مصر بمكوني شعبها وهيئتيها الدينية (الأزهر والكنيسة القبطية) قادرة على الوقوف في وجه دعاة الفتنة الطائفية

مصر بمكوني شعبها وهيئتيها الدينية (الأزهر والكنيسة القبطية) قادرة على الوقوف في وجه دعاة الفتنة الطائفية


إن الحادث الفظيع الذي تعرضت له كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة راس السنة الميلادية يدينه ويرفضه ويندد به ويستنكره كل مسلم وكل عربي لأنه يتعارض ويتناقض مع كل القيم والمثل الإنسانية التي هي جوهر الرسالات السماوية والتي اعتبرت صريح آياتها قتل نفس بشرية واحدة ظلما وعدوانا وبغير حق هو كقتل الناس جميعا (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) فالاعتداء على المؤمنين الآمنين المنصرفين لعبادة ربهم في ليلة مباركة جرم عظيم وعدوان أثيم تأباه تعاليم الإسلام كما هي جلية واضحة في القرآن الكريم وفي هدي وسيرة وسنة سيد الأولين والآخرين عليه الصلاة والسلام الذي أوصى بمصر وأهل مصر خيرا فهي كنانة الله في أرضه. لقد عاش -ومنذ الفتح الإسلامي لمصر على يدي الصحابي عمرو بن العاص- المسلمون والأقباط جنبا إلى جنب في كنف السلام والوئام وتعايشوا في المدن بأحيائها وفي القرى بمداشرها في احترام متبادل وفي تعاون وتكامل وفي تجسيم فعلي لمواطنة تلقائية يجمع بينهم الحب الصادق والتعلق الشديد بوطن الجميع مصر الأرض المباركة والطيبة التي لا يضيق صدرها بكل من ييمم وجهه إليها فما بالك بمن هم من أبنائها مسلمين كانوا أم أقباطا. إن حادث الاعتداء على كنيسة القديسين في الإسكندرية سيظل حادثا معزولا مرفوضا حتى وإن أراد مخططو ومنفذو هذا الحادث الإجرامي أن يجعلوه منطلقا لفتنة عمياء. فمصر بتاريخها العريق الذي يمتد إلى آلاف السنين وبرموزها الذين يمثلون الشموخ والصمود لا ولن يعكر صفو حياة شعبها بمكونيه: المسلم والقبطي حادث طائش معزول لا يعبر إلا عن حقد وتعصب وإجرام من خطط له ومن نفذه ولا أدل على ما أقول ما نراه ونشاهده ونقراه ونستمع إليه من كل فئات وأبناء العشب المصري من تنديد واستنكار واستبشاع لهذا الحادث الإجرامي البشع الذي ذهبت ضحيته أنفس بشرية بريئة كانت منصرفة لعبادة ربها فإذا بها تصبح أشلاء متطايرة وسط برك من الدماء. وكان أول المستنكرين والمنددين والمسارعين بتقديم اصدق التعازي الهيئة الدينية المصرية ممثلة في كل من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ورغم تعرض هذا الوفد الديني الرفيع المستوى لمحاولة الصد والدفع وحتى الرمي بالحجارة من طرف الغاضبين الواقعين تحت التأثير الشديد لصدمة الحادث الإجرامي على الكنيسة (وهو غضب وتأثر لهما مبرراتهما القوية) فإن الهيئة الدنية المصرية الرفيعة المستوى أبت إلا أن تقدم المثل والقدوة في القيام بواجب المواساة المصحوب بالتنديد الصريح والواضح بالإرهاب ومرتكبيه ومن يغذونه ويدفعون إليه بأفهام قاصرة وعقليات متحجرة وأنفس حقودة لدودة نزعت منها الرحمة وضربت عرض الحائط بما أمر به الرحمان الرحيم من رحمة بمن وما في الأرض جميعا: إنسانا أيا كان دينه أو عرقه أو حيوانا أو نباتا وحتى جمادا. * أين ما أتاه منفذو حادثة الاعتداء على كنيسة القديسين من ذلك التوجيه ممن أرسله الله رحمة للعالمين في قوله عليه الصلاة والسلام (الراحمون يرحمهم الرحمان ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء) وقوله (في كل ذي كبد حرّى رحمة) وقوله لمن تعجب لوقوفه عليه الصلاة والسلام لجنازة يهودي (أليست نفسا؟). * أين ما ارتكبه منفذو حادثة الاعتداء على كنيسة القديسين من توجيه الصديق للجيش الخارج للفتح (ستجدون أناسا نذروا أنفسهم في صوامع لعبادة الله فاتركوهم وما نذروا انفيهم إليه) * هل ترك المعتدون على كنيسة القديسين من كانوا في رحابها ليلة راس السنة الميلادية وما تفرغوا له من صفاء المناجاة وخالص الدعاء والضراعة إلى الله رب العالمين، رب المسلمين ورب الأقباط؟ * أين هذه الفعلة الشنيعة التي ينبغي علينا نحن معاشر المسلمين قبل غيرنا أن نستنكرها ونستبشعها ونعمل جاهدين على أن نستأصل الفكر الذي يؤسس لها ويعمل على ترسيخها في العقول. أين هذه الفعلة الشنيعة من صرخة الفاروق في وجه عمرو بن العاص الذي ظلم ابنه قبطيا من أبناء مصر، لقد ناوله الفاروق الدرة ليقتص لنفسه ممن ظلمه وقال قولته الشهيرة (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا). * إن مصر وشعبها بأزهرها الشريف قلعة التسامح والاعتدال ونبذ التعصب والتطرف والإرهاب يشهد على ذلك تاريخه المديد وبكنيستها القبطية العريقة المشبعة بالأصالة والوطنية والذود عن مصر ضد كل معتد أجنبي وكل تدخل خارجي، مصر بمكونيها المسلم والقبطي ستخرج بسلام بإذن الله من هذه الفتنة التي دبرت لها بليل وذلك بفضل مصداقية وعقلانية ووطنية قياداتها الدينية المسلمة والقبطية التي يمثلها أحسن تمثيل ذلك الطود الشامخ في أعلى هرم الكنيسة المصرية البابا شنودة الذي كان دائما وعلى اثر هذا الحادث صوت الاتزان والرصانة والدعوة إلى العيش في سلام بين مكوني الشعب المصري من مسلمين وأقباط. وهو ما تجاوبت فيه معه بكل تلقائية الهيئة الدينية حيث قاد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مسيرة تنديد انطلقت من رحاب جامعة الأزهر وانتقل إلى أسيوط لنفس الغرض الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية في حين أصدر الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف تعليماته للأئمة بتخصيص خطبة الجمعة للتوعية بقيمة التسامح.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.