قراءة في منبريات بوعزيز في الوعظ والإرشاد الديني

قراءة في منبريات بوعزيز في الوعظ والإرشاد الديني


تتسم خطب الجمعة بالشمول المتأتي من طبيعة وخصوصية الدين الإسلامي هذا الدين الذي لم يترك جانبا من جوانب الحياة البشرية إلا وتعرض له وهدى فيه المؤمنين إلى سواء السبيل والصراط المستقيم. وخطب الجمعة باعتبار نسقها الأسبوعي نجد فيها المواكبة لما يحل بين ظهراني المسلم من مواسم وأعياد وذكريات على مدى السنة (رمضان، الحج، الهجرة، الإسراء والمعراج، المولد النبوي الشريف وغيرها) كما نجد فيها التعرض إلى أركان الدين الحنيف (من شهادتين وصلاة وصيام وزكاة وحج) كما نجد فيها ولا شك أثر الإيمان الذي لا ينكر على تصرفات المسلم وسلوكه ومعاملاته مع غيره وهذا المجال ميدان فسيح ورحب ليس له نهاية وهو مظهر وعلامة التدين الصحيح ومادة أخلاقية وقد ورد في الحديث الشريف أن (الدين النصيحة) والدين هو المعاملة فمن سلم الناس من لسانه ويده هو المؤمن حقا. كما نجد في الخطب المنبرية توجيها إسلاميا وترشيدا للتصرفات وهديا إلى التصور الصحيح والسليم الذي به تتحقق مرضاة الله هذه المرضاة التي لا تتم إلا بتلك النظرة العميقة البعيدة المدى والتي لا تكتفي بالأشكال والمظاهر والجزئيات بل تنفذ إلى الجواهر والغايات والمقاصد وتنطلق من النوايا الصادقة الخالصة لوجه الله تبارك وتعالى، إن الخطب المنبرية ميدان للتوجيه الاجتماعي وهي وسيلة للإصلاح الاجتماعي والتوعية بالأهداف النبيلة والغايات السامية المحققة لكل خير للفرد وللمجتمع والمجنبة لكل شر وضرر والخطب المنبرية جعلها الله احد أركان صلاة الجمعة (إذا نودي إلى الصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) وذكر الله هنا هو على الإطلاق وهو ما في خطبة الجمعة من توعية وإرشاد وتوجيه ونصح وتعليم (ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) كل ذلك ذكر يجب السعي إلى تحصيله يوم الجمعة من خلال خطبة الجمعة. ولأن خطبة الجمعة مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام الناس ومن تولوها من علماء المسلمين بذلوا في سبيل أدائها على أحسن الوجوه كل ما في طاقاتهم من إمكانات في سبيل أن تبرأ ذمتهم (ألا هل بلغت...) ومن اجل أن يتحقق المرجو منها ألا وهو صلاح أحوال الناس بمختلف فئاتهم ممن يرتادون بيوت الله على سبيل الوجوب كل يوم جمعة باعتبار أن صلاة الجمعة لا تكون إلا في الجوامع والمساجد ولا تصح إقامتها في البيوت والمنازل على عكس الصلوات الخمس. وقد ترك كثير من العلماء الذين تولوا الخطابة الجمعية دواوين للخطب الجمعية ضمت عصارة تفكيرهم وخلاصة تجربتهم في الإرشاد والتوجيه الديني وأكثر هذه الدواوين تلاشى على مر الأيام والبعض الآخر يحتفظ به ورثة هؤلاء الشيوخ والقليل القليل من هذه الدواوين رأى النور واخذ طريقة للنشر من ذلك الكتاب الذي أصدرته قبل سنوات الإدارة العامة للشؤون الدينية وضم منتخبا لخطب ألقاها ثلة من أئمة تونس من العلماء الأعلام، كما أن إحدى المكتبات في مدينة صفاقس نشرت في جزئين مجموعة من الخطب لتعميم الاستفادة منها، وأصدرت دار النشر دواوين خطب كل من الشيوخ: محمد العزيز جعيط ومحمد البشير النيفر ومحمد الجيلاني حمزة رحمهم الله ونشرت دار الغرب الإسلامي ديوان خطبة الشيخ محمد المختار السلامي وفي هذا الإطار ومساهمة مني في تعميم الفائدة بمادة الخطب الدينية نشرت الجزء الأول من كتاب (من توجيهات الإسلام في إصلاح الفرد والمجتمع) وهو في الأصل مادة لخطب جمعية ألقيتها بجامع مقرين والأجزاء الموالية جاهزة معدة للطبع تنتظر الفرصة المناسبة لتعم بها الفائدة والنفع. إن مادة الخطب الجمعية للسادة الأئمة معين لا ينضب وهي خير ما يوجه به الناشئة وسائر فئات وأفراد المجتمع مهما كانت مواقعهم، إنها مادة تتسم بروح المسؤولية والواقعية والحكمة وحب الخير ونشر الفضيلة والتربية على الخلق الكريم إنها مادة تدعو إلى التماسك والترابط والتعاون والتناصح والتحابب، مادة علمية تركز الوسطية والاعتدال وتحذر من الفتنة والفرقة