قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة


يقف حجيج بيت الله الحرام على عرفات بعد أن اجتمع شملهم وقدموا على ربهم ضيوفا للرحمان جاؤوا من كل فجّ عميق وكلهم يرددون (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك) وقد لبسوا ثياب الإحرام لا فرق بين ابيض واسود وعربي وعجمي وفقير وغني كأنهم في يوم الحشر يرجون من ربهم الرحمة والغفران وقد وعدهم بذلك وهيا لهم في هذا اليوم المبارك، يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة (والحج عرفة) أن تغفر ذنوبهم وتمحى سيئاتهم فيخرجون منها كيوم ولدتهم أمهاتهم كرما وجودا وإحسانا من رب العالمين الذي يباهي بحجيج بيت الله الحرام ملائكته الذين يتنزلون لشهود حجيج بيت الله الحرام هؤلاء الشعث الغبر الذين تركوا الأوطان والأموال والأهل والعيال يشدهم إلى تلك البقاع المقدسة الرغبة الصادقة في التوبة والإنابة والعودة إلى الله الذي هو قريب منهم (وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني). انه سبحانه وتعالى سميع مجيب فقد قال جل من قائل (وقال ربكم ادعوني استجب لكم). فمهما ادلهمت الأجواء ومهما ضاقت السبل فإن الله سبحانه وتعالى لا يعجزه أن يجيب عبده الواقف بين يديه المتذلل له يقول جل من قائل (أم من يجيب المضطر إذا دعاه). إن (الدعاء سلاح المؤمن) وهو (مخ العبادة) وقمة العبودية وهو مظهر الافتقار إلى الله وفي الافتقار إلى الله عز لا يساويه عز. إن من يلهمه الله تبارك وتعالى الدعاء فقد هيأ له الإجابة مسبقا. ولا يخرج الدعاء الذي يدعو به العبد عن تعجيل الإجابة أو دفع بلاء لا يراه الداعي أو ادخار الإجابة إلى الدار الآخرة. * إن أمر من يدعو الله ويتضرع إليه كله خير، إن عليه فقط أن يخلص في دعائه ويخشع فيه وأن يدعو بخير ثم يسلم الأمر لربه جل وعلا فهو العليم وهو السميع وهو البصير وهو اللطيف وهو الرحيم وهو الحكيم، انه يستجيب لعبده في الوقت الذي يريد وفي الأمر الذي يريد ولا راد لمشيئة الله. * وما على العبد المؤمن إلا أن يدعو ويتضرع وعليه أن لا يمل من الدعاء وأن لا يعجل وعليه أن لا يقنط من رحمة الله (انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) وكيف ييأس أو يقنط من يتلو قول ربه جل وعلا (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم). * وعلى المسلم وهو يدعو ربه أن يتحرى أسباب الإجابة وأوقاتها ومن أسبابها أن يدعو المسلم بإنابة بعد توبة واستغفار وأن يكون ذلك عقب القيام بطاعة من الطاعات (على اثر أداء الصلوات أو عند الإفطار من صيام أو في الثلث الأخير من الليل وفي أيام وليال مباركة كيوم الجمعة وليلة الجمعة والعشر الأواخر من رمضان وليلة القدر والعشر من ذي الحجة وهي هذه الأيام التي تظلنا هذه الأيام المباركة. * ومن أفضل الدعاء وأعظمه وأرجاه للإجابة الدعاء يوم عرفة فقد ورد في الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة). فبعد أداء صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم وتقصير ليقع التفرغ على اثر ذلك للدعاء والضراعة إلى الله بكل ما يفتح به الله على عبده المؤمن في ذلك المقام العظيم والمشهد المبارك الذي تغشى فيه الملائكة حجيج بيت الله الحرام بالسكينة والطمأنينة والراحة النفسية فتتصل في عرفات يوم عرفة الأرض المباركة بالسماء التي يفتح الله أبوابها على مصراعيها. وما أروعها وأجملها من ساعات مباركة. وتعميما للفائدة نورد للقراء بعض ما يمكن إن يدعى به الله في هذا اليوم المبارك، يوم عرفة