قراءة في أصول الطريقة الشاذلية للشيخ أحمد زروق

قراءة في أصول الطريقة الشاذلية للشيخ أحمد زروق


  المحتويات   التعريف بالشيخ أحمد زروق تآليف الشيخ أحمد زروق أصول الطريقة الشاذلية وأصول كل ذلك في خمس يفصل القول أما أصول العلامات الخمس فهي وأصول ما تداوى به علل النفس (...) وشروط الشيخ الذي يلقى إليه (...) ومن فيه خمس لا تصح مشيخته (...) وآداب المريد مع الإخوان خمسة  التعريف بالشيخ أحمد زروق هو احمد بن احمد بن محمد بن عيسى البرنوسي الفاسي المعروف بزروق، ولد عام 840هـ 1436م تلقى على كبار علماء عصره مثل الحافظ السخاوي والثعالبي وإبراهيم التازي وسلك طريق التصوف على يدي الشيخ عبد الله المكي الشاذلي درس بالأزهر واجتمع بعدد كبير من طلبة العلم ورحل إلى طرابلس حيث انشأ الزاوية الزروقية توفي بمصراطة حيث أقيم على ضريحه مسجد كبير يحمل اسمه.  تآليف الشيخ أحمد زروق: ألف الشيخ أحمد زروق [1] عدة كتب في فنون الثقافة الإسلامية منها تفسير للقرآن العظيم وشرح على رسالة ابن أبي زيد القيرواني وعدة شروح على الحكم العطائية وشرح على دلائل الخيرات وكتاب قواعد التصوف وكتاب النصيحة وتعليق على البخاري وديوان شعر وشرح مختصر خليل في فقه المالكية وغير ذلك من الكتب والرسائل المفيدة.  أصول الطريقة الشاذلية: ومن هذه الكتب والرسائل هذا النص المفيد الذي قعد فيه أصول الطريقة الشاذلية وهو أحد علمائها وأتباعها الذين خدموها بعلمهم وفضلهم وتقواهم ونورانيتهم. يقول الشيخ أحمد زروق رحمه الله: الحمد لله أصول طريقتنا خمسة أشياء: أولا: تقوى الله في السرّ والعلانية ثانيا: إتباع السنة في الأقوال والأفعال ثالثا: الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار رابعا: الرضا عن الله في القليل والكثير خامسا: الرجوع إلى الله في السراء والضرّاء ثم يفصّل كيف يتحقق ذلك في الواقع فيقول: فتحقيق التقوى في الورع والاستقامة فالورع بالابتعاد عن الشبهات لأن الواقع في الشبهات هو كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه والمؤمن التقي يعمل بالأثر الذي يقول (دع ما يريبك إلى مالا يريبك). أما الاستقامة فهي التزام الصراط المستقيم في الأقوال والأفعال ولأهميتها وقيمتها ومنزلتها من الدين الحنيف لم يزد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها لمن إستوصاه فقال له (قل آمنت بالله ثم استقم) والصراط المستقيم هو الدعاء الذي تضمنته فاتحة الكتاب أم القرآن حيث يقول جل من قائل على لسان عبده (إهدنا الصراط المستقيم) ومن وفقهم الله لسلوك الصراط المستقيم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا). وتحقيق السنة بالتحفظ وحسن الخلق ذلك أنّ إتباع الهوى يخرج بصاحبه إلى البدعة وكل بدعة ضلالة وحسن الخلق فيه الاقتداء والإتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله في حقه (وإنك لعلى خلق عظيم) وقال عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). أما تحقيق الإعراض عن الخلق فسبيله الصبر والتحمل وهو باب عظيم من أبواب الطاعة (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) فبالصبر يدفع السالك لطريق الله بالتي هي أحسن ويصبر يكظم الغيظ. أما التوكل فهو علامة قوة الإيمان وصدق اليقين (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) (حسبنا الله ونعم الوكيل) (وتحقيق الرضا يكون بالقناعة بما قسم الله وتفويض كل الأمور إليه فهو سبحانه وتعالى المتصرف وهو سبحانه الكافي وهو سبحانه المعطي وهو الذي مفاتيح كل شيء بين يديه. ويتحقق الرجوع إلى الله بالحمد له سبحانه وتعالى على كل شيء وعلى كل حال ويتحقق بالشكر على السرّاء ليزيد الله من خيره وهو مقتضى قوله جل من قائل (لئن شكرتم لأزيدنكم) ويتحقق أيضا بأن يلتجئ العبد إلى ربه وينيب إليه ويقف بين يديه عند كل ضراء فهو سبحانه القادر على أن يكشف الكرب ويفرجه (إنه على كل شيء قدير).  