في سبيل مواجهة مخاطر العنف الذي يتهدد الفرد والأسرة والمجتمع

في سبيل مواجهة مخاطر العنف الذي يتهدد الفرد والأسرة والمجتمع


تجتاح العالم موجات من العنف والتحلل من القيم الأخلاقية والدينية أبطالها شباب في مقتبل العمر امتلؤوا قوة وفتوة واندفعوا في طريق التقويض والتحطيم والتخريب والتقتيل وسفك الدماء لا يسلم منهم الصغير ولا الكبير ولا الذكر ولا الأنثى. والشيء الخطير في هذه الظاهرة المفزعة هو استشراؤها في كل جهات المعمورة وبالخصوص البلدان المتحضرة والمتقدمة في أروبا وأمريكا!!! واتخاذ هذه الجماعات العنف شرعة لهم ومنهاجا يجدون في إتيانه لذة وسعادة لا توصف وسعيهم لاتخاذ العنف والتحطيم والعدوان إيديولوجية ينظّرون لها ويفتعلون لها المبررات من اجل تسويغها وقبولها!! وخطر هذه الظاهرة التي لفتت انتباه المحللين والدارسين والمراقبين حتى خصصوا لها الدراسات وكتبوا عنها التحقيقات الصحفية المصورة والموثقة تجاوز البلدان المتحضرة المتقدمة!! إلى البلدان السائرة في طريق النمو ومنها البلاد العربية والإسلامية لان هذا العالم انمحت بين أقطاره الحدود بحكم تطور وسائل الإعلام والاتصال فلم يعد من هو في مأمن من هذا الخطر الداهم. إن العنف الشبابي في بلاد الغرب مفزع ومخيف وهو يتوجه أول ما يتوجه هناك إلى المغتربين من العمال والطلاب والأطفال الذين ألجأتهم ظروف الحياة الصعبة إلى الهجرة إلى بلاد الغرب. فضحايا هذه الحركات العنيفة اغلبهم من المهاجرين يقتلهم أولئك الوحوش البشرية الشرسة بدوافع عنصرية قذرة تغذيها الحركات النازية والفاشية والصهيونية والصليبية مما يستوجب على بلدان الأصول أن تنسق فيما بينها من اجل التفكير في حلول عملية لمشكلة العنصرية المتوحشة التي تتهدد عشرات ومئات الآلاف من هؤلاء ولا يزال رد الفعل الرسمي نحوها محتشما غير متماش مع خطورة وآثار هذا الحركات المخربة التي وان بدأت بالأجانب والمغتربين فإنها لن تقف عند ذلك الحد بل ستتجاوزه إلى تقويض كل ما تفخر به أروبا وأمريكا من مؤسسات ومواثيق وتقاليد حضارية وإنسانية تعتبر من أرقى ما توصل إليه العقل البشري عبر تاريخه الطويل ولكنها مكاسب تتهددها هذه الحركات العنصرية المتوحشة التي لا مبرر لظهور واستشراء دائها سوى عقم المنهج التربوي والاجتماعي والأخلاقي والسياسي الذي بنى عليه الغرب صرح حضارته التي تقدمت وحققت والحق يقال في مجال الإبداع والابتكار والاختراع المادي الآلي التكنولوجي ما لم تحققه البشرية في أي زمن من أزمانها السابقة ولكنها أخفقت في مقابل ذلك في ميادين التربية والتكوين والتوجيه والتعامل مع الإنسان في مختلف مراحل حياته: طفلا وشابا وكهلا وشيخا. وأخفقت في تكوينه ورعايته في الأسرة والمجتمع حتى بدا اليوم تربة خصبة لمثل هذه الدعوات الهدامة والمخربة والتي تنذر إن تواصل استشراؤها بخطر داهم ومدمر سيأتي على الأخضر واليابس في كل مكان من العالم. فما بين أيدي هذا الشباب الجامح المتعطش إلى سفك الدماء وقتل الآخرين أسلحة فتاكة تهدد الجميع. إن في المنهج الغربي خللا واضحا يراه كل ذي بصيرة ويلاحظه كل عاقل ألا وهو التوجه نحو المادي والمادي فقط من الإنسان والحال أن في الإنسان ثنائية متلازمة هي الجسد والروح بدونهما لا يسمى الإنسان إنسانا. ولكننا ونحن ننقد المنهج الغربي لا يجوز لنا أن نقدم الوصفات من موقعنا الحالي الذي هو موقع الضعف والتخلف والاختلاف والتبعية والتقليد بل إن المنطق يفرض علينا أولا أن نعتبر بما نراه أمام أعيننا ونتأكد أن سبيلنا في بناء مجتمع متوازن متآخ ومتعاطف هو غير سبيل الغرب اللهم إلا إذا أردنا أن نقع في نفس المأزق والمصير الذي هو فيه الآن. إن علينا أن نلتفت إلى قيمنا ومثلنا وما صلح من عاداتنا لنصوغ من كل ذلك منهجا ملائما للتطورات المادية الحضارية ويجنبنا في الآن نفسه الاهتزازات. إنها قضية تلاحقنا وتفرض علينا نفسها منذ عقود ونحن نتهيب التعمق فيها واتخاذ الموقف الصارم والواضح منها بغير هذا المسلك: مسلك اختيار المنهج الملائم لمحيطنا وتاريخنا وقيمنا والواضع في اعتباره مستجدات العصر فلن نامن على مجتمعنا من الهزات العنيفة المتطرفة المتشكلة بعديد الإشكال والتي تتخذ أزياء ومسميات مختلفة ومتناقضة من الإباحية المتحللة المستهترة مرورا بالرفض والكراهية ووصولا إلى التعصب والانغلاق المطلق وكل تلك افرازات لفشل ذريع في مناهج التكوين والتوجيه والإرشاد وخلل واضح يحتاج إلى مراجعة جذرية سريعة تعتمد الوسطية والاعتدال والتفتح والأصالة والتسامح والتآخي ورحابة الصدر وهي القيم الكفيلة ببناء المجتمع المتحضر فعلا والمتقدم حقا.



الكلمات الشائعة

 

الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

خريج جامعة الزيتونة كلية الشريعة قسم الفقه وأصول الفقه : الليسانس وشهادة الدراسات المعمقة في موضوع : شروح الموطأ باحث بجامعة أكسان برفانس مرسيليا فرنسا من 2001-2002 إلى 2008-2009

الكلمات الشائعة

العنوان

28 نهج جمال عبد الناصر –تونس
+216 71 43 21 33
+216 71 32 71 30

الاسلام: حقائق وأعلام ومعالم

موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي عضو المجلس الإسلامي بتونس وخريج جامعة الزيتونة (كلية الشريعة وأصول الدين) يتضمن تعريفا بالشيخ والده الحبيب المستاوي رحمه الله وهو احد علماء الزيتونة ودعاة الإسلام حيث سيجد المتصفح لهذا الموقع فقرات من أعماله.