محمد صالح الجابري رحمه احد رواد التقارب والتواصل بين الشعبين التونسي والجزائري

محمد صالح الجابري رحمه احد رواد التقارب والتواصل بين الشعبين التونسي والجزائري


رحم الله أخانا وصديقنا الأستاذ محمد صالح الجابري فقد كان داعية تقارب وتواصل بين أبناء هذا الفضاء المغاربي الممتد من ليبيا مرورا بتونس والجزائر ووصولا إلى المغرب وموريتانيا، لم يترك مجالا ولا ميدانا من المجالات والميادين التي ترسخ التآخي إلا وأبرزه وسلط عليه الأضواء وقضى الأوقات الطويلة والساعات التي يتصل فيها الليل بالنهار ليخرج بها مقالا أو دراسة أو بحثا أو كتابا يرسخ بها لدى أفراد شعوب هذا الجناح الغربي من العالم العربي ما يجمع بينها من عرى التآخي وعوامل التجانس والانسجام وهو في كل ذلك لا يتمحل ولا ينحت من صخر ولا ينطلق من صفر. إن محمد صالح الجابري رحمه الله وأجزل مثوبته من الرواد القلائل الذين سكنهم هم الاتحاد والوحدة المغاربية على الأقل-وليس ذلك باليسير الذي يستهان به- في المجالات العلمية والثقافية والحضارية والتي منطلقها وأساسها وحدة الدين واللغة، دين الإسلام الذي تقبلته بتلقائية شعوب الشمال الإفريقي وتقبلت معه اللغة العربية التي لم يعتبرها أهل المغرب لغة عرق أو جنس بل هي لغة كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو بالعربية المعجزة الخالدة التي تحدى بها الله المعاندين والمجادلين وهي إلى جانب ذلك لغة أدب وعلم وعامل تواصل حفظت مع الإسلام لأبناء المغرب الكبير وحدتهم واجتماع كلمتهم فكان الإسلام والعربية ولا يزالان من أهم ركائز ومقومات الهوية والشخصية المغاربية. لقد كتب محمد صالح الجابري رحمه الله في كل المواضيع التي من شأنها أن تمتن الصلة بين مكونات هذا المغرب الكبير في القصة والشعر وفي الأدب وفي التعريف بأعلام الشمال الإفريقي وتوقف عند الأحداث الكبرى التي شهدت التمازج إلى حد الانصهار الكامل بين أبناء الشمال الإفريقي كل ذلك ليؤكد ويقنع بما هو راسخ في ذهنه وفي وجدانه من أن هذا الفضاء الفسيح كان وسيبقى واحدا ومتوحدا مهما كان ما يبدو فيه ظاهرا من اختلاف وتوزع. ويكفي للتدليل على ما سبق التنويه به من المجهود الكبير الذي بذله محمد صالح الجابري رحمه الله أن يعود الواحد منا إلى إصدار واحد من إصداراته العديدة التي رأت النور وكتب لها أن تنشر اعني بذلك كتاب رحلات جزائرية والذي وقع بين يدي صدفة وعشت معه وقتا لم أحس بسرعة مروره وشكرت للأستاذ الجابري رحمه الله الجهد الذي بذله في سبيل جمع مادته التي تبدو لأول وهلة أنها مجرد ارتسامات وانطباعات سجلها كاتبوها وهم يزورون الجزائر بمختلف مدنها وحواضرها من شرقها إلى غربها وجنوبها ولكن الحقيقة والواقع هي غير ذلك لان أصحاب هذه الرحلات الجزائرية هم علماء وأدباء ومفكرون جمعوا إلى الحب الكبير والإكبار الشديد لأبناء الشعب الجزائري سعيهم الجاد للتعريف بإضافات وعطاءات أبناء الجزائر في العلوم والثقافة والأدب والتحضر والتمدن، لقد اشتملت هذه الرحلات على تصوير لواقع الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية واللغوية ورصدت هذه الرحلات بعض السلبيات والنقائص التي لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات البشرية كما أبانت هذه الرحلات كم كانت مختلف ربوع المغرب الكبير متفتحة على بعضها ومستفيدة من طاقات وقدرات بعضها البعض، وكم كانت تلقائية سهلة بسيطة غير معقدة حركة التنقل والإقامة بين أجزاء المغرب الكبير فكان العالم والأديب والشاعر والمثقف يجد كل واحد منهم الفضاءات مفتوحة أمامه ليدلي بدلوه ويساهم بقسطه في التعليم والتثقيف لا يحتاج في ذلك إلى إذن أو ترخيص فهو حر طليق كأنه لم يخرج من بلده وهو كذلك فعلا وواقعا. كان ذلك والمستعمر الفرنسي لا يزال يتحكم في رقاب أبناء المغرب الكبير ومما سهل قبول عطاء رجالات العلم والأدب والثقافة والشعر ذلك والتجانس لدى المتلقي الذي لا يختلف عن بعضه البعض في شيء، فالدين واحد والعقيدة واحدة، والمذهب الفقهي واحد، واللغة واحدة، والمعاقل التي رسخت هذه العطاءات واحدة في منهجها ومقرراتها، إنها الزيتونة الجامع والجامع بفروعهما في المدن التونسية والمدن الجزائرية (عنابة وقسنطينة وما وراءها). إن كتاب رحلات جزائرية على صغر حجمه ومحدودية صفحاته (148 صفحة) ضم رحلات كل من الشيخ محمد الخضر حسين والأساتذة احمد حسين المهيري وسعيد أبو بكر والطيب بن عيسى وحمزة بوكوشة يجد فيها القارئ متعة كبيرة ومعلومات ضافية ودقيقة تجعله يخرج بقناعة أن ما يجمع بين مكونات الفضاء المغاربي كثير جدا وعظيم جدا ومتميز جدا مما يستوجب من الجميع أن يحافظوا عليه وينموه ويسلطوا عليه المزيد من الأضواء حتى تتركز القناعة لدى الجميع ولدى كل الأطراف الفاعلة بضرورة وحتمية إرساء هذا الكيان المتجانس المنسجم المتكامل المتواصل في الزمان والمكان. إن محمد صالح الجابري مثله مثل مولود قاسم رحمهما الله -وغيرهما من أمثالهما ممن آمنوا بالمغرب الكبير- عملا ما في وسعهما بالقلم وباللسان في الملتقيات والمنتديات والندوات من اجل تواصل اكبر وأوسع واشمل بين الشعبين التونسي والجزائري وجهد الأستاذ محمد صالح الجابري رحمه الله لا ينبغي أن يذهب أدراج الرياح ويدخل في طي النسيان فما دعا إليه ونادى به وكرس جزءا من عمله لأجله لا بد من إحيائه وتكريم صاحبه التكريم المعنوي كأن تعقد ندوة سنوية مرة في تونس ومرة في الجزائر للتعريف بكل ما من شأنه أن يجعل من عرى التآخي بين الشعبين تزداد قوة ومتانة./.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.