارودي ونادى بالحوار بين الحضارات.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.