في معنى التسامح وتجذره في الإسلام
لا نأتي بالجديد عندما نقول إن الإسلام دين التسامح هذا التسامح الذي يتجاوز ميدان الأفكار والآراء إلى المعتقدات حيث أعلن الإسلام بكل صراحة ووضوح أن (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) فالحرية والإرادة الشخصية هي حجر الزاوية في الإيمان وعدم الإيمان، ولا سبيل إلى الإكراه والإجبار، فحتى صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم يخاطبه ربه بقوله جل من قائل (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) وقوله (لست عليهم بمسيطر) إلى غير ذلك من الآيات الصريحة في النهي الشديد عن الإرغام والإجبار. إذ الإيمان في منطلقه وحجر زاويته علاقة خفية بين الله وعبده، الله الذي لا تخفى عليه خافية والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور. وتاريخ المسلمين يشهد بأنهم لم يجبروا أحدا على اعتناق الإسلام بل ظل والى اليوم بين ظهرانيهم عشرات ومئات الآلاف من غير المسلمين من اليهود والنصارى يعيشون في امن وطمأنينة لا فرق بينهم وبين بقية المسلمين. وحتى حركة الجهاد لم تكن عدوانا ولا تسلطا أو إراقة للدماء وإزهاقا للأرواح البريئة فقد كان يعرض على الشعوب التي تتوجه إليها حركة الجهاد: * الدخول في الإسلام ليصبحوا لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين * البقاء على أديانهم ودفع الجزية لبيت مال المسلمين مقابل ما يدفعه المسلمون من زكاة * أو النهاية القتال في ساحة القتال وذلك لوقوفهم في وجه الدعوة الإسلامية التي ينبغي أن تبلغ الناس أجمعين على مختلف أجناسهم وألوانهم. لكن الذي ينبغي أن ينتبه إليه كثير من المستدلين بآية (لا إكراه في الدين) انه لا يجوز للمسلم أن يتلفظ أو يأتي ما ينقض عرى الدين أو ينكر معلوما من الدين بالضرورة. نعم في إطار الإسلام وفي داخله يمكن للمسلمين أن يختلفوا في الرأي في ما بينهم ولكن لا يمكن أن يصل الأمر إلى درجة جعل الإسلام اسما بدون مسمى: لا عقيدة ولا عبادة ولا حرام والاستظلال بآية (لا إكراه في الدين).