وأصول كل ذلك في خمس يفصل القول فيها : أولا: علوّ الهمة ثانيا: حفظ الحرمة ثالثا: حسن الخدمة رابعا: نفوذ العزمة خامسا: تعظيم النعمة وعلوّ الهمّة ترتفع به الرتبة لأنه يدل على عزيمة قوية دافعة إلى اجتناب الشر وإتيان الخير. وسلوك هذا المسلك يتحقق به السبق وعلو الشأن . أما حفظ الحرمة فإن صاحبها في عين الله وعنايته ورعايته(إحفظ الله يحفظك) فلا يمكن أن يصل أحد إلى النيل من حرمته. والذي يحسن الخدمة يستحق التكريم والتبجيل وينال الجزاء الأوفى والأوفر. والذي تكون عزيمته نافذة لا يتردد ولا يتأخر فانه في طريق الهداية والاستقامة لا يغير ولا يبدّل. وتعظيم النعمة دافع إلى أداء واجب الشكر عليها ومن شكرها (النعمة) استوجب المزيد من النعم حسب وعده الصادق.  أما أصول العلامات الخمس فهي : أولا: طلب العلم للقيام بالأمر ثانيا: صحبة المشايخ والإخوان للتبصر ثالثا: ترك الرخص والتأويلات للتحفظ رابعا: ضبط الأوقات بالأوراد للحضور خامسا: اتهام النفس في كل شيء للخروج من الهوى والسلامة من العطب. وطلب العلم الذي هو أساس الصلاح والفلاح وأعظم الطاعات بعد أداء الفرائض واجتناب المحرمات إذ بالعلم يعبد الله وهو سبيل تحقيق الخشية لله (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ولكي يكون هذا العلم نافعا لا بدّ أن يتجنب طالبه صحبة الأحداث سنّا أو عقلا أو دينا فهؤلاء لا يعينون على الانتفاع بالعلم لأنهم ممن لا يرجعون إلى أصل ولا قاعدة فصحبتهم ضارة ومهلكة. أما آفة الصحبة فهو الاغترار والفضول بالأصحاب الذين لا يعينون على الطاعة ولا يذكرون بواجب ولا يعينون عليه. وآفة ترك الرخص والتأويلات إنما هو في الشفقة على النفس وآفة ضبط الأوقات إنما هو باتساع النظر في العمل بالفضائل. وآفة اتهام النفس إنما يكون بالأنس بحسن أحوالها واستقامتها وقد قال تعالى (وان تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) وقال الكريم بن الكريم بن الكريم صلوات الله وسلامه عليه (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربّي).  وأصول ما تداوى به علل النفس خمسة أشياء : أولا: تخفيف المعدة بقلة الطعام ثانيا: اللجأ إلى الله في السلامة مما يعرض عند عروضه ثالثا: الفرار من مواقف ما يخشى وقوع الأمر المتوقع فيه رابعا : دوام الاستغفار مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلوة واجتماع. خامسا: صحبة من يدل على الله وعلى أمر الله وهو معدوم. ويورد أحمد زروق تدعيما لما يذهب إليه كلمات الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه أوصاني حبيبي فقال: لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله ولا تجلس إلا حيث تأمن غالبا من معصية الله ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة الله ولا تصطف لنفسك إلا من تزداد به يقينا وقليل ماهم. وقال رضي الله عنه: من دلك على الدنيا فقد غشك ومن دلك على العمل فقد إتعبك ومن دلك على الله فقد نصحك. وقال أيضا رضي الله عنه: اجعل التقوى وطنك ثم لا يضرك مرح النفس ما لم ترض بالعيب أو تصر على الذنب أو تسقط منك الخشية بالغيب. ما أروعها من كلمات وما اشد نفاذها إلى القلب وما اعرف صاحبها