لا حياء في الدين: لا يعني التصريح والتفصيل فيما هو من قبيل الأحوال الشخصية

لا حياء في الدين: لا يعني التصريح والتفصيل فيما هو من قبيل الأحوال الشخصية


“لا حياء في الدين” اثر يكثر تردده على الألسنة ويكون ذلك في بعض الأحيان في غير مجاله وسياقه، إذ الحياء الذي لا يعتبر من الدين يتمثل في عدم آداء واجب أو المطالبة بحقّ وكثيرا ما يكون الدافع لهذا النوع من الحياء الخشية من الآخر أي من تعليقه وهمزه ولمزه وهذا النوع من الحياء غير مشروع ولا يجوز بل لا بدّ من المضيّ في القيام بالعمل المشروع أو الواجب أو المطالبة بالحق دون تردد أو خشية من أحد. وذلك هو ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال مادحا نساء الأنصار اللاتي قامت إحداهن في مجمع من الرجال قائلة له (غلبنا عليك الرجال إجعل لنا يوما تعلمنا فيه ديننا)، هنالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين) فلا يتنافى الحياء بهذا المعنى مع المطالبة بالحقّ المشروع والذي منه تحصيل العلم واكتسابه من اجل معرفة الخير من الشرّ والحق من الباطل، والامتناع عن ذلك بدعوى الحياء مخالف للصواب بل ينتهي بصاحبه إلى الوقوع في المحضور وهو ما لا يجوز وما نربأ بالمسلم من أن يقع فيه. وتبقى قيمة الحياء قيمة أخلاقية عظيمة الشأن ومن علامات الإيمان وقد عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء شعبة من شعب الإيمان حيث قال (والحياء شعبة من الإيمان) وقال عليه الصلاة والسلام (الحياء هو الدين كله) وقال: (إن لكلّ دين خلقا وخلق الإسلام الحياء) وقال: (ما كان الحياء في شيء إلا زانه) وقال: (الحياء لا يأتي إلا بخير) وقال: (الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء من النار). وقد مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (دَعْه فإن الحياء من الإيمان). فكل هذه الأحاديث تدعو إلى الحياء والاستحياء ناهيك أن من يقع في معصية ويستره الله ولا يفضحه مدعو إلى أن يترك أمر معصيته بينه وبين ربّه فلا ينبغي له أن يتحدث بها وقد جاء في الحديث أنّ كلّ الناس معافى إلا من تحدث بما فعل لما في ذلك من الجرأة والتطاول. لأجل ذلك وتركيزا لهذه القيمة النبيلة والهامة وجب عدم التساهل والاستهانة بها تحت أي عنوان ومن أجل أية غاية مهما كانت نبيلة، ففي الابتذال والإتيان بالتفاصيل والجزئيات الوصفية المدققة ما يدفع إلى إتيان من التصرفات والأقوال وذلك ما يأباه الشرع والدين الحنيف. * نعم ينبغي الاكتفاء بما به الحاجة وتتحقق منه الإجابة والاستغناء بالإشارة عن العبارة وحبّذا لو يكون ذلك بين السائل والمسؤول دون تعميم وإشاعة وفي المعاريض مندوحة عن التصريح، والأمور بنتائجها وما يترتب عنها. * ولاشكّ أن ما يقدم في بعض البرامج التلفزية من تعرض لأدق التفاصيل للحياة الجنسية للمرأة والرجل وتحت شعار (لا حياء في الدين) يحتاج إلى مراجعة وتهذيب من اجل تحصيل المقصود والمطلوب في غير ابتذال وتشجيع على المعصية وإشاعة لها. * وقد يقال إن ما يسأل ويجاب عنه هو في إطار العلاقة الشرعية بين الزوجين وفي هذه الحالة ينبغي أن يظل المقصود هو التنوير والتعليم في غير إشهار لما هو من قبيل الأحوال الشخصية الذاتية. * الإسلام دين الستر ودين الحياء ودين العفة وكل لتك الخصوصيات ينبغي أن تراعيها مثل هذه البرامج التلفزية والحصص الإذاعية والإجابات الفقهية على الأسئلة التي يلقيها البعض، ينبغي الاقتصار على ما تتحقق به الإجابة وربّ إشارة أبلغ من عبارة وكل ذلك يدخل ضمن الحكمة الواردة في الآية الكريمة (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة) وسيد الحكماء والواعظين عليه الصلاة والسلام لم نقرا ولم يبلغنا عنه أنّه يتحدث في مثل هذه القضايا بالتصريح بل يكتفي بالتلميح وكانت النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأل زوجاته رضي الله عنهن في مثل هذه المسائل.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.