سواء هناك في عرفات أو حيث ما وجد المسلم. إلهي أنت تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سريرتي وعلانيتي، ولا يخفى عليك شيء من أمري. إلهي أنا المقر بذنوبي، المرتهن بأعمالي، المعترف بسيئاتي. إلهي أنا الأسير بإساءتي، المتهوك في خطيئتي، المتحير عن قصدي، المنقطع عن حجتي، فاهدني وكن دليلي، وخذ بيدي. إلهي أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين وابتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وادعوك دعاء الخائف الضرير، دعاء من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عبرته، وذل لك خده، ورغم أنفه. دعاء من أتى لرحمتك راجيا، ولنفسه ظالما، وبجرمه عالما. دعاء من جمت عيوبه، وكثرت ذنوبه، واشتدت فاقته. دعاء من لا يجد لذنبه غافرا سواك، ولا لكسره جابرا إلا أنت، ولا لمأموله معطيا غيرك. إلهي، لا تجعلني بدعائك ربّ شقيا، وكن بي رؤوفا رحيما، يا خير المسؤولين، وأكرم المعطين. إلهي، بسطت يدي إليك بسطة المتضرع الراغب الراهب بالمسكنة إليك، الفقير إلى ما عندك، اللاهف إلى جودك، ولذت بك لياذ المستجير بك إليك، المسكين إلى عفوك، موقنا أني إن أحجب من فضلك لم أجد مجيرا غيرك. سبحانك لا اله إلا أنت، لا يغفر الذنوب غيرك، ولا يصرف المكروه إلا أنت. إن رددتني-سيدي-فإلى من تكلني؟ وإن أعرضت عني فإلي من تسلمني؟ وان قطعت أسبابي فمن يصلها؟ إلهي، إن كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي. إلهي، إن دعاني إلى النار نسيان عقابك، فقد ناداني إلى الجنة حسن ثوابك. إلهي، إن كانت الخطايا أوحشتني من محاسن لطفك فقد آنستني الرحمة من مكارم عطفك. إلهي، إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك فقد أيقظتني المعرفة بكمال آلائك. إلهي، لم اسلك-على حسن ظني بك- قنوط الآيسين، فلا تبطل صدق رجائي فيك بين الآملين. إلهي، إن ذنوبي جلت، وهي في جنب عفوك يسيرة، وها أنا خاضع مشفق، مقر على نفسي بالتقصير، فلك الحمد حين عرفتني ذل عجز وقبح عملي حتى اعترفت، وعرفتني عز سلطانك حتى خضعت، فيا من أقررت بالذنب لكرمه، وخضعت بذلي لسلطانه، ما أنت صانع بي؟ فوعزتك وجلالك ما تزيد حسناتي في سلطاني، ولا تؤثر إساءتي في مملكتك، ولا ينقص من خزائنك ما أعطيتني، ولا يزيد فيها ما حرمتني، فإن تعفُ فأهل لذلك أنت وان تعذّب فأهل لذلك إنا. إلهي، قد كان من تقصيري ما علمته، ومن مظالمي ما قد أحصيته، وكم من كرب نجيتني منه، ومن غم جليته عني، ومن هم فرجته، ودعاء استجبته مني، وشدة قد نفستها وأزلتها عني، منك النعماء وحسن الآلاء، ومني الجفاء وطول الأمل والتقصير عن أداء شكرك، فلم يمنعك من عطائي وقضاء حاجتي ما تعرفه من ذنوبي وتعلمه من تقصيري. إلهي، فاني ادعوك راغبا، وانصب لك وجهي طالبا، وأمرغ لك خدي مذنبا راهبا، فتقبل دعائي، وارحم ضعفي. إلهي، مالي منقلب عنك، ولا ذهاب عن بابك. أنا المضطر الذي تكفلت بإجابته، وذو السوء الذي وعدت أن تكشفه عني، وأولى الأشياء بكرمك، وأشبه الأمور بعظمتك رحمة من استرحمك، وغوث من استغاث بك، وقبول من تضرع إليك، والإحسان إلى من حل بساحة كرمك، فارحم-اللهم- تضرعي إليك، فقد طرحت نفسي لديك. جودك عليك دلني، وإحسانك فيما لديك أطمعني. إلهي، قد أعيتني الحيل، وأتعبتني المطالب إلا عندك، وضاقت المذاهب وانسدت الطرق إلا إليك، وخاب الأمل وانقطع الرجاء إلا منك، وخابت الشقة واختلفت الظنون إلا فيك، فارحم-اللهم- ضعفي وقلة حيلتي وتحيري. إلهي، لولا ما أؤمله من عفوك الذي شمل كل شيء لألقيت نفسي إلى التهلكة، ولو أن عبدا استطاع الهرب من ربه لكنت أحق بالهرب منك، لكن لا يعزب عنك مثقال ذرة، وها أنا واقف بين يديك طالب منك، ضارع إليك، فاغفر-اللهم-زلتي، وأقلني عثرتي، وأحسن مثواي في دنياي وآخرتي. إلهي، إن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني؟ وان رفعتني فمن ذا الذي يضعني؟ وقد علمت انه ليس في حكمك ظلم، ولا لنقمتك عجل إنما يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد تعاليت عن ذلك وتقدست. إلهي فكما أنعمت عليّ، وجعلتني من امة محمد صلى الله عليه وسلم فوفقني للقيام بسنته وأوامره ونواهيه. وارزقني رؤيته، ولا تحرمني بركته، وتوفني على ملته، واحشرني في زمرته، وأدخلني تحت لوائه، واسقني بكأسه من كفه مشربا هنيئا سائغا لا أظمأ بعده أبدا. اللهم اجعله لي شافعا، مشفعا متوسلا لي، برحمتك وغفرانك يا ارحم الراحمين. إلهي أوجب لي بالإسلام مذخور هباتك، واستصف ما كدرته الجرائم مني بصفو صلاتك! إلهي بأي عمل عملته في رضاك ينطق لساني، وبأي حسنة سبقت مني إليك ارفع أمنيتي، إلا أن الرجاء من رحمتك وكرمك يقربني يا من سبقت رحمته غضبه، وقلت، وقولك الحق: نبّىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم (سورة الحجر، الآية:49) وأنا من جملة عبادك المقرين بوحدانيتك، وقلت وأنت اصدق القائلين: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم (سورة النساء، الآية:747). وأنا شاكر لك ولنعمتك مؤمن بك وبوحدانيتك، وقلت سبحانك: يا عبادي الذين اشرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله (سورة الزمر، الآية:53) وأنا المسرف المتعدي المتجاوز، المقر بذنوبي. إلهي إليك خرجت، وبفنائك أنخت، وبساحتك حللت، ولبيتك الحرام حججت، وأنت خير من وفدت إليه الرجال، وصرفت نحوه الآمال، وشدت إليه الرحال. اللهم لكل ضيف قرى، ولكل وفد ضيافة، ولكل زائر كرامة، ونحن وفدك وأضيافك فاجعل-اللهم-قرانا منك الجنة. اللهم انك ندبت أغنياءنا إلى الصدقة على فقرائنا وأنت الغني ونحن فقراؤك المذنبون، وأنت أولى بالكرم فتصدق علينا بمغفرتك، وندبتنا إلى عتق ما ملكت أيماننا، ونحن عبيدك المساكين، وأنت أولى بذلك فاعتق اللهم رقابنا من النار، وأوسع علينا من الرزق الحلال واكفنا شر فسقة الجن والإنس. اللهم اجعل في قلوبنا نورا، وفي أسماعنا نورا، وفي أبصارنا نورا. اللهم اشرح لنا صدورنا ويسر لنا أمورنا. اللهم إنا نعوذ بك من وساوس الصدور، وشنار الأمر وفتنة القبر ومن شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح، وشر بوائق الدهر. اللهم اهدنا بالهدى، واعصمنا بالتقوى، ويسرنا لليسرى وجنبنا العسرى واغفر لنا في الآخرة والأولى. اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا مما نقول لك صلاتنا ونسكنا ومحيانا ومماتنا واليك مآبنا ولك رب تراثنا. اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم. ونسألك الجنة، وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك-يا رب-من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ونسألك من كل خير سالك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من كل شر استعاذ منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم ونسألك إذا ما قضيت لنا من أمر أن تجعل عاقبته رشدا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وعلى جميع أنبيائك وعبادك الصالحين من أهل السماوات وأهل الأرضين آمين آمين.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.