مؤتمر الاعلام الاسلامي الثالث: في ضيافة اندونيسيا..الشعب المبتسم وجمهورية الفايسبوك
قبل اكثر من ثلاثين سنة وفي عام الف وتسعمائة وثمانين تهيا لي أن ازور جاكرتا عاصمة اندونيسيا بمناسبة انعقاد المؤتمر الأول للاعلام الاسلامي الذي دعت إليه رابطة العالم الاسلامي وكان امينها العام آنذاك فضيلة الشيخ محمد علي الحركان رحمه الله ومساعده الاستاذ صفوت السقا اميني وكان الحضور التونسي في ذلك المؤتمر كبيرا والفضل في ذلك يعود إلى الاستاذ الحبيب الشطي رحمه الله والذي كان يتولى الامانة العامة لمنظمة المؤتمر الاسلامي فمثلت الاذاعة اوالتلفزة الوطنية ووكالة تونس افريقيا للانباء ومعهد الصحافة والجرائد اليومية وقد حضرت بصفتي مديرا لمجلة (جوهر الاسلام) كما حضر من تونس فضيلة الشيخ محمد الحبيب بلخوجة (مفتي الجمهورية آنذاك) وفضيلة الشيخ مصطفى كمال التارزي (مدير ادارة الشؤون الدينية آنذاك) رحمهما الله. وحضر هذا المؤتمر الكبير والاول في مجاله (الاعلام الاسلامي أو الاعلام في العالم الاسلامي) عدد كبير من قادة الفكر والدعوة والاعلام اذكر منهم الدكتور المهدي بن عبود والاستاذ ابو بكر القادري من المغرب رحمهما الله والاستاذ انور الجندي والاستاذ عبد الحليم عويس من مصر رحمهما الله والدكتور صبحي الصالح رحمه الله من لبنان وغيرهم من الاسماء الكبيرة والقائمة طويلة. وفي هذا العام وبعد اداء مناسك الحج عرضت علي رابطة العالم الاسلامي باعتباري احد اثنين شاركا في المؤتمر الأول للاعلام الاسلامي انا والاستاذ عبد العزيز الشبيلي وكان وكيلا لوزارة الاعلام السعودية عند انعقاد المؤتمر الأول الحضور والمشاركة في المؤتمر الثالث للاعلام الاسلامي فلبيت هذه الدعوة الكريمة من الهيئة العالمية للاعلام الاسلامي ممثلة في شخص رئيسها الاستاذ الدكتور حسن بن علي الاهدل وامين عام الرابطة الدكتور عبد الله التركي وكانت فرصة ثمينة للعودة إلى اندونيسيا بعد هذه السنوات الطويلة التي تجاوزت الثلاثين والتي كانت مليئة بالاحداث والتحولات واغلبها مما لا يسر بل بكاد يصيب من يتابعه بالاحباط حتى لا اقول الياس لان المؤمن لا يياس من روح الله. عدت إلى اندونيسيا لاتابع لمدة ثلاثة ايام اشغال مؤتمر كان الحضور فيه متميزا كيفا وعددا، انه جيل جديد من الاعلاميين جاؤوا من كل الانحاء من البلاد الإسلامية وةمن خارجها. لقد كان الاعلام الافتراضي واعلام الفضائيات واعلام الانترنات والفايسبوك واليوتيب هو الحاضر الابرز، تابعت عن كثب ما قدم من اوراق وحضرت ما انتظم من ورشات وسرني ما لمسته من قفزة شهدتها منذ المؤتمر الأول إلى المؤتمر الثالث الساحة الاندونيسية وكذلك الشان بالنسبة للبلدان المجاورة لها في ماليزيا وتايلاندا والفلبين في كل المجالات وفي ميدان الاعلام والاتصال بالخصوص * ففي اندونيسيا اكبر عدد من مستعملي الفايسبوك في العالم حتى اصبحت اندونيسيا تلقب بجمهورية الفايسبوك ولا يخفى ما في ذلك من السبق في امتلاك المعلومة وبثها وتلك وسيلة لا غنى عنها اليوم في كل المجالات العلمية والاقتصادية والاجتماعية وهي فرصة تتاح للمسلمين اليوم كي يبلغوا ما يريدون تبليغه دون أن تكون امام ذلك حواجز وموانع وامة الاسلام امة بلاغ ودعوة بالحكمة حتى تبرا ذمتها امام الله (لتكونوا شهداء على الناس) (ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب). * وشعوب جنوب شرقي آسيا مهيأة اكثر من سواها للقيام بهذه المهمة على احسن الوجوه واكملها. * اندونيسيا بتعدادها البشري (اكثر من مائتي مليون مسلم) والمتكونة من ارخبيل بثلاثة آلاف جزيرة (سبع ساعات طيران من اقصاها إلى ادناها). * اندونيسيا بطبيعتها الخلابة وغاباتها وانهارها الجارية وطقسها المعتدل، * اندونيسيا بتعدديتها الثرية، * اندونيسيا برفق ولين وسماحة اهلها حتى لقب الشعب الاندونيسي بالشعب المبتسم، * واندونيسيا بجمعياتها وجامعاتها ومعاهدها الحكومية والاهلية تقدم اليوم نموذجا للبلاد الإسلامية الاقرب لقيم الاسلام السمحة المعتدلة والوسطية والآخذة باسباب التقدم والتمدن والتحضر على غرار البلدان المجاورة لها والقريبة منها مثل اليابان وكوريا والصين. * إن اندونيسيا بجزرها (جاوة وسومطرة) وغيرهما وصلها الاسلام ليس على ايدي الفاتحين وانما على ايدي الرحالة والتجار والعلماء الدعاة الذين انطلقوا من جنوب الجزيرة العربية (حضرموت وبلاد عمان والامارات الخليجية) يتجلى فيها اسلام الفطرة والمعاملة الحسنة التي هي الدين وعلامته، هذه السمة والخاصية لاسلام اهل اندونيسيا هي التي اورثت اهل اندونيسيا في غالبيتهم تلك الاخلاق الكريمة الرضية انك لا تسمع من اصوات الاندونيسيين إلا همسا يمشون على الارض هونا وللكبير وصاحب المرتبة الاجتماعية وبالخصوص العلمية الدينية منزلة متميزة ولا تزال الاسرة في اندونيسيا متماسكة متواصلة متآلفة ذات امتداد واسع إلى كل ذوي الارحام. * وفي اندونيسيا مئات ولربما آلاف المدارس والمعاهد الاهلية التي يرتادها آلاف التلاميذ والتلميذات يتلقون العلوم الشرعية واللغة العربية على ايدي اساتذة ومشائخ بعضهم تخرج من الجامعات والكليات الاندونيسية والبعض الآخر متخرج من جامعات البلاد العربية في مصر والسعودية وسوريا والعراق وليبيا والمغرب وفي تونس مجموعة من خيرة الطلبة يدرسون في الكليات والجامعات التونسية وهم خير سفراء لشعبهم المسلم العريق يرجى منهم أن يكونوا خير سفراء لتونس وشعبها يمدون جسور التواصل والتقارب بين المغرب والمشرق فبين الجناحين تجانس وتشابه كبيران تمتنه عقيدة سنية هي العقيدة الاشعرية وتزكيها طريقة احسانية جنيدية.