والاختلاف والتنازع. ومادة هذه مواصفاتها ومميزاتها هي مادة الساعة يحتاج إليها الجميع بدون استثناء يجدها الناس بين أيديهم بعد أن كانوا سمعوها تلقى عليهم في بيوت الله أو أنها ألقيت في مساجد لم يرتادوها فتدوينها من قبل أصحابها ثم تعميم الاستفادة منها بعد ذلك بإعدادها للنشر لا تخفى على احد فوائده،إنها فوائد ملموسة محسوسة ويمكن الاستئناس بها والاقتباس منها من قبل عديد الأئمة الخطباء الذين ليسوا في غنى عن الاستفادة من جهود وتجارب من سبقوهم من الأئمة الأعلام خصوصا والمنبع الذي يستقى منه الجميع واحد وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والناس الذين يتوجه إليهم هذا الخطاب هم على نفس المشرب والمنهج. ومن هنا تبدو الفوائد الجمة لنشر وإعادة نشر دواوين الخطب الجمعية لا لنقلها واستعادتها حرفيا من قبل أئمة اليوم. فالحياة تتطور والمستجدات عديدة ولكن للاستئناس بها وتسهيل عناء البحث عن النصوص من كتاب وسنة وآثار لمجهود آخر يبذل في تحيين الخطب الدينية وجعلها تتفاعل مع المحيط الاجتماعي والزماني. ومن المبادرات التي تستحق الثناء والتقدير ما قامت به الأخلاء حيث أصدرت كتابا (منبريات بوعزيز) الجزء الأول وهو من تأليف الشيخ محمد ابن الطاهر بوعزيز اشتمل هذا الكتاب على تعريف بالشيخ محمد بوعزيز بقلم الدكتور جلول عزونة (ولد الشيخ محمد بوعزيز بمنزل تميم يوم 21 ديسمبر 1922 وتولى التدريس بوصفه شيخا متحصلا على شهادة العالمية في الآداب وعلى شهادة العالمية في القراءات بعد اجتيازه لمناظرة وطنية وقد جاء ترتيبه الأول). درس اللغة العربية وآدابها وبلاغتها بكل من الفرع الزيتوني بمدنين ثم بالمعاهد الثانوي ببنزرت ثم بالمعهد الثانوي بمنزل تميم تقاعد سنة 1982، وحج إلى بيت الله الحرام سنة 1974 وتولى إمامة الجمعة بجامع النخلة بمنزل تميم غرة مارس 1978 حفظ القرآن وعمره 12 سنة حصل على شهادات الأهلية والتحصيل في العلوم والعالمية في القسم الأدبي والتحصيل في القراءات والعالمية في القراءات، ترأس الفرع المحلي للتضامن الاجتماعي والفرع المحلي لجمعية المحافظة على القرآن الكريم وكان عضوا بالمجلس البلدي لدورتين من سنة 1980 إلى 1990. ساهم في إعادة إحياء مادة القراءات بجامع الزيتونة وأشرف على رسكلة مرتلي القرآن الكريم بالإذاعة الوطنية. اشتمل كتاب (منبريات بو عزيز) على حوالي خمسين خطبة تتسم كلها بالدقة والاختصار والتدليل على ما يريد تركيزه والتوعية به بنصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من مواضيع (منبريات بوعزيز) تقرأ العناوين التالية: زمزم-الكسب-شهادة الزور-الحلال بين والحرام بين-العمل-العدل بين الأولاد-الأمانة-النفاق-لطم الخدود وشق الجيوب-زيارة القبور- السبع الموبقات-النظافة-تكريم الإنسان-الاستهزاء-المساجد لله-إن الدين عند الله الإسلام-دعاء-المعروف-من المفلس-الزكاة-التشاؤم-جعلت لكم الأرض مسجدا وتربتها طهورا-الإسلام عدل ومرحمة ومناصرة-الغض من البصر-آداب الجمعة-حقوق الرجل على المرأة-الإسراء والمعراج-الإخلاص-الطهور شطر الإيمان-التأمل-الاستقامة-في نصف شعبان-الوالدين-كتابة القرآن بالخط القياسي-في استقبال شهر رمضان-رمضان شهر الصيام-رمضان مفضل على سائر الشهور-الترحيب بشهر القرآن-القرآن ورمضان-التراويح-ذكر نزول القرآن في ليلة القدر-ليلة القدر خطبة ليلة 27 رمضان بمناسبة ختم القرآن الكريم لعام 1978-زكاة الفطر-امتحان الله لعباده-خطبة الاحتفال بالنشء الحافظ لنصيب من القرآن) تلك هي عناوين الخطب الجمعية التي تطرق إليها بالبحث الشيخ محمد ابن الطاهر بوعزيز رحمه الله. وهي ولا شك شاملة لمختلف مناحي الحياة وهدي الدين الحنيف- وعناوينها تدل على مضامينها التي هي من صميم الدين أجزل الله مثوبة الشيخ محمد بوعزيز وكتب له ثواب هذا العمل في صحائف حسناته وجعله له خالصا لوجهه الكريم ونفع الله به المسلمين والأئمة الخطباء خصوصا فيما يرشدون به الناس كل يوم جمعة على منابر الجوامع والمساجد.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.