بأحوال الأنفس، إنها كلمات قريبة عهد من الله. والرضا بالعيب والإصرار على الذنب وسقوط الخشية بالغيب هذه الثلاث هي أصول البلايا والعلل والآفات وذلك موجب لخمسة أشياء: أولا: إيثار الجهل على العلم ثانيا: الاغترار بكل ناعق ثالثا: التهور في الأمور رابعا: التغرر بالطريق خامسا: استعجال الفتح دون شروطه وذلك موجب لخمسة أشياء هي: أولا: إيثار البدعة على السنة ثانيا: إتباع أهل الباطل دون أهل الحق ثالثا: العمل بالهوى في كل أمر قل أو جلّ رابعا: طلب الترهات دون الحقائق خامسا: ظهور الدعاوي دون صدق ويحدث تبعا لذلك خمس: أولا: الوسوسة في العبادات ثانيا: الاسترسال مع العادات ثالثا: السماع والاجتماع في عموم الأوقات رابعا: استمالة الوجوه بحسب الإمكان خامسا: صحبة أبناء الدنيا حتى النساء والصبيان اغترارا بوقائع القوم وذكر أحكامهم ومن تحقق عرف ان الأسباب رخصة الضعفاء والمقام بها بقدر الحاجة من غير زائد وان العوائد أدوية وقيام بحق الحكمة فلا يسترسل معها إلا بعيد عن الله عزّ وجل وان السماع رخصة المغلوب أو الكامل وهو انحطاط في بساط الحق إذا كان بشرطه من أهله في محله وأدبه وأن الوسوسة بدعة أصلها جهل بالسنة أو خبال في العقل وأن التوجه لإقبال الخلق إدبار عن الحق لاسيما قارئ مداهن أو جبار غافل أو صوفي جاهل وان صحبة الأحداث ظلمة وعار في الدنيا والدين وقبول إرفاقهم أعظم وأعظم وقد قال الشيخ أبو مدين رضي الله عنه: (الحدث من لا يوافقك على طريقك وان كان ابن سبعين سنة). يقول الشيخ زروق : الحدث هو الذي لا يثبت على حال ويقبل كل ما يلقى إليه فيولع به وأكثر ما نجد هذا في أبناء الطريق وهم الطوائف وطلبة المجالس فاحذرهم بغاية جمعك. وكل من ادعى مع الله حالا ثم ظهرت منه إحدى خمس فهو كذاب أو مسلوب وهي: أوّلا: إرسال الجوارح في معاصي الله ثانيا: التصنع بطاعة الله ثالثا: الطمع في خلق الله رابعا: الوقيعة في أهل الله خامسا: عدم احترام المسلمين على الوجه الذي أمر الله وقل ما يختم على الإسلام.  وشروط الشيخ الذي يلقى إليه المريد نفسه خمسة هي : أولا : علم صحيح ثانيا: ذوق صريح ثالثا: همة عالية رابعا: حالة مرضية خامسا: بصيرة نافذة  ومن فيه خمس لا تصح مشيخته وهي : أولا: الجهل بالدين ثانيا: إسقاط حرمة المسلمين ثالثا: الدخول فيما لا يعني رابعا: القيام بحقوقه حسب الإمكان بلا تقصير خامسا: عزل عقله وعلمه ورياسته إلا ما يوافق ذلك من شيخه. ويستعين على ذلك بالإنصاف والنصيحة وهي معاملة الإخوان ان لم يكن شيخا مرشدا وان وجد ناقصا عن شروطه الخمس اعتمد على ما عمل فيه وعومل بالأخوة في الباقي والحمد لله رب العالمين.  وآداب المريد مع الإخوان خمسة هي: أولا: إتباع الأمر وان ظهر له خلافه ثانيا: اجتناب النهي وان كان فيه حتفه ثالثا: حفظ حرمته غائبا وحاضرا وحيا وميتا. رابعا: إتباع الهوى في كل شيء خامسا: سوء الخلق من غير مبالاة انتهت أصول الطريقة الشاذلية للإمام العالم أبي العباس احمد زروق وقد أوردتها كاملة غير منقوصة تعميما للفائدة وإرشادا للسالكين لطريق ربّ العالمين عسى الله أن ينفع بها من يطلع عليها وهي لوضوحها ويسر عباراتها لا تحتاج إلى توضيح وتبيين أو تعليق وقد وجدتها في آخر كتاب (قوانين حكم الإشراق) الذي صنفه الشيخ جمال الدين محمد أبي المواهب الشاذلي رحمه الله وهي كما يرى القارئ لا تخرج عن إطار الكتاب والسنة يجد عليها من يريد ان يشرحها الأدلة والبراهين من الكتاب والسنة وصحيح الآثار وهي خاصية للطريقة الشاذلية .